عندما يسمع معظم الناس كلمة "مخاطرة"، فإنهم يفكرون في تقلبات السوق الجامحة وعناوين الأخبار المخيفة وخسارة الأموال بين عشية وضحاها، ولكن هوارد ماركس، الرئيس والشريك المؤسس لشركة أوكتري كابيتال مانجمنت، له رؤية مختلفة.
في سلسلة فيديوهاته الجديدة " كيف تفكر في المخاطرة"، يتعمق ماركس في ماهية المخاطرة وكيف يجب على المستثمرين التعامل معها.
تنبيه: الأمر لا يتعلق فقط بالتقلبات.
دعنا نستعرض بعض الدروس الرئيسية التي استخلصها ماركس والتي يمكن أن تساعدك على إعادة التفكير في نهجك الاستثماري تجاه المخاطر.
1. المخاطر ليست هي التقلبات فقط
أحد أهم الدروس المستفادة من سلسلة ماركس هي فكرة أن المخاطرة والتقلب لا يعنيان نفس الشيء. فعلى مدار سنوات، تم تعليم العديد من المستثمرين (والأكاديميين) أن التقلب - أي تقلبات أسعار الأسهم صعودًا وهبوطًا - تساوي المخاطرة. ومع ذلك، يرى ماركس أن هذا سوء فهم كبير.
التقلبات هي فقط جزء من الصورة الكاملة، ولكن المخاطرة هي احتمال خسارة الأموال. فمجرد ارتداد الأسعار لا يعني أنك معرض لخسارة كبيرة. يجب أن يركز المستثمرون على إدارة الجانب الهبوطي، وليس فقط محاولة تجنب كل تأرجح صغير في الأسعار.
2. سحر عدم التماثل: جانب صاعد أكثر، وجانب هابط أقل
أحد أهم دروس ماركس هو مفهوم الاستثمار غير المتماثل. وهذا يعني في الأساس هيكلة استثماراتك بحيث تكون مكاسبك المحتملة أكبر بكثير من خسائرك المحتملة. يبدو الأمر بسيطاً، أليس كذلك؟ ولكن من الناحية العملية، فإن ذلك يمثل تحديًا.
ليس الهدف هو تجنب المخاطر تمامًا، فهذا أمر مستحيل. ولكن بدلًا من ذلك يجب أن تكون المخاطرة المحسوبة بحيث تتفوق المكاسب على المخاطر بفارق كبير. وهذه هي المخاطرة الذكية التي تؤدي إلى النجاح على المدى الطويل.
3. لا يمكنك تحديد حجم المخاطرة - ولا بأس بذلك
إليك الحقيقة المرة: لا يمكنك قياس المخاطر مسبقًا. لا يمكن التنبؤ بالأسواق، وبينما يمكننا تخمين ما قد يحدث، فإن المستقبل يظل غير مؤكد. حتى بعد حدوث ما هو متوقع، قد لا تعرف مدى خطورة الاستثمار.
على سبيل المثال، لا يعني نجاح استثمار ما أنه لم يكن محفوفًا بالمخاطر - ربما كنت محظوظًا فقط. يشجع ماركس المستثمرين على استخدام حكمهم وإدراك أن البيانات السابقة لا تتنبأ دائمًا بالنتائج المستقبلية. ثق بحدسك وانظر إلى الصورة الأكبر.
4. المخاطر التي لا نتحدث عنها
عندما نفكر في المخاطر، يركز معظمنا على مخاطر خسارة الأموال. ومع ذلك، يذكرنا هوارد ماركس بأن هناك مخاطر أخرى يجب أن نكون على دراية بها، مثل فقدان المكاسب إما بسبب التداول بأعلى مستوى من الحذر أو نتيجة الاضطرار إلى بيع الاستثمارات أثناء انهيار السوق. كلاهما يمكن أن يضر بمحافظنا الاستثمارية على المدى الطويل.
في بعض الأحيان، قد يؤدي عدم المخاطرة بما فيه الكفاية إلى تخلفك عن الركب، وتفويت فرص كان من الممكن أن تساعدك على تنمية ثروتك. يؤكد ماركس على أهمية تحقيق التوازن بين المخاطرة والربح لضمان أنك لا تحمي نفسك من الخسائر فحسب، بل تهيئ نفسك لتحقيق مكاسب مستقبلية.
5. لا يمكن التنبؤ بالمستقبل
يستند هوارد ماركس إلى آراء بعض المفكرين الكبار مثل بيتر بيرنشتاين ليوضح أن أصل كل المخاطر هو عدم قدرتنا على التنبؤ بالمستقبل. بالتأكيد يمكننا توقع ما قد يحدث، ولكن ستكون هناك دائمًا مفاجآت لا يمكننا توقع حدوثها. وتلك الأحداث غير المتوقعة - مثل الأزمات المالية أو التحولات الكبيرة في السوق - يمكن أن يكون لها أكبر الأثر على استثماراتك.
إذن، ما الذي يمكنك فعله؟ كن مستعدًا لأي شيء. يؤكد ماركس على أهمية إدراك ما لا تعرفه وإدارة محفظتك الاستثمارية وفقًا لذلك.
6. قد تكون المخاطر خادعة
إليك فكرة رائعة من ماركس: المخاطرة ليست دائمًا كما تبدو. عندما تشعر بأن السوق أكثر أمانًا، فغالبًا ما يحدث ذلك عندما يكون السوق أكثر خطورة.
فكر في الأمر - عندما يسير كل شيء بسلاسة، يميل الناس إلى المخاطرة بشكل أكبر، مما قد يؤدي إلى حدوث فقاعات وانهيارات في السوق
.
على الجانب الآخر، قد يكون الوقت الأفضل للاستثمار عندما تبدو الأمور محفوفة بالمخاطر. إنه أمر غير بديهي، ولكن غالبًا ما تكون المخاطرة في أعلى مستوياتها عندما تبدو في أدنى مستوياتها. الدرس المستفاد هنا؟ لا تطمئن كثيرًا عندما تبدو السوق هادئة - فذلك هو الوقت الذي من المرجح أن تحدث فيه الأخطاء.
7. السعر أهم من الجودة
إليك خرافة يدحضها هوارد ماركس: الأصول عالية الجودة ليست دائمًا آمنة، والأصول منخفضة الجودة ليست دائمًا محفوفة بالمخاطر. المفتاح هو السعر الذي تدفعه. فيمكنك شراء أفضل شركة في العالم، ولكن إذا دفعت أكثر مما ينبغي، فسيظل استثمارًا محفوفًا بالمخاطر. من ناحية أخرى، يمكن أن تكون الأصول الأقل جودة استثمارًا رائعًا إذا حصلت عليها بالسعر المناسب.
الخلاصة؟ ركّز على القيمة. ولا يتعلق الأمر بالعثور على أفضل الشركات - بل يتعلق بالعثور على شركات جيدة بالسعر المناسب.
8. المزيد من المخاطر لا يساوي دائمًا المزيد من العائدات
لقد سمعنا جميعًا مقولة "مخاطر أعلى، أرباح أعلى". ولكن ماركس يقول إن هذا ليس صحيحًا دائمًا. فكون الاستثمار أكثر مخاطرة لا يعني أنه سيحقق عوائد أفضل. فقد يؤدي تحمل الكثير من المخاطر إلى خسائر كبيرة.
يجب على المستثمرين توخي الحذر من السعي وراء العوائد دون فهم المخاطر بشكل كامل. يجب أن يكون الهدف هو الموازنة بين النتائج المحتملة والتأكد من أن الربح المحتمل يستحق المخاطرة.
9. لا يمكنك تجنب المخاطر - ولكن يمكنك إدارتها
في نهاية المطاف، يوضح ماركس أن المخاطر جزء لا مفر منه في الاستثمار. لا يمكنك تجنبها تمامًا، ولكن يمكنك إدارتها. وهذا يعني تقييم المخاطر في محفظتك الاستثمارية باستمرار، والاستعداد للأحداث غير المتوقعة، والتركيز على الفرص غير المتماثلة التي تفوق فيها المخاطر الصاعدة المخاطر الهابطة.
الدروس والقواعد النهائية
غيّر روبرت روبن، وزير الخزانة السابق، طريقة تفكيري في المخاطر عندما كتب
"عندما أعود بذاكرتي إلى الوراء على مر السنين، أذكر أنني استرشدت بأربعة مبادئ لاتخاذ القرارات. أولاً، اليقين الوحيد هو أنه لا يوجد يقين. ثانيًا، ونتيجة لذلك، كل قرار هو مسألة موازنة الاحتمالات. ثالثًا، على الرغم من عدم اليقين، يجب أن نقرر ويجب أن نتصرف. وأخيرًا، علينا أن نحكم على القرارات ليس فقط بناء على النتائج، ولكن أيضًا بناء على كيفية اتخاذها.
معظم الناس في حالة إنكار بشأن عدم اليقين. فهم يفترضون أنهم محظوظون، وأن ما لا يمكن التنبؤ به يمكن التنبؤ به بشكل موثوق، وهذا ما يوفر عملًا مربحًا لقراء الكف والوسطاء الروحيين وسماسرة البورصة، ولكنها طريقة سيئة للتعامل مع عدم اليقين. إذا لم تكن هناك أمور مطلقة، فإن جميع القرارات تصبح مسائل تتعلق بالحكم على احتمالات النتائج المختلفة، وتكاليف وفوائد كل منها. ثم، على هذا الأساس، يمكنك اتخاذ قرار جيد."
يجب أن يكون من الواضح أن التقييم الصادق لعدم اليقين يؤدي إلى قرارات أفضل، لكن فوائد نهج روبن تتجاوز ذلك. فعلى الرغم من أن الأمر قد يبدو متناقضًا، إلا أن تبني عدم اليقين يقلل من المخاطر بينما يزيدها الإنكار. ومن الفوائد الأخرى لـ "الاعتراف بعدم اليقين" أنه يبقيك صادقًا.
فالاحترام الصحي لعدم اليقين والتركيز على الاحتمالات يدفعك إلى عدم الاكتفاء باستنتاجاتك. فهو يجعلك تمضي قدمًا في البحث عن المزيد من المعلومات، والتشكيك في التفكير التقليدي، وتنقيح أحكامك باستمرار، وفهم أن اليقين والاحتمالات يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا.
إليك قواعد إدارة المخاطر الـ 15 التي نتبعها كل يوم. نأمل أن يمنحك هذا بداية لتطوير قواعدك الخاصة.
الحقيقة هي أننا لا نستطيع التحكم في النتائج؛ فأقصى ما يمكننا فعله هو التأثير على احتمالية حدوث نتائج معينة. هذا هو السبب في أن الإدارة اليومية للمخاطر والاستثمار على أساس الاحتمالات بدلاً من الاحتمالات أمران مهمان ليس فقط للحفاظ على رأس المال ولكن أيضًا لنجاح الاستثمار بمرور الوقت.
أهم استنتاج؟ لا تخف من المخاطر، بل افهمها وأدرها واستخدمها لصالحك.