يعتبر الذهب أحد أقدم الاستثمارات في العالم - ويُنظر إليه غالباً على أنه وسيلة للتحوط ضد خسائر السوق في أماكن أخرى - وهو يواصل اكتساب القيمة. هل سينخفض سعر الذهب خلال الأيام والأسابيع المقبلة بعد أن وصل إلى مستويات قياسية جديدة على الرغم من قوة سوق الأسهم والدولار الأمريكي؟ ما هي توقعات أسعار الذهب للسنوات الخمس القادمة؟ في هذه المقالة نلقي نظرة على بعض أحدث تحليلات الذهب وتوقعات أسعار الذهب لعام 2024 وما بعده من البنوك وكبار خبراء الصناعة؟
ارتفع اسعار الذهب بأكثر من 13٪ في الربع الأول من عام 2024 وبرز كواحد من فئات الأصول الأفضل أداءً. كان هذا الارتفاع مدفوعاً في المقام الأول بتوقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية وجاذبية المعدن كأصل ملاذ آمن.
يبرز خطر الركود الاقتصادي بشكل جلي في اقتصاديات كل من أوروبا والولايات المتحدة. على سبيل المثال، ارتفع عدد حالات إفلاس الشركات في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو بنسبة 18% و 30%على التوالي في العام الماضي.
في ألمانيا، إحدى الاقتصادات الرائدة في الاتحاد الأوروبي، أفلست 25% من الشركات في عام 2023 أكثر من عام 2022. وفي إنجلترا والسويد والدنمارك وفنلندا، تجاوز عدد الشركات التي أفلست في عام 2023 ذروة الأزمة المالية التي حدثت بين عامي 2008 و 2009.
تعود هذه المؤشرات من ناحية إلى ارتفاع أسعار الفائدة وتكاليف الاقتراض، ومن ناحية أخرى إلى إلغاء الدعم الحكومي المقدم خلال فترة جائحة كورونا. كما أن استمرار ارتفاع أسعار الطاقة له تأثير مباشر أيضًا على السعر.
على الرغم من مخاطر إغلاق الحكومة الأمريكية، واجهت حكومة البلاد صعوبة في التوصل إلى حل وسط بشأن الميزانية الفيدرالية البالغة 1.6 تريليون دولار لعام 2024.
أدى تضافر هذه العوامل إلى إفلاس العديد من الشركات. ووفقًا وكالة التصنيف الائتماني Moody's، سيستمر عدد الشركات التي ستعلن إفلاسها في الارتفاع خلال عام 2024.
من المهم أيضًا مراعاة وضع الدول الرئيسية المستوردة للذهب نظرًا لأن أكثر من نصف الطلب العالمي على الذهب يأتي من الهند والصين. من المعروف أن الاقتصاد العالمي وثيق الصلة بالجغرافيا السياسية. هذا عامل خطر آخر يؤثر على أسواق المعادن الثمينة، بما في ذلك الذهب. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي تدهور العلاقات الصينية الأمريكية إلى قفزات حادة في أسعار الذهب. كما يمكن أن تؤثر التغييرات المحتملة في سياسة العقوبات ضد روسيا أو الصين، والحروب التجارية، وعدم الاستقرار السياسي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على سعر الذهب أيضًا. وكذلك لا تنسَ الدول المنتجة الرئيسية، ولا تنسَ أيضًا الدول المنتجة الرئيسية للذهب، حيث تمثل الصين وأستراليا وروسيا وكندا ثلث إجمالي المعروض من الذهب المقوم بالدولار الأمريكي للأوقية.
هل هذا هو الوقت المناسب للاستثمار في الذهب؟
اكتسب الذهب، الذي يعتبر تاريخياً أحد الأصول الآمنة التي تحافظ على قيمته، مكانة بارزة بين المستثمرين في عام 2020 خلال الوباء غير المسبوق، محققاً مكاسب تصل إلى 40٪. وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، حققت أسعار الذهب مكاسب ما يقرب من 40٪، وما يقرب من 60٪ على مدى السنوات الخمس الماضية، وما يقرب من 500٪ على مدى السنوات العشرين الماضية.
ورغم أن هذا الأداء أقل موائمة مقارنة بمؤشر ستاندرد آند بورز 500، فإنه يتجاوز بسهولة العائدات المنخفضة إلى المتوسطة من رقم واحد للاستثمارات الأخرى غير الأسهم مثل السندات الحكومية وحسابات الادخار ذات العائد المرتفع. تتفوق عائدات الذهب على أفضل أسعار الفائدة على الودائع، خاصة على المدى القصير.
وفقاً لبنك جي بي مورجان (NYSE:JPM) تشيس، يمتلك المستثمرون ما يقرب من 3.3 تريليون دولار من الذهب، وهو ما يمثل حوالي 1.4٪ من القيمة الإجمالية لجميع الاستثمارات العالمية.
بالإضافة إلى إمكانية التعرض للمعدن الثمين عبر الذهب الفعلي أو عقود الذهب الآجلة
ومع ذلك، فإن السيناريوهات الأكثر شيوعاً هي تلك الخاصة بانهيار السوق الذي يغذي الطلب على النقد، أو عندما تتغلب الرغبة في تحقيق عوائد أعلى على مخاوف التضخم، أو عندما تكون الأسواق أكثر اهتماماً بالسيولة من فقدان القوة الشرائية، كما هو مفصل في قسمنا التعليمي أدناه.
على المدى المتوسط إلى المدى الطويل، من المتوقع أن تظل أسعار الذهب مدعومة بالرياح المواتية، مثل التوترات الجيوسياسية المستمرة في الشرق الأوسط، وحالة عدم اليقين في الاقتصاد الكلي، ومستويات التضخم المرتفعة تاريخياً. ويعتقد بعض المحللين أن هذه العوامل أدت إلى الشراء السيادي للمعدن الثمين.
ومع ذلك، بعد المكاسب الكبيرة التي حققتها في الأشهر القليلة الأولى من العام، قد تدخل أسعار الذهب مرحلة الترسيخ خلال الربع الثاني. وفي ضوء ذلك، يبدو من غير المرجح أن ترتفع الأسعار بشكل حاد في أي من الاتجاهين ما لم يحدث تغيير مفاجئ في ديناميكيات التضخم العالمي وتوقعات أسعار الفائدة.