"عندما تبدأ بالاستثمار في قطاع في المرحلة التي بدأ الإعلام فيها بالتسويق لهذا القطاع حينها عليك أن تعلم أنك تأخرت كثيراً"
Jermy seigal
عام 1999 وقبل عام تماماً من فقاعة الأنترنت التي انهارت على رأس 152000 أسرة تسببت في إفلاسها، يتصدر خطاب في أهم الصحف في الولايات المتحدة الأميركية، بريطانيا و ألمانيا، لورن بافيت تحت عنوان اشتري عندما يبيع الجميع لا العكس، في هذا الخطاب كان بافيت يحذر من فقاعة الأنترنت وأن الارتفاع الغير مبرر لأسعار أسهم الأنترنت قد يقود إلى كارثة، كما أن بافيت برر بالأرقام والأمثلة وطرح مثال شهير دون في كتاب المستثمر الذكي لبنجامين جراهام، وكذلك كتاب ما لا يستثمر به الأغنياء لروبرت كيوساكي ، ليشكل هذا الخطاب أهم قاعدة في أكاديمية الاستثمار
" عام 1920 كانت هناك طفرة كبيرة في صناعة السيارات وكان المستثمرين يقدمون بقوة و عنفوان عالي للاستثمار في قطاع السيارات، وعلى الرغم من أن هذه الصناعة غيرت مجرى حياتنا اليوم إلا أنه لم ينج من هذا الاستثمار إلا من بدأ في وقت باكر، أضف على ذلك أنه لم ينج إلا 7 شركات فقط من أصل 122 شركة، حققت 3 منها فقط العائد الأعلى من المتوقع، ولو كنت موجوداً في عام 1920 وأقدمت على الاستثمار في القطاع بفعل أن الجميع أقدم لا بفعل أن السوق سينمو حقاً، أي أنك ستقدم على السوق بذات الحماس الذي تريد الإقدام عليه اليوم على أسهم الأنترنت فإنك غالباً إذا لم يكن قطعاً مصيرك الإفلاس لأن السوق تشبع بمشاعر الطمع، وأعلم أنه عليك أن تشتري وقت الخوف لا وقت الطمع"
مقتطف من الخطاب
التاريخ يكرر نفسه دائماً ولكن بأسماء مختلفة
" لا يوجد شيء إلا وله نسخة مكررة في الماضي"
ميكافيللي
ضمن أحد اللقاءات الصحفية مع الملياردير الشهير إيلون ماسك تبين أن شركات سيارات كثيرة استثمرت في شركة السيارات الكهربائية Tesla مثل BMW (ETR:BMWG) ، أثناء بداياتها في الفترة ذاتها التي رفض عدد كبيرة من المستثمرين شراء أسهم Tesla، ولكنهم بدؤوا في شرائها حينما حققت نجاحاً إعلامياً 2020، وهنا نقول أن الاستثمار من قبل الشركات في Tesla بدأ عام 2016 وباعتها عام 2003 أي قبل ثلاث أعوام من بدء القطيع.
عام 2004 بدأ التوجه الكبير على الاستثمارات العقارية في الولايات المتحدة نتيجة أن العقارات بدأت ترتفع بمعدل يصل إلى 35%، وبأحد التصريحات الرسمية لصناديق الاستثمارات في الولايات آنذاك أن الاستثمار في العقار لديهم قد بدأ عام 2001 أي قبل ثلاث أعوام من بدء التوجه والبعض منهم قد توجه نحو البيع على المكشوف عام 2004 أي في ظل إقدام كبير من قبل القطيع على الشراء الذي أودى إلى أزمة الرهن العقاري وعلى رأي الصحفي ميخائيل في كتابه The big short ، والذي ألف عنه Adam McKay فلم يروي أحداث القصة يقول أن الإقدام من قبل القطيع كان في ظل اللحظة التي كانت فيها المؤسسات المالية تفكر في البيع.
مبدأ السوق وفقاً لنظرية داو
" إن فهم بنية السوق، هو أول قاعدة استثمارية"
جون مورفي
تشارلز داو مؤسس مؤشر Dow ، وصديقه إدوارد جونز، يفسر السوق على أنه ثلاث مراحل، المرحلة الأولى هي المرحلة التي يقرر فيها صانع السوق القطاع الذي سيستثمر به وهنا تبدأ الأموال بالدخول إلى السوق فتتشكل كتلة فيتشكل بداية اتجاه وتعرف هذه المرحلة بصنع الاتجاه العام للسوق ويصعب اكتشافها، تليها المرحلة الثانية وهي مرحلة دخول المستثمرين على بواكر الاتجاه فيما بعد أن يشكل صانع السوق الاتجاه وهذه مرحلة تسهل اكتشافها شرط ألا ترى بمنظور الإعلام وإنما بنظور الأرقام، تأتي المرحلة الثالثة والأخيرة وهي المرحلة التي يلاحظ فيها الجميع أن الاتجاه قد بدأ فيدخل الإعلام ثم القطيع وهنا تماماً يعمل صانع السوق على خطة عاجلة للخروج فترتفع نسب الخوف عند المستثمرين الذين دخلوا فيما بعد وتصل نسب الطمع أوجها عند من دخلوا بدافع الإعلام وهذه المرحلة يصعب جداً اكتشافها لكثرة تضارب الآراء فيها، ولأنها غالباً تأتي على حين غفلة.
أثر دخول الإعلام على الأسواق
إن دخول الإعلام على السوق أمر مفروغ منه فهو حق طبيعي لهم فهذا ما يشكل لهم مادة إعلامية ولكن وفقاً لتسلسل الأحداث في الاقتصاد السلوكي فإن هذا يشكل دافع لدى القطيع، مما يحثهم على الدخول إلى السوق فيدخل إلى السوق من هو غير مؤهل بنسبة كبيرة للسوق، وهذا على رأي جورج سوروس أنه ليس سيئا بقدر ما هو الأسوأ أن يدخلوا وهم يحملون مشاعر الخوف من فقدان الفرص (FOMO)، فيتشبثون في كل نقطة صاعدة فتصبح الرؤية جداً ضبابية لصانع السوق.
أثر دخول القطيع على الأسواق
مورجان هوسل في كتابه psychology of money، يوضح أن سبب كل فقاعة اقتصادية تعود إلى دخول القطيع إلى السوق، وهذا لكونهم يعكسون مشاعر متنوعه ومشتتة ولكونهم عاطفيون في قراراتهم يدافعون عن استثماراتهم بشراهة وشجاعة غريبة لدرجة قد تثير الدهشة لصانع السوق وهذا تماماً ما يجعل صانع السوق يخرج ولكن بعد خطة محكمة بحيث لا يؤثر هذا الخروج عليه.
الحل إذاً
حقيقة أن السوق مخيف هي حقيقة لا يمكن إنكارها بالمطلق، وهذا على رأي فئة من أكبر أباطرة الاستثمار، ومن لا يراه مخيفا هو لم يدرك بعد ما الذي يجري خلف الكواليس ولم يتعرف على التاريخ جيداً، فأزمة الرهن العقاري أدت لإفلاس 152000 أسرة، وفقاعة الإنترنت بخرت المليارات في حين كان يأمل المئات بالثراء الذي وعدهم به الإعلام، وفكرة أن هناك فقاعة تتشكل ثم تنهار هي حقيقة ستتكرر فهي الموسيقى التي عمل عليها السوق لسنوات والموسيقى التي سيكررها إلى الأبد وهذا لكون الأهداف من المشاركة في السوق لن تتغير وبالتالي السلوك لن يتغير أي النتيجة و السيناريو ذاته في كل مرة لذا لابد عليك كمتداول محنك ومستثمر مخضرم اتباع ما يجعلك ضمن المرحلة الأولى أو كأقصى حد الثانية.
كما استقرأنا من التاريخ لاحظنا أن صانع السوق يدخل في المرحلة التي لا يكون فيها التركيز على هذا القطاع واضح إعلامياً، ويخرج عندما يبدأ الإعلام يتكلم عنها على الرغم من أن السوق قد يحقق صعوداً قوياً، وهذا تماماً ما يشكل لدينا مجموعة من القواعد( سنتعمق فيها فيما بعد على التويتر الخاص بنا).
1. ابحث عن القطاع الذي قد يشكل قيمة حقيقة في المستقبل بناء على العرض والطلب لا التحليل الفني، وهذا كان واضحاً على الذهب مع بداية عام 2024 عندما تشكلت كميات شراء ضخمة جداً على سعر 1850 في حين كانت كميات البيع من قبل الأفراد على حسابات الفوركس كبيرة هذا التناقض
يعطيك إشارة على بدء مرحلة أولى.
2. عندما يدخل القطاع في مرحلة إعلامية تروج له على أنه فرصة جيدة جداً، وترى حديث استثماري في مكان ليس من المفروض أن يكن هنا تماماً أعلم أنك في مرحلة متأخرة من السوق وأن الآوان قد فات فلا بد من البحث عن القطاعات التالية وغالباً ستكون القطاعات اللاحقة، مثل الذهب اليوم ترى أن فئة كبير تركز عليه في حين نسيت تماماً أن الفضة، البلاتينيوم، الألمنيوم وبعض المعادن أقل من أعلى قمة لها بمتوسط 50% على الأقل.
إعلان
لكل متابعي موقع Investing السعودية يمكنكم الاستفادة بكود خصم OMARSYAH والحصول على جميع خدمات InvestingPro ومعرفة القيم العادلة لجميع الأسهم في حال كنت مهتماً بالأسهم ( لا تتردد في التواصل معنا قبل الشراء). للاشتراك اضغط هنا
رأي المستشار المالي
عزيزي المستثمر هناك مقولة تتردد كثيراً بين صناع السوق تقول أنه عندما تجد الحديث أكثر شدة وعنفاً على من يقول أن الفرصة قد فات آوانها حينها أعلم تماماً أن السوق تحت رحمة من لا يفقه شيء ...وهذا لا بد أن يجعلك تعيد التفكير في القطاع الذي أنت فيه.
في الختام لا بد أن تعلم أن الشراء لا بد أن يكون في أكثر فترات السوق غرابة لا في أكثر فترات السوق صعوداً ليس لأنك لن تربح بلى ستربح ولكن لن تكون في أمان من ظل انهيار غير متوقع.
المستشار المالي عمر جاسم آل صياح
X: @omarSyyah