في قلب الشرق الأوسط، تستلقي سوريا كجوهرةٍ تاريخية تحكي قصص الحضارة منذ فجر البشرية. إنها الأرض التي خطّ الإنسان على ترابها أولى سطور التاريخ، وأضاءت شمسها دروب المعرفة والعلم. ولكن خلف هذا التاريخ العريق، يكمن حاضرٌ مثقلٌ بالتحديات، ومستقبلٌ مشرقٌ ينتظر الأيادي التي تبنيه.
سوريا ليست مجرد قطعة من الأرض، بل هي مخزنٌ من الثروات التي، لو أُحسن استغلالها، لتحوّلت إلى إحدى أعظم الدول الاقتصادية في العالم.
تتميز سوريا وتبرز عدة حقول نفطية كعناصر رئيسية في هذه الثروة:
النفط والغاز، من دير الزور إلى الحسكة، تنبض سوريا بثروات نفطية هائلة تجعلها واحدة من أغنى دول المنطقة وتكفي لتلبية احتياجات الملايين، بل وتصدير الفائض إلى العالم, إذا ما أُحسن استثمارها.
- حقل العمر يروي حكاية النفط الذي يتدفق بلا انقطاع. يُعد واحدًا من أضخم وأغنى حقول النفط في الشرق الأوسط، مما يمنح سوريا مكانة استراتيجية في قطاع الطاقة.
- حقل كونيكو يُعد أحد أبرز مصادر الغاز الطبيعي في سوريا. يتمتع الحقل بقدرة إنتاجية هائلة تمكنه من تلبية احتياجات ما يزيد عن 20 مليون شخص من الغاز. هذا الحقل يمثل ركيزة استراتيجية للطاقة في سوريا، حيث يمكن أن يسهم بشكل كبير في تأمين احتياجات البلاد من الطاقة وتعزيز القدرة التصديرية، مما يفتح آفاقًا واسعة أمام تحقيق عوائد اقتصادية ضخمة.
- رميلان، ذلك الحقل، الذي يُعد بمثابة كنزٍ دفين ينتظر التنقيب، يمنح سوريا ميزة تنافسية تتفوق بها على قطر في إنتاج الغاز المسال. هذا المورد الاستراتيجي يمكن أن يجعل من سوريا مزودًا رئيسيًا للطاقة لأوروبا، خاصة في ظل القطيعة الحالية بين أوروبا وروسيا بسبب حرب أوكرانيا، مما يعزز دورها كمحور أساسي في تأمين احتياجات الطاقة الأوروبية.
- حقل التنك في دير الزور: يتميز بتدفق النفط منه بطريقة فريدة، حيث ينبع (TADAWUL:3060) النفط كالشلال المعكوس، بارتفاع يصل إلى 12 مترًا فوق سطح الأرض، ما يجعله ظاهرة نادرة ومصدرًا ضخمًا للطاقة.
- حقل كبيبة في الحسكة: يتمتع بطاقة إنتاجية هائلة، إلا أن الخبراء لا يجرؤون على فتح ضغط المضخات فيه لأكثر من 50%، خوفًا من حدوث كوارث بيئية أو فيضانات نتيجة التدفق الكبير للنفط.
- حقل التيم في دير الزور: يمتلك إمكانيات اقتصادية ضخمة، حيث يمكن أن يرفع دخل المواطن السوري ليصل إلى مستوى دخل المواطن الأوروبي أو الخليجي، إذا ما استُثمر بكفاءة.
هذه الحقول ليست مجرد موارد طبيعية، بل هي قصصٌ عن الإمكانيات التي يمكن أن تجعل سوريا تقف في صفوف الدول العظمى، إذا ما توافرت الرؤية الحكيمة والإرادة الجادة لتحويل هذه الثروات إلى رافعةٍ للاقتصاد والتنمية المستدامة.
موقع لا مثيل له يُقال: "الموقع يُقرر المصير"، وسوريا وُهِبت موقعًا جعلها قلب التجارة العالمية.
- الشريط الساحلي: بطوله الممتد، يحمل وعودًا بتحوّل مدنه إلى موانئ مزدهرة كتلك التي تزخر بها الخليج العربي.
- المعابر الحدودية: باب الهوى الذي يربط الشرق بالغرب، ومعبر نصيب الذي يصل شمال الوطن بجنوبه، هما شريانان اقتصاديان لو تم استثمارهما لعادت مليارات الدولارات إلى الخزينة.
الجمال الطبيعي والكنوز الأثرية ثلثا آثار العالم تقف شامخة في سوريا، كأنها حراسٌ للتاريخ, منها مثلاً:
- مدرج بصرى الذي ما زالت أصداء أصوات المسرحيات الرومانية تتردد في أرجائه.
- قلعة الحصن، التي تقف كحصنٍ منيعٍ ضد غبار الزمن.
- تدمر، لؤلؤة الصحراء التي تحكي قصص الحضارات القديمة.
ولكن سوريا ليست فقط آثارًا، بل طبيعة خلابة، من جبال الرخام التي يمكنها أن ترصف الأرض عشر مرات، إلى السهول الخصبة التي تغني العالم بزيت الزيتون والقمح القاسي الأجود عالميًا والقطن وغيرها.
الشعب: أعظم كنز لا تُبنى الأوطان بالحجارة وحدها، بل تُشيَّد بعزيمة الأيدي التي تعمل، وبريق العقول التي تخطط وتحلم. والشعب السوري، بتراثه العريق وحيويته المتجددة، يُعدُّ الجوهرة (EGX:PRCL) الأثمن. شعبٌ، 70% منه شباب، وكأن سوريا تمسك بيدها شعلة أملٍ لا تنطفئ، جاهزة لإشعال مسار النهضة من جديد. نحن الشباب كالنهر الجاري، نحمل في أعماقنا طاقة لا تعرف الحدود، وأحلامًا قادرة على اختراق المستحيل.
هذا الخزان البشري الهائل، إذا ما أُتيحت لنا الفرص المناسبة، يمكن أن نتحول إلى وقودٍ يدفع بسوريا نحو مستقبل مشرق، حيث تتحول الأحلام إلى إنجازات، والأفكار إلى واقع يبهر العالم. إننا قوى شبابية تنتظر فقط من يفتح أمامها الأبواب، لتعيد صياغة تاريخ سوريا بحروفٍ من نور.
الأمل الذي لا يموت رغم التحديات والصعوبات، فإن سوريا مثل طائر الفينيق الذي ينهض من الرماد. هذه الأرض التي عانت، لا تزال تملك القوة لتنهض. ولكن النهضة تحتاج إلى إرادة سياسية صادقة، وإلى شعبٍ يرى في الغد فرصةً لا عائقًا. إن سوريا ليست بلدًا عاديًا, إنها فكرةٌ خالدة عن الحضارة، عن القوة التي تأتي من الجذور الراسخة. فكل حبة تراب فيها تحمل قصة، وكل نسمة هواء تحمل وعدًا بمستقبلٍ أكثر إشراقًا. سوريا ليست فقط للعيش، بل للإلهام، ولإعادة كتابة التاريخ من جديد.
سوريا اليوم ليست كما كانت، لكنها يمكن أن تكون أفضل مما يتخيله أحد. الإمكانيات موجودة، والمستقبل ينتظر أن يُصنع. فلنؤمن أن سوريا ليست فقط حكاية ماضٍ، بل أيضًا ملحمة مستقبل.