استطاع الاقتصاد البريطاني مفاجأتنا اليوم بتحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الرابع بوتيرة أسرع من التوقعات و النتائج السابقة مدعوما بتحسن الإنفاق الشخصي، الإنفاق الحكومي ، و أداء قطاع الخدمات خلال الثلاثة الأشهر الماضية، و ليدعم حكومة السيد بروان الذي يستعد للانتخابات خلال الأسابيع القادمة.
سجلت القراءة التمهيدية للناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الرابع في بريطانيا إلى 0.3% من 0.1% للقراءة المتقدمة وجاء أعلى من التوقعات التي كانت تشير إلى نمو بمقدار 0.2%, و على المستوى السنوي أظهرت القراءة انكماش بنسبة -3.3% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق بنسبة انكماش -3.2% بينما كانت التوقعات تشير إلى -3.1%.
بالنظر إلى تفاصيل الناتج المحلي ارتفع الاستهلاك الشخصي إلى 0.4% من 0.1% للقراءة السابقة بينما كانت التوقعات بنسبة 0.3%, بينما ارتفع حجم الإنفاق العام مسجلا 1.2% ومرتفعا عن القراءة السابقة المعدلة إلى 0.4% من 0.3% وأيضا جاء بأعلى من التوقعات التي كانت تشير إلى 0.2%.فيما أنكمش حجم الاستثمار في تلك الفترة بنسبة -3.1% من 1.6% للقراءة السابقة المعدلة من 2.2%.
وحققت الصادرات نمو بنسبة 3.7% من 0.1% للقراءة السابقة المعدلة وجاءت لأعلى من التوقعات التي كانت تشير إلى 3.4%, بينما ارتفعت الواردات بنسبة 4.1% فيما تم تعديل القراءة السابقة إلى 1.3% من 1.5% و كانت التوقعات تشير إلى 4.6%.
في نفس السياق سجل مؤشر الخدمات للثلاثة أشهر المنتهية في كانون الأول ارتفاعا بنسبة 0.5% من 0.1% للقراءة السابقة بينما جاء بأعلى من التوقعات التي كانت تشير إلى 0.3%.
بالنظر لبيانات الناتج المحلي في المملكة نلاحظ تحسنا ملحوظا بأداء جميع القطاعات الاقتصادية، إلا أن التعديل الإيجابي للقراءة كان مدعوما بشكل أساسي بتحسن أداء قطاع الخدمات خلال الثلاثة أشهر الماضية المنتهية في كانون الأول، حيث تعد مساهمة قطاع الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي هي الأكبر بما يقارب 75% لذلك فان النمو بأداء القطاع يدعم و بشدة مستويات النمو في المملكة المتحدة، هذا و تحسن أداء قطاع الصناعة و هذا ما أكده لنا ارتفع الإنتاج الصناعي بنسبة 0.4% من 0.1%.
تحقيق النمو في الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة الراهنة يعد داعما أساسي لحكومة السيد بروان الذي يستعد لخوض معركة الانتخابات التشريعية بحلول شهر حزيران، و تشير إلى أن سياسته استطاعت تحقيق النمو وسط العديد من العقبات التي تقف دون ذلك، و قدم السيد ديفيد كاميرون رئيس حزب المحافظين خطط لتقليص حجم الإنفاق خلال العام الحالي و هذا من المتوقع أن يقع البلاد بأسوأ أنواع الركود الاقتصادي المسمى (ركود اقتصادي ذو قاعين)، ولا بد الإشارة إلى أن الفارق بين حزب العمال و المحافظين لا يكاد يتعدى 6نقاط مئوية يتغلب فيها العمال.
يواجه الاقتصاد البريطاني ثلاثة من العقبات التي من المحتمل أن تقف عائقا دون تحقيق الانتعاش الاقتصادي المنشود، أولها: توسع العجز في الموازنة العامة بأسوأ وتيرة منذ عام 1994 بعد أن ارتفعت مستويات القروض الحكومية و يتوقع خلال الفترة القادمة أن ترتفع العجز ليسجل مستويات قريبة من 12.7% من الناتج المحلي الإجمالي و هذا سيشكل خطرا قريبا على مستويات النمو.
ثانيها: ارتفاع معدلات التضخم فوق المستويات المستهدفة التي حددها البنك المركزي عند 2.0% بعد أن قررت الحكومة رفع الضرائب لمستويات 17.5% و ارتفعت أسعار النفط الخام، و بعد أن قدمت البنك العديد من خطط التحفيز لدعم معدلات التضخم متمثلة بتخفيضات أسعار الفائدة، وسياسة شراء السندات الحكومية بقيمة 200 بليون جنيه.
أن ارتفاع معدلات التضخم فوق 3% خلال الشهر الماضي تعرض المملكة لخطر ارتفاع المستويات العامة للأسعار خلال فترة مستويات النمو الضعيفة مما يهدد خطرا آخر على مستويات النمو، إلا أن البنك المركزي يتوقع عودة معدلات التضخم للمستويات المسيطر عليها ابتدءا من النصف الثاني لعا2010.
ثالثها: ارتفاع معدلات البطالة لمستويات قريبة 7.8% خلال شهر كانون الثاني مما سيقلص من حجم الإنفاق الاستهلاكي لذا الأفراد الذي يشكل جزء أساسيا بتكوين الناتج المحلي الإجمالي، لذلك فأن تراجعت مستويات الاستهلاك سيكون له أثر سلبي على مصير مستويات النمو.