عقوبات جديدة على روسيا تهز سوق النفط العالمي: تأثيرات سياسية وجيوسياسية تُعيد تشكيل الأسعار

تم النشر 15/01/2025, 18:24
© Reuters عقوبات جديدة على روسيا تهز سوق النفط العالمي: تأثيرات سياسية وجيوسياسية تُعيد تشكيل الأسعار
GS
-
LCO
-
CL
-
GAZP
-
SNGS
-
SNGS_p
-
SIBN
-

Arincen - شهدت أسعار النفط بداية قوية خلال العام الجديد، مدفوعة بزيادة الطلب على وقود التدفئة نتيجة للطقس البارد في أجزاء من أوروبا، بالإضافة إلى حالة من عدم اليقين بشأن تأثير السياسات الأمريكية المستقبلية على سوق النفط. في الوقت نفسه، ساهم هذا الزخم في دفع أسعار النفط للارتفاع بشكل ملحوظ.

وفي خطوة مفاجئة، فرضت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في العاشر من يناير، سلسلة من العقوبات الاقتصادية التي تعد الأشد على روسيا حتى الآن. استهدفت العقوبات شركتين رئيسيتين في قطاع النفط الروسي هما "جازبروم نفت" و"سورجوتنفت جاز"، إلى جانب 183 ناقلة نفط، بالإضافة إلى مقدمي خدمات حقول النفط وشركات التأمين، فضلاً عن مسؤولين بارزين في قطاع الطاقة الروسي.

وأسفرت هذه العقوبات عن صعود أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها خلال أربعة أشهر، إذ من المحتمل أن تؤدي إلى تعطيل حركة تجارة النفط بين روسيا ودول مثل الصين والهند. ونتيجة لذلك، قد يجد كبار مشتري النفط الروسي أنفسهم في حاجة للبحث عن مصادر بديلة للإمدادات من مناطق أخرى مثل الشرق الأوسط، مما يساهم في إعادة تشكيل ملامح سوق النفط العالمي.

ويهدف هذا الإجراء واسع النطاق إلى زيادة تقييد الإيرادات التي تجنيها موسكو من موارد الطاقة، ويضعف من قدرة الرئيس "فلاديمير بوتين" على تمويل حربه ضد أوكرانيا.

أما في موسكو، فقد ردت روسيا على العقوبات الأمريكية الجديدة، محذرة من أن هذه الخطوة ستؤدي إلى زعزعة استقرار الأسواق العالمية للطاقة. وأكدت موسكو أنها ستعمل بكل جهدها للتخفيف من تأثير هذه العقوبات على قطاعها النفطي، محاولاً الحفاظ على استقرار صادراتها رغم الضغوط المتزايدة.

وفي تقرير حديث لوكالة الطاقة الدولية، تم الإشارة إلى تراجع صادرات روسيا من النفط الخام والمنتجات النفطية بنحو 350 ألف برميل يوميًا خلال عام 2024. ورغم هذا الانخفاض في الكميات المصدرة، إلا أن عائدات الصادرات الروسية شهدت زيادة بنسبة 2%، مما يعادل 3.8 مليار دولار إضافية، ليصل إجمالي عائدات النفط الروسية إلى 192 مليار دولار.

منذ بداية فرض العقوبات الغربية على روسيا بعد غزوها لأوكرانيا، تمكنت موسكو من إيجاد طرق للتحايل على هذه العقوبات، أبرزها عبر ما يُعرف بـ"أسطول الظل"، وهو مجموعة من الناقلات التي تعتمد عليها لنقل النفط بشكل غير مباشر لتجاوز القيود المفروضة عليها. رغم أن الحجم الدقيق لهذا الأسطول غير محدد بشكل كامل، تشير التقديرات إلى أن عدد السفن قد يصل إلى حوالي 600 سفينة.

وفي عام 2024، نقلت هذه السفن، التي كانت هدفًا للعقوبات الأمريكية الأخيرة، نحو 1.7 مليون برميل يوميًا من النفط، مما يمثل حوالي 25% من إجمالي صادرات النفط الروسية، وفقًا لبيانات شركة "جولدمان ساكس (NYSE:GS)".

وفي تعليقه على هذا الوضع، صرح "كريج كينيدي"، الخبير الروسي المستقل بمركز "ديفيس" للدراسات الروسية بجامعة "هارفارد"، لـ"دوتشيه فيله"، بأن العقوبات الأخيرة تعد ضربة قاسية لروسيا. وأضاف أنه قد يضطر بعض الناقلات التي كانت روسيا تعتمد عليها سابقًا إلى التوقف والرسو في الموانئ حول العالم بسبب الضغوط المتزايدة.

وقبل العقوبات الأخيرة كان من المتوقع أن يشهد سوق النفط فائضًا في المعروض يصل إلى 400 ألف برميل يوميًا بحلول عام 2025، وفقًا لتوقعات بنك "جولدمان ساكس". ومع ذلك، أدى فرض العقوبات على روسيا إلى تغييرات كبيرة في هذه التوقعات، حيث أصبح البعض يعتقد أن فقدان بعض الإمدادات النفطية الروسية قد ينعكس سلبًا على السوق، مما يقلل أو حتى يمحو الفائض المتوقع.

وفي هذا الصدد، أشار "وارن باترسون"، رئيس استراتيجية السلع الأساسية لدى "آي إن جي"، إلى أن العقوبات الأخيرة قد تتسبب في اختفاء الفائض الذي كان متوقعًا، مشيرًا إلى أن حوالي 700 ألف برميل يوميًا من صادرات النفط الخام الروسية أصبحت في خطر. ومع ذلك، لفت باترسون إلى أن بعض المشترين قد يختارون تجاهل هذه العقوبات، ما قد يدفع روسيا للاعتماد بشكل أكبر على أسطولها الخفي من الناقلات لمواصلة التجارة.

من جانبها، أوضحت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري الأخير أن العقوبات الأمريكية على النفط الروسي قد تؤدي إلى تعطيل سلاسل التوريد بشكل كبير، مما يهدد بتقليص المعروض الروسي في الأسواق. وبناء على ذلك، خفضت الوكالة تقديراتها لوتيرة ارتفاع المخزونات العالمية من 950 ألف برميل يوميًا إلى 725 ألف برميل فقط، مما يعكس التأثير الكبير لهذه العقوبات على سوق النفط العالمي.

أكد بنك "جولدمان ساكس" أن تأثير الأحداث الجيوسياسية، التي يصعب التنبؤ بها، سيظل يؤثر بشكل كبير على أسعار النفط هذا العام. وأوضح "دان سترويفن"، رئيس أبحاث النفط في البنك، أن الأسعار ستكون عرضة لتقلبات حادة نتيجة لمجموعة من العوامل، بما في ذلك معدلات نمو الإنتاج في الدول غير الأعضاء في "أوبك"، فضلاً عن التوترات الجيوسياسية التي قد تتراوح بين العقوبات الاقتصادية والتعريفات الجمركية.

وفيما يتعلق بالوضع السياسي في الولايات المتحدة، أشار سترويفن إلى أن انتخاب "دونالد ترامب" مجددًا للرئاسة سيؤدي إلى تغييرات كبيرة في سياسة الطاقة المحلية. ويدعم ترامب بقوة تعزيز استخدام الوقود الأحفوري، في محاولة لتحقيق استقلال الطاقة لأمريكا.

لكن على الرغم من صعوبة التنبؤ بتفاصيل السياسة الخارجية للرئيس المنتخب، فإن من المؤكد أن هذه السياسات سيكون لها تأثير كبير على الاقتصاد العالمي وسوق النفط. إضافة إلى ذلك، فإن العقوبات المحتملة على إيران قد تساهم في تقليص إمدادات النفط العالمية، مما يزيد من تعقيد ديناميكيات السوق في الفترة القادمة.

بينما تشير تقديرات بنك "جولدمان ساكس" إلى أن تراجع المعروض النفطي الإيراني بمقدار مليون برميل يوميًا قد يؤدي إلى ارتفاع سعر خام برنت إلى حوالي 85 دولارًا للبرميل بحلول منتصف هذا العام. ويرتبط هذا الارتفاع بزيادة محتملة في إمدادات "أوبك+"، مما يعزز من توازن السوق في حال حدوث نقص في الإمدادات الإيرانية.

على الرغم من أن العقوبات الأكثر تشددًا قد تشكل دافعًا لزيادة أسعار النفط، إلا أن السياسة التجارية المتوقعة من الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" قد تؤثر سلبًا على الاقتصاد العالمي وأسواق النفط. وفي هذا السياق، أوضح "جولدمان ساكس" أن الرسوم الجمركية الموسعة التي قد تفرضها الإدارة الأمريكية الجديدة على القطاعات المختلفة قد تدفع أسعار النفط إلى الانخفاض على المدى المتوسط.

من ناحية أخرى، توقع البنك سيناريو محتملًا ينخفض فيه سعر خام برنت إلى أقل من 60 دولارًا للبرميل بحلول نهاية عام 2026، في حال فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية بنسبة 10% على كافة القطاعات.

ورغم الزيادة السريعة في أسعار النفط بعد فرض العقوبات الأخيرة، والتي قد تكون رد فعل مؤقتًا من السوق، إلا أن العوامل الجيوسياسية ستظل تلعب دورًا محوريًا في تحركات الأسعار وتوازنات السوق هذا العام، مما يجعل من الصعب التنبؤ بتوجهات السوق بشكل دقيق.

اطلع على المقالة الأصلية

أحدث التعليقات

قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2025 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.