أسبوع اقتصادي جديد يطل علينا و لا تزال القارة الأوروبية تكافح جاهدة لاحتواء أزمة الديون السيادية التي بدأت تلقي بظلالها على أسبانيا، و وسط حالة المخاوف و التوتر التي تسود أسواق السندات الأوروبية بدأت بوادر التعافي تظهر على الاقتصاد الملكي خلال الثلاثة أشهر الأولى من العام الجاري، و هذا بالتزامن مع موسم نتائج أعمال الشركات في القارة الأوروبية التي سوف ترفع النقاب عن أداء بعض الشركات العملاقة مثل رويال دويتش شل و باركليز عدد من البنوك الأسبانية التي تواجه العديد و العديد من الصعاب.
سنبدأ مقالتنا بالحديث عن الاقتصاد الملكي الذي بدأ يقدم بعض الإشارات الايجابية للتعافي و العودة لدائرة النمو الاقتصادي خلال الربع الأول من العام الجاري، بعد أن وقعت المملكة في ركود اقتصادي طفيف خلال الربع الأخير من العام الماضي بتأثير من تداعيات أزمة الديون السيادية الأوروبية و التخفيضات العمقية في الإنفاق العام.
ننتظر هذا الأسبوع على الأجندة البريطانية القراءة المتقدمة للناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة خلال الربع الأول بنسبة 0.1% مقارنة بالانكماش خلال الربع الرابع بنسبة 0.3%، و على المستوى السنوي يتوقع أن ينمو الاقتصاد بنسبة 0.3% من 0.5%.
نلاحظ أن أداء الاقتصاد البريطاني بدأ بالتحسن خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2012 ، إذ رأينا بأن قطاع الصناعة و الخدمات بالإضاقة للبناء قد حققوا نموا ملحوظا متحديا قيام الحكومة في إقرار سياسات تقشفية صارمة لتخفيض العجز في الميزانية العامة.
أن من أهم بوادر الخير في المملكة المتحدة، بداية انخفاض معدل البطالة خلال الثلاثة أشهر المنتهية في شباط إلى 8.3% من 8.4%، و الذي يعد مفاجأة للأسواق و إشارة واضحة على بداية التحسن و التعافي، إذ يعد تحسن سوق العمل في أي اقتصاد دليل على عودة الحياة للدورة الانتاجية التي تعد حجر الاساس لنمو الاقتصاد.
أن العائق الأساسي أمام الاقتصاد البريطاني في الوقت الراهن هو التخفيضات في الإنفاق العام التي أضرت بمستويات النمو خلال الفترة الماضية و التي من المتوقع أن تظهر هذا الأسبوع عجزا في التمويلات العامة يصل إلى 16.0 مليار جنيه في آذار من العجز السابق بمقدار 15.2 مليار جنيه، وأن الأثر السلبي لهذه التخفيضات دفع البنك المركزي البريطاني خلال الأشهر الماضية لتوسيع برنامج شراء الأصول لمستويات 325 مليار جنيه.
و الملفت في هذه القضية، انحسار الإختلاف بين أعضاء لجنة السياسة النقدية في المركزي البريطاني، إذ تراجع آدام بوسين هذا الشهر عن رأيه و صوت لتثبيت برنامج الأصول بعد شهريين متتالين صوت فيهما لتوسيع البرنامج بمقدار 75 مليار جنيه مقابل 50 مليار جنيه، إذ على مايبدو بأن بوسين بدأ يتوخى مخاطر ارتفاع التضخم في البلاد.
انتقالا إلى منطقة اليورو التي تعاني من تداعيات ازمة الديون السيادية التي باتت تهدد الاقتصاديات الأوروبية العملاقة، خاصة بعد الشائعات المنتشرة في الأسواق عن خسارة فرنسا التصنيف الائتماني الممتاز، بالإضافة إلى التكهنات بان اسبانيا سوف تتتبع اليونان و تطلب المساعدة الخارجية.
أن الاثر السلبي لهذه المخاوف و التوترات بدا واضحا على أسواق السندات الاوروبية التي شهدت خلال الأسابيع الماضية التي شهدت ارتفاعا ملحوظا في العائد على السندات، خاصة الاسبانية التي وصل العائد على السندات ذات أمد عشرة أعوام قريبة من العائد على السندات اليونانية ، البرتغالية و الايرلندي.
يتوقع أن تبقى التوترات مسيطرة على الأسواق الأوروبية خاصة و أن البيانات من منطقة اليورو التي ننتظرها هذا الأسبوع سوف تؤكد بان أداء كلا من القطاع الصناعي و الخدمي في منطقة اليورو و ألمانيا دون المستويات المقبولة، و مع تقرير مناخ الأعمال الأوروبي الذي سوف يؤكد بأن الشعور العام للمستثمرين تجاه الاقتصاديات الأوروبية لا يزال متشائما.
أخيرا، سوف تتسلط الأضواء هذا الأسبوع على نتائج أعمال الشركات الاوروبية على رأسها رويال دويتش و باركليز مع روشيه السويسري خلال الربع الأول و التي من المتوقع ان تظهر أداء سلبيا وسط تفافم أزمة الديون الأوروبية و الأثر السلبي الأكبر سوف يكون على نتائج أعمال البنوك الأسبانية التي سوف تعلن عن نتائج سيئة هذا الأسبوع وسط الضعف العام للقطاع المصرفي الأسباني.