عودة مرة أخرى إلى البيانات الصادرة عن المنطقة الأوروبية بداية ببريطانيا و التي أظهرت اليوم اتساع عجز الميزان التجاري، و إنتقالا إلى ألمانيا التي حققت نمو سنوي يعد الأفضل منذ عقدين من الزمان لكن لا يزال الاهتمام منصب على كل ما يتعلق بالوضع المالي للحكومات المثقلة بالديون في المنطقة.
في بريطانيا أظهرت البيانات اتساع عجز الميزان التجاري في نوفمبر/تشرين الثاني إلى 8.74 مليار جنيه إسترليني من عجز بقيمة 8.6 مليار جنيه.
وتظهر البيانات الفرعية أن سبب اتساع العجز يرجع إلى ارتفاع الوارادات في تلك الفترة بقيادة الواردات من النفط، فقد ارتفع إجمالي الورادات بنسبة 3.4% لتصل إلى قيمة 32.4 مليار جنيه إسترليني، بينما صعدت ورادات النفط لأكثر من 1 ملياروهو أعلى مستوى منذ يوليو/تموز من عام 2008. الأمر الذي ألقى بظلاله على ارتفاع الصادرات في ظل صعود أسعار النفط و السلع في تلك الفترة.
أما بالنسبة للورادات فقد ارتفعت بقيمة 0.9 مليار جنيه أو بنسبة 4.1% لتصل إلى 23.6 مليار جنيه. و هذا التحسن يعكس استفادة البلاد من ضعف الجنيه الإسترليني أمام العملات الرئيسة على مدار الثلاث أعوام السابق حيث تراجع بمقدار الخُمس. و من ثم تأثير ذلك على القطاع الصناعي و الذي بالفعل حقق نمو يعد الأفضل منذ عام 1994 في ديسمبر/كانون الأول.
البيانات الأخرى التي صدرت أظهرت اتساع عجز الميزان التجاري مع الدول غير الأوروبية إلى 5.03 مليار جنيه من عجز بقيمة 5 مليار للقراءة السابقة، و أيضا اتسع عجز مجمل الميزان التجاري في نفس الفترة –يقيس الفرق بين صادرات و وورادات الخدمية و كذا السلعية- إلى 4.13 مليار من 3.95 مليار جنيه.
وبعد صدور البيانات تراجع الجنيه الإسترليني أمام الدولار الأمريكي ليسجل 1.5619 بعد أن حقق الأعلى عند 1.5680، وتراجع أيضا أمام اليورو لليوم الثالث على التوالي مسجلا 0.8337 بعد أن كان مسجلا عند 0.8298.
بينما توجه الأنظار يوم غد إلى قرار البنك المركزي البريطاني يوم الغد حيث يتوقع أن يبقى على برنامج شراء الأصول كما هو بقيمة 200 مليار جنيه و كذا على سعر الفائدة دون تغير. في الوقت الذي يحاول فيه دعم الاقتصاد و كذا عدم التسرع في اتخاذ أي قرار في ظل وجود مستويات حرجة للتضخم.
انتقالا إلى ألمانيا حيث أعلنت اليوم عن بعض بيانات محفزة بعض الشيء في خضم ما تواجهه المنطقة من تداعيات لأزمة الديون السيادية، فبفضل اليورو الضعيف و ارتفاع الصادرات حققت ألمانيا نمو بنسبة 3.6% في عام 2010 بعد أن كان إنكماش بنسبة 4.7% في عام 2009. ليس ذلك فقط بل هذه القراءة تعد الأعلى منذ 1992.
بينما يتوقع البنك المركزي الألماني أن تحقق البلاد نمو بنسبة 2% بنهاية العام الحالي و يتراجع إلى 1.5% في عام 2012 و السبب في ذلك يرجع إلى ضعف مستويات الطلب من اقتصادات منطقة اليورو وز التي سوف تواصل عمليات خفض الإنفاق العام. جدير بالذكر أن عجز الموازنة لدى ألمانيا يعد مقبولا حيث يمثل 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي وهو أعلى قليلا من المستوى المعياري للإتحاد الأوروبي لنسبة 3% لكن أفضل من دول أخرى في المنطقة مثل اليونان و أيرلندا الذي وصل فيها إلى 32% من الناتج المحلي إذا ما تم إضافة قيمة الدعم المقدم إلى القطاع المصرفي فيها.
على الجانب الآخر فإن الأنظار موجهة اليوم إلى نتائج المزاد التي تقوم به البرتغال التي تتزايد عليها الضغوط من أجل التقدم و طلب المساعدة، ونتيجة هذا المزاد ستعطي إشارة مبدئية عن مدى قدرة الحكومة على الحصول على تمويل.