تسارع نمو الاقتصاد القطري في الربع الثاني من 2015، فقد نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 4.8% على أساس سنوي، وفقاً لآخر البيانات الصادرة عن وزارة التخطيط التنموي والإحصاء، مقارنة مع نسبة 4.0% المسجلة في عام 2014. وكما هو الحال في السنوات القليلة الماضية، كان القطاع غير النفطي هو المحرك الرئيسي للنمو، في الوقت الذي استقر فيه إنتاج النفط والغاز. وتشير سلسلة من البيانات الأخرى إلى استمرار النمو والتنويع في الربع الثالث من العام على الرغم من التراجع الكبير في اسعار النفط. ويتجسد هذا الأمر في تراجع معدلات التضخم، والنمو السكاني القوي، والفوائض الخارجية الضخمة. ونتيجة لذلك، ومع التوقعات ببدء انتاج كميات إضافية من الغاز، فإننا نتوقع أن يستمر تسارع النمو إلى 6.4% في كل من عامي 2016 و2017.
لا يزال القطاع غير النفطي المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي في دولة قطر، حيث توسع بنسبة 9.1% على أساس سنوي في الربع الثاني من 2015. وكانت أكثر القطاعات اسهاماً في النمو الحقيقي غير النفطي هي الخدمات المالية، والتشييد والبناء، والتجارة والفنادق والمطاعم. فقد زاد نشاط التشييد والبناء بنسبة 19.7% على أساس سنوي على خلفية مشاريع البنية التحتية الجاري تنفيذها. وتشمل هذه المشاريع مشروع مترو الدوحة الجديد الذي تبلغ قيمته 40 مليار دولار أمريكي، ومشاريع عقارية مثل مشروع مشيرب في وسط الدوحة (5.5 مليار دولار أمريكي)، ومشروع لوسيل شمال الدوحة (45 مليار دولار أمريكي)، والشوارع والطرق السريعة، وأعمال التوسعة الإضافية في مطار حمد الدولي الجديد. وفي نفس الوقت، يولد النمو السكاني السريع (الذي يعود في الأساس إلى موجة العاملين الأجانب الذين يجتذبهم تنفيذ المشاريع الضخمة) زيادة في الطلب على الخدمات. ونتيجة لذلك، فقد تم تسجيل نمو قوي في قطاع الخدمات المالية (10.0% في الربع الثاني من 2015 مقارنة بالعام الماضي)، وقطاع التجارة والمطاعم والفنادق (12.5%)، وقطاع الخدمات الحكومية (6.3%).
قطر: إسهام القطاعات في النمو الحقيقي غير النفطي (الربع الثاني من 2015)
(إسهام بواقع نقطة مئوية)
المصادر : وزارة التخطيط التنموي والإحصاء وقسم الاقتصاد في QNB
ومن جانب آخر، ظل الناتج المحلي الإجمالي للقطاع النفطي خلال الربع الثاني دون تغيير كبير، حيث ارتفع بنسبة 0.9% على أساس سنوي، وذلك بسبب نضج حقول النفط وتعليق زيادة إنتاج الغاز في حقل الشمال. وفي ظل النمو القوي للقطاع غير النفطي واستقرار الإنتاج في القطاع النفطي، يواصل الاقتصاد القطري مسيرته نحو التنويع. ونتيجة لذلك، ارتفعت حصة القطاع غير النفطي من الناتج المحلي الإجمالي إلى ما نسبته 61.7% خلال الربع الثاني وذلك من نسبة 59.8% خلال الربع الأول.
وفيما بعد الربع الثاني، تشير أحدث مؤشرات الاقتصاد القطري إلى استمرار النمو القوي والتنويع في النصف الثاني من العام. فتنفيذ المشاريع الاستثمارية يمضي قدماً. ويستمر هذا الوضع بدوره في اجتذاب العاملين الأجانب، الأمر الذي أدى إلى زيادة في عدد السكان نسبتها 10.2% على أساس سنوي في شهر أغسطس. ولذلك، يتوقع أن يستمر النمو القوي في القطاع غير النفطي خلال الربع الثالث بالرغم من انخفاض أسعار النفط بنسبة 19.4% خلال هذا الربع. وهذا يشير إلى أن دولة قطر قادرة على تحمّل انخفاض أسعار النفط بفضل بيئة الاقتصاد الكلي المواتية التي تتميز بانخفاض التضخم، وارتفاع الفوائض الخارجية، وسلامة موازين المالية العامة.
وعليه فإننا نتوقع أن تكون هذه البيئة مواتية للنمو والتنوع في المستقبل. ونتوقع لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي أن يبلغ 4.7% في عام 2015 على خلفية النمو العالي في القطاع غير النفطي. وبعد هذا التاريخ، من المقدّر أن يرتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 6.4% في كل من عامي 2016 و2017 حيث سيتعزز النمو السريع في القطاع غير النفطي عن طريق زيادة إنتاج الغاز من مشروع برزان. وقد تم إنشاء هذا المشروع لتلبية الطلب المحلي المتزايد على الغاز المخصص لتوليد الطاقة وللاستخدامات الصناعية الأخرى، مع توقع صدور أول انتاج من المشروع في وقت لاحق من هذا العام.