الذهب تحت رهن من يبدأ أولا

" إن الخطوة الأولى نحو الوصول هي اتخاذ القرار"JP Morgan  

يتميز منتصف الشهر الأخير ومنتصف الشهر الأول من كل سنة بهدوئه المخيف ، وهو يسمى على رأي نخبة من مستشاري المحافظ الاستثمارية بشهر العطلة و القرار كون الفئة الأكبر من مدراء المحافظ تميل إلى أخذ إجازة في منتصف شهر ديسمبر وحتى بداية  شهر يناير في السنة الجديدة ثم يليها فترة توزيع الأرباح و الجرد ولهذا قد نرى انحسار في الحركة السعرية نتيجة لعدم وجود السيولة التي تحرك الأسواق ، وعلى رأي داو مؤسس نظرية داو لحركة الأسواق، بأن اتجاه السنة يبدأ بقرار التاجر الأكبر عندما يقرر أين ستكون السيولة ، ثم يتبعه الرواد ، ومن بعدهم الهواء فالقطيع.

الإحصائيات وعادة صانع السوق

تشير الإحصائيات التي أجريناها بالتعاون مع خبراء الإحصاء باستخدام مؤشرات الفوليوم للأعوام المحصورة ما بين 1985 وحتى 2020، أن السيولة لا تدخل دخولاً حقيقياً للسوق حتى نهاية النصف الأول من شهر يناير، وقد لا نرى لها أثر حتى نهاية الشهر الثاني ، لذلك عليك أن تعلم أن أي محاولة للتنبؤ بالسعر قبل مضاء أول أسبوع من السنة هو دراسة أرقام مجردة من السيولة ، أرقام تسمى فنياً باردة أي لا أثر فني لها.

آخر التطورات الفنية

ختمت سنة 2023 ، أسعار الذهب على ارتفاع جديد حيث أغلقت عند 2062 ، ولكن مع بداية 2024 ، وحتى لحظة كتابة المقال انخفض سعر الذهب ما يقارب 2% ليتداول عند 2020 ، وطريقة دخول السيولة حتى هذه اللحظة إلى الأسواق توحي أن سنة 2024 ما زالت تحمل للذهب المزيد من المفاجآت ولكن هذه المرة من العيار الثقيل.

أهم الأخبار وانعكاسها على السعر

إن ما يميز الذهب عن غيره من الأصول هو الاستجابة السريعة للمحيط، حيث يرتفع في ظل الأزمات، الخوف، والانهيارات الاقتصادية، ويحافظ على لمعانه في ظل أسوأ فترات التضخم، ليكون السعر هو نتيجة لعناصر الاستقرار المتمثلة ب:

• الحالة الاقتصادية في الولايات والتي تنعكس من خلال نسب البطالة والتضخم.

• حالة الميل نحو الحروب الدولية من قبل الحكومات.

حقيقة عام 2024

إذا قلنا إن سعر الذهب ما هو إلا انعكاس لعناصر الاستقرار  فإن حقيقة الأخبار التي ننتظرها في عام 2024 تحمل في طياتها الكثير من الأمور التي وبغض النظر عن نتيجتها تؤدي إلى البعد عن الاستقرار ( أي إن كانت ستؤول إلى استقرار ، فإن الطريق نحو الاستقرار غير مستقرة ) وهذا بحد ذاته يدفع إلى بقاء الأسعار أعلى من معدلاتها الطبيعية ( حيث أن المعدل الطبيعي لسعر الذهب وفقا VWMA  هو 1980 ) ، علماً أن سنة 2024 تحمل لنا:

·الرهن على خفض أسعار الفائدة من قبل السوق، في ظل بقاء الفيدرالي في تخوف من نسب التضخم، التي ما زالت مرتفعة حتى هذه اللحظة ، فما إن يقوم الفيدرالي بخفض سعر الفائدة حتى يحصل انفجار سعري للذهب عارضاً قيمته الحقيقية ، ولنكن واقعيين إن نسب التضخم على رغم من ارتفاعها إلا أنها تعد ضمن المعدل الطبيعي للأرقام المرتفعة ما يجعل التنبؤ بتثبيت سعر الفائدة هو الخيار الأكثر ترجيحاً على الرغم من أن الوصول لهذا القرار قد لا يكون بهذه البساطة.

·حالة الميل إلى الحروب من قبل الدول العظمى ارتفعت خلال السنوات الثلاث الماضية بنحو الضعف، على الرغم من أن الميل نحو الحروب لم يترفع منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وهذا أيضاً يجعل الفئة الأكبر من المحافظ بتخوف من وجود استقرار ، أو تخوف من توسع الحرب ما بين روسيا  - أوكرانيا لتصل إلى دول لها محرك أكبر مثل الولايات أو توسع الحرب في الشرق الأوسط.

·أزمة سقف الديون الأميركية حتى هذه اللحظة لم تعالجها حكومة بايدن ، في ظل ترقب الانتخابات علماً أن فترة الانتخابات هي أكثر الفترات تقلباً.

الخلاصة:

إن الفترة القادمة حقيقة مرهونة بمن يبدأ أولاً، فإذا بدأ الفيدرالي في اتخاذ إجراءات الفائدة سنرى استقرار لا هبوط لأسعار الذهب ، وبحال كان هناك فتيل حرب سنرى ارتفاع جنوني لأسعار الذهب خصوصاً أن الحروب يليها خفض لسعر الفائدة من أجل تجنب مخلفات الحرب لذا يمكن القول أننا نميل من حيث التحليل الأساسي لتصريح عن كون الأسعار مستقرة أعلى معدلاتها الطبيعية 1985 مائلة إلى الصعود نحو 2100، وقد يكون الصعود  كبير يستهدف 2200 بحال حدث طارئ.

التحليل الفني للسعر" إن أفضل المتداولين تطوروا تدريجاً إلى الرحلة التي آمنوا بها بدون أي صراع داخلي بأن السوق بيئة احتمالات ومن الممكن أن يحدث أي شيء "مارك دوجلاس في كتابه Trading the zone 

بالنظر فنياً على الشارت نلاحظ:

·آخر موجة سعرية صاعدة ( موجة إليوت رقم 3 ) لا بد من أن تصحح نحو 1985 ( من خلال إليوت رقم 4)  وفقا لمستويات فيبوناتشي.

 ملاحظة فنية: من الطبيعي جداً أن قاع الموجة الرابعة يلامس قمة الموجة الأولى من أمواج إليوت بالذهب (في السلع فقط) وهذا وفقاً لمدرسة جون مورفي (الصورة في الأسفل من أحد محاضراتنا توضح ذلك).

·تركزت نسب الفوليوم الأكبر ( مناطق الدخول لصناع السوق) ، وفقاً لاستقرار الفوليوم عند 1985 – 1970 وهذا يجعلها منطقة الانطلاق المستهدفة ، كون الفوليوم ينخفض بشكل ملحوظ أعلى 2000.

الخلاصة:

في مقالنا السابق بعنوان الذهب إلى قاع إعلامي نوهنا على أن فكرة الصعود واردة شرط أن يحدث تصحيح وها هو الآن التصحيح يحدث باستهداف 1985 ، وهذا ما يجعلها نقطة الشراء الأمثل  واستهداف مستويات مضاربة واستثمار نحو 2100 -2200.

شرط تحقق التحليل الفني:

إذا صحح السعر نحو 1985 – 1970 ثم أغلق أعلاها ثلاثة أيام متتالية تعني صعود خلال عام 2024 نحو 2100 ، وقد يستمر هذا الصعود نحو 2200 بحال تفاقمت الأمور من حيث التحليل الأساسي.

بحال عدم تحقق الشرط:

إن فشل الإغلاق أعلى 1985 ، أو فشل اكتمال التصحيح لا يعني الهبوط لأنه لا يوجد محفز للهبوط وهذا ما يجعل السعر مستقر بتداول عرضي ما بين 1985 – 2000.

أهم النصائح أثناء تعاملك مع الذهب

" السوق قد يتغير من فترة إلى أخرى ولكن هذا التغير لا يخرج عن النمطية التي اعتاد السوق أن يتصرف بها، وبما أننا نعرف سلوك البشر أثناء التجارة، الخوف، والطمع لا بد أن نعرف سلوك السوق أيضاً، وإن لم تعرف السلوك فإننا نعرف النتيجة وأعتقد أن هذا كافي"أليكس نيكرتن في كتاب Naked Forex

1.لا تستخدم مع الذهب مؤشرات التشبع فهي لا تستطيع الوصول إلى مستويات الشراء والبيع الحقيقية ولذلك أعتمد مؤشرات الفوليوم من منصات تحليل عالمية.

2.اعتمد في تداولاتك على الذهب الشراء فقط ، فإن الذهب نادر جداً ما يحقق أرباح من البيع ( فكر كم مرة انهار فيها الذهب) ، وخصوصاً أن الذهب ميال للصعود أكثر ، وعلى هذا دوماً حدد متوسط سعر الشراء اليومي ، الأسبوعي والشهري وحدد افضل فرص الشراء من خلال تحديد سعر الشراء المثالي فمثلاً في مقالنا حددنا أن صانع السوق دخل عند 1985 – 1970 لذا هذا هو السعر الجيد للشراء ومهما بدى أنه سيرتفع فإن الشراء أعلى من هذا السعر يعد تهور لا صفقة مدروسة .

3.الذهب لا يحب أن تعامله كرقم دون سبب أي ابحث عن السبب في التحليل الأساسي قبل البحث عن الأرقام في التحليل الفني

4.الذهب يحب التجار لا المحللين الذين يعاملون السوق على مبدئ رقم واحد  على سبيل المثال التاجر يقول لك أنه مستعد على الشراء من هذه المستويات و ما دون بحالتنا 1990 – 1950 و البيع بمستويات 2050- 2100 أي أنه يحدد عدة أرقام لا رقم واحد.

رأي المستشار

في الختام عزيزي القارئ سنة 2024 ، ستحمل للأسواق عموماً الكثير من المفاجآت وإني أرى أن الذهب أخذ نصيبه من الصعود خلال 2023 ليأتي الدور حالياً على الفضة التي تحمل صعود لا يقل عن 100% من سعرها الحالي ، ليبقى دورك عزيزي القارئ أن تقتنص هذه الفرص بما لديك من علم فلطالما كنت أخبرك أن السوق يحوي نخبة العباقرة ، خبراء الاقتصاد ، خبراء الإحصاء ،مبرمجي الذكاء الاصطناعي ، والمهندسين الماليين فهل تعتقد أنه يمكنك منافستهم على هذه الفرص بعلوم بسيطة ؟

المستشار المالي عمر جاسم آل صياح

تابع أهم المستجدات والتوصيات عبر الحساب الرسمي لنا على التويتر

X: @omarsyyah