يبدأ الاقتصاد الأمريكي يومه عزيزي القارئ بإصدار بيانات تتعلق بأداء قطاع العمالة خلال شهر أيار، وسط ترقب المستثمرين لتقرير الوظائف والذي سيصدر عن الاقتصاد الأمريكي يوم الجمعة المقبل، في حين سيصدر عن الاقتصاد الأمريكي اليوم أيضاً مؤشر شيكاغو لمدراء المشتريات في قراءته الخاصة بشهر نيسان.
إذن فالمستثمرون يقفون في حالة من الترقب والحذر، في انتظار صدور تقرير الوظائف يوم الجمعة المقبل، حيث تشير التوقعات إلى أن الاقتصاد الأمريكي فقد حوالي 110 ألف فرصة عمل خلال شهر حزيران، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت إضافة 41 ألف وظيفة خلال أيار، مع الإشارة إلى أن المستثمرون ينتظرون صدور مؤشر ADP للتغير في وظائف القطاع الخاص اليوم ليحصلوا بذلك على نظرة مبدئية عن ما آلت إليه الأوضاع في قطاع العمالة الأمريكي، كما ويعطيهم تقرير اليوم قراءة مبدئية عن الأرقام التي سيصدر بها تقرير الوظائف يوم الجمعة.
وتشير التوقعات إلى أن القطاع الخاص في الولايات المتحدة الأمريكية نجح في خلق 60 ألف فرصة عمل جديدة خلال شهر حزيران، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 55 ألف وظيفة خلال أيار، حيث لا يزال قطاع العمالة الأمريكي يبحث عن استقراره وسط الضعف العام في الأوضاع الاقتصادية الأمريكية، الأمر الذي أشار إليه البنك الفدرالي الأمريكي مراراً وتكراراً، مع توقعه بتحسن الأوضاع في قطاع العمالة الأمريكية بوتيرة معتدلة خلال الفترة المقبلة، ولكن وبشكل عام فإن الأوضاع في القطاع سوف تبقى ضعيفة، لنشهد المزيد من الضعف في الأوضاع الاقتصادية بشكل عام في الاقتصاد الأمريكي، مما يعيق عجلة التعافي والانتعاش ضمن الاقتصاد.
يذكر بأن الاقتصاد الأمريكي فقد أكثر من 8.4 مليون وظيفة خلال الأزمة المالية العالمية الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، لتصل معدلات البطالة في البلاد إلى 10.2% خلال شهر تشرين الثاني الماضي، قبيل أن تصل إلى مستوياتها الحالية عند 9.7% ، لذا فارتفاع معدلات البطالة وتشديد شروط الائتمان، ما زالت تعمل على تدمير الأنشطة الاقتصادية ضمن كافة قطاعات الاقتصاد الأمريكي.
كما وسيصدر عن الاقتصاد الأمريكي أيضاً مؤشر شيكاغو لمدراء المشتريات في قراءته الخاصة بشهر بشهر نيسان، حيث تشير التوقعات إلى أن المؤشر شهد تراجعاً ليصل إلى 59.0 خلال شهر نيسان الماضي بالمقارنة مع القراءة السابقة، في حين أن القراءة السابقة والخاصة بشهر آذار تقف عند 59.7.
ويعد مؤشر شيكاغو لمدراء المشتريات مقياساً على صحة الاقتصاد حيث تحسب قيمة المؤشر بالنظر إلى خمس عناصر رئيسية: الطلبيات الجديدة، المخزونات، مستويات الإنتاج، نقليات المزودين، بالإضافة إلى مستويات التوظيف، ويصدر المؤشر عن معهد التزويد، مع العلم بأن صدور مؤشر شيكاغو لمدراء المشتريات بنسبة أكبر من 50 فذلك يعني التوسع و الإزدهار في قطاع الصناعة أما عند صدور المؤشر بنسبة أقل من 50 فهذا يعني إنخفاض نسبة النمو الإقتصادي.
أما الاقتصاد اللصيق بالاقتصاد الأمريكي -الاقتصاد الكندي- فلن يبخل علينا بالبيانات والأخبار الاقتصادية الصادرة اليوم، حيث سيصدر عن الاقتصاد الكندي قراءة الناتج المحلي الإجمالي في قراءة شهر نيسان، مع الإشارة إلى أن التوقعات تشير إلى أن الاقتصاد الكندي نما بنسبة 0.2% خلال ذلك الشهر، بالنقارنة مع القراءة السابقة أو النمو السابق والمسجل عند 0.6%.
وقد تبع الاقتصاد الكندي نظيره الأمريكي في التوسع، حيث تعد الولايات المتحدة الأمريكية أكبر شريك تجاري لكندا، ويعتمد النمو الاقتصادي في كندا على مستويات الطلب في الولايات المتحدة الأمريكية، نظراً لاعتماد كندا على الصادرات والتي تمثل العمود الفقري للنمو في الاقتصاد الكندي، وبما أن معدلات الطلب بدأت تتحسن على الصعيد العالمي وبالتحديد في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن الاقتصاد الكندي كان قادراً على التوسع.
بيد أن كندا لا تزال تواجه بعض التحديات التي تنتظرها، حيث لا يزال معدل البطالة مرتفعاً، على الرغم من بدء أرباب العمل في كندا بتوظيف الأيدي العاملة في الآونة الأخيرة، لنشهد انخفاض معدل البطالة خلال الفترة الماضية لتصل إلى إلى 8.1 % من 8.3 %، حيث بدأ أرباب العمل في كندا بخلق فرص عمل جديدة، ولكن وتيرة التوظيف لا تزال ضعيفة، وستحتاج إلى بعض الوقت، قبيل أن يتمكن قطاع العمالة الكندي من الوصول إلى الاستقرار الكامل.
الاقتصاد الكندي سجل نموا بقيمة 5.0 بالمئة خلال الربع الأخير من عام 2009، و لكننا يجب أن لا نتوقع أن يحافظ الاقتصاد الكندي على معدل نمو قوي خلال الفترة القادمة، حيث أن الأوضاع الاقتصادية على مستوى العالم لا تزال هشة، و بالتالي فلا يجب علينا أن نتوقع بأن الأوضاع ستتحسن بشكل مفاجئ بل أن التحسن سيكون تدريجيا حتى تعود الأمور إلى وضعها الطبيعي، و لكن يبدو و أن الاقتصاد الكندي يسير على الطريق الصحيح ليصل إلى الازدهار، و الذي من الأرجح أن نشهده خلال العام المقبل.
وبالحديث عن أداء الأسواق يوم أمس، فإن نظرة المستثمرين المستقبلية نحو انتعاش الاقتصاد العالمي والتشاؤم الذي يسودها لا تزال تثقل كاهل مستويات الثقة، لنشهد يوم أمس موجة بيع هائلة في أسواق الأسهم الأمريكية، لينخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بأكثر من 3% ، في حين شهدنا إغلاق مؤشر الداو جونز الصناعي إلى ما دون مستويات 10 آلاف نقطة.
وفي النهاية فلا بد لنا من الإشارة إلى أن حالة التشاؤم التي تسكن قلوب المستثمرين حول عجلة التعافي والانتعاش في الاقتصاد العالمي جاءت بسبب البيانات التي أكدت على أن وتيرة النمو في الصين قد تشهد تباطؤاً خلال الفترة المقبلة، في حين أكد بيانات صادرة عن اليابان بأن عجلة التعافي والانتعاش تفقد بعضاً من زخمها، كما وأن انخفاض مستويات الثقة بشكل كبير أفزع المستثمرين، حيث شهدنا يوم أمس انخفاض مستويات الثقة في الولايات المتحدة الأمريكية لتصل إلى 52.7 بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 62.9، الأمر الذي أثار قلقاً وتخوفاً حول مستقبل النمو ضمن الاقتصاد الأكبر في العالم -الاقتصاد الأمريكي- وما لم نرى بدء تحسن الأوضاع الاقتصادية خلال الفترة المقبلة، فلا يمكن استبعاد احتمال حدوث ركود جديد، على الرغم من أن هذا الاحتمال لا يزال في الوقت الراهن بعيداً عن الأنظار...