كتبت – يارا الجناينى:
تلقى سوق السيارات المستعملة العديد من الصفعات منذ بداية العام الحالي، بدأت بتطبيق اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية والإعفاء الجمركي الكامل على السيارات الأوروبية ما أدى إلى تراجع أسعارها، ثم ظهرت حملات مقاطعة شراء السيارات لتتسبب في ركود سوق السيارات بعض الشيء، وتنافست شركات السيارات في تقديم عروض تخفيضات على أسعار السيارات الجديدة لتزيد من ركود المستعمل، وأخيرًا جاء قرار نقل ملكية السيارة إجباريًا للمشتري ليقضى على عمليات توالي البيوع عن طريق التوكيل الذي كان السبيل الشائع لبيع السيارات داخل سوق المستعمل.
وقد وافق مجلس الوزراء، في اجتماعه الأربعاء الماضي، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون المرور الصادر برقم 66 لسنة 1973، سعياً لوضع القواعد التى تكفل حث ملاك المركبات على سرعة نقل ملكيتها أو تجديدها خلال أجل محدد
وشملت هذه التعديلات إضافة فقرة ثانية للمادة رقم 19 من القانون تنص على «وفى جميع الأحوال لا يجوز نقل ملكية المركبة إلا بناء على طلب مالكها، أو وكيله الخاص لمرة واحدة، ولا يجوز إصدار توكيل ثان من المالك أو وكيله عن ذات المركبة، ويجب نقل الملكية خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدور التوكيل وإلا اعتبر كأن لم يكن».
وأضاف مشروع القانون فقرة ثالثة للمادة 22، تنص على «تجدد رخصة المركبة بناء على طلب مالكها، كما يجوز تجديدها بالنسبة للأشخاص الطبيعيين بتوكيل خاص لمرة واحدة من مالك المركبة يكون سارياً لمدة ثلاثة أشهر من تاريخ صدوره وإلا اعتبر كأن لم يكن، أما بالنسبة للأشخاص الاعتباريين فيجوز تجديدها بتوكيل عام يسري لمدة سنة من تاريخ صدوره».
وسوف يتم إعطاء فترة انتقالية مدتها 3 أشهر لتوفيق الأوضاع لمن ستنتهي توكيلاتهم في مدة الأشهر الثلاثة.
ومن جانبه أكد مصدر بالإدارة العامة للمرور أن قرار نقل ملكية السيارة إجباريًا للمشترى يساهم بشكل كبير في تسهيل العمليات المرورية، مشيرًا إلى وجود عدد كبير من رخص السيارات المسجلة باسم مالك السيارة وقد قام بيبعها، ما يؤدي إلى وجود خلط فى البيانات.
وأوضح المصدر أن تطبيق تعديل قانون المرور الأخير يمنع الملابسات التي قد تحدث نتيجة عدم تحديث بيانات رخصة السيارة المقيدة داخل النظام المروري والتي كانت تمثل عقبة رئيسية، بالإضافة إلى صعوبة إيجاد المالك الحقيقى للسيارة حال وقوع حادث أو أزمة تسببت بها السيارة.
وأضاف أن الدولة حاليًا تتوجه بصدد التكنولوجيا، وذلك من خلال ربط أنظمة المرور وأنظمة الشهر العقارى وأنظمة النيابة وأنظمة الرقم القومي تسهيلًا لعمليات البحث عن البيانات الخاصة بالمواطنين، وقد أتخذت الحكومة أولى خطواتها في هذا الصدد فى كثير من الجهات المعنية مثل الأحوال المدنية والمرور الذي يعانى نظامه من بعض المشاكل نظرَا لوجود عدد كبير من السيارات المرخصة في مصر والذي يقدر عددها بـ10.9 مليون سيارة.
أوضح المصدر أن مالك السيارة الذى باع سيارته عن طريق التوكيل دون تسجيل عقد بالشهر العقاري، كان يضطر لدفع رسوم إضافية حال امتلاكه سيارة أخرى، وتسمى تلك الرسوم بـ»الضريبة الترفيهية» وكانت تبلغ قيمتها 200 جنيه، بينما وصلت إلى 400 جنيه سنويا وفقًا للتعديل النهائي.
وعلى العكس، يرى المستشار أسامه أبو المجد، رئيس رابطة تجار السيارات، أن قرار نقل ملكية السيارة إجباريًا يعد من أكبر المخاطر التي تهدد سوق السيارات المستعملة، وخاصة الفقرة الأخيرة من المادة 22 للقانون رقم 66 لسنة 1973 والتى تنص على «تجدد رخصة المركبة بناء على طلب مالكها، كما يجوز تجديدها بالنسبة للأشخاص الطبيعيين بتوكيل خاص لمرة واحدة من مالك المركبة، بشرط أن يكون ساريًا لمدة ثلاثة أشهر من تاريخ صدوره وإلا اعتبر كأن لم يكن، أما بالنسبة للأشخاص الاعتباريين فيجوز تجديدها بتوكيل عام يسري لمدة سنة من تاريخ صدوره».
وتقدمت رابطة تجار السيارات بقيادة المستشار أسامة أبو المجد بمذكرة لمجلس الوزراء تطالب فيها بعدم تحديد مدة التوكيل وتركها مفتوحة لأخذ التدابير اللازمة، كما طالبت من أحد أعضاء مجلس النواب بتقديم طلب إحاطة في مجلس النواب، وأستنكر أبو المجد مدة التوكيل المقررة عند ثلاثة أشهر نظرًا للمشاكل التى قد تسببها تلك المدة الوجيزة التى من أهمها إهدار المال الخاص، مؤكدًا أنه لا ضرر من إصدار توكيل واحد فقط لرخصة السيارة منعًا للتلاعب الناشئ من توالي البيوع وتعدد التوكيلات.
وأضاف أبوالمجد أن قيمة رسوم تسجيل عقود بعض السيارات بالشهر العقاري مرتفعة جدا نظرا لارتفاع أسعار تلك السيارات بالإضافة إلى زيادة قيمة رسوم التسجيل فى الآونة الأخيرة، ما يسفر عنه ارتفاع أسعار السيارات المستعملة وبدوره يزيد من ركود السوق وجمود حركة البيع والشراء التي لن تقتصر فقط على المستعمل بل تمتد لسوق السيارات الجديدة.
ومن جهة أخرى، قال العميد إبراهيم إسماعيل المدير التنفيذي لأسواق السيارات المستعملة بالحى العاشر بمدينة نصر إن المادة 19 بمشروع تعديل بعض أحكام قانون المرور والتي تنص على البيع بتوكيل لمرة واحدة وتحدد نقل ملكية السيارة خلال ثلاثة أشهر إجباريًا للمشتري، ستسهم في خفض أسعار السيارات المستعملة. مؤكدًا أن القرار لن يؤثر بشكل مباشر على حركة البيع والشراء داخل السوق.
وأشار إلى أن تجار السيارات المستعملة يستحوذون على أكثر من %95 من السوق ما يتناقض مع الهدف الرئيسي من تواجد سوق المستعمل وهو السماح للأفراد من مالكي السيارات بعرض سياراتهم للبيع. وأوضح أن التاجر هو المتضرر الوحيد من تطبيق قرار نقل ملكية السيارة إجباري من خلال تسجيل عقد بالشهر العقارى لا سيما أن تجار المستعمل يلجأون للتوكيل في عمليات بيع وشراء السيارات هروبًا من دفع رسوم تسجيل العقود بالشهر العقاري.
وأضاف إسماعيل أن التعديل الأخير في قانون المرور يرغم التاجر لبيع السيارة خلال المدة المقررة بثلاث أشهر ما يجبره على خفض هامش ربحه والذي بدوره يساهم فى تراجع أسعار السيارات المستعملة، مؤكدًا أن هذا القرار فى مصلحة المستهلك.
وذكر المدير التنفيذى لأسواق السيارات المستعملة أن أسعار السيارات المستعملة بدأت في التراجع نظرًا لإنخفاض سعر السيارات الجديدة بالإضافة إلى الزيادة الاخيرة فى أسعار الوقود، مشيرًا إلى زيادة حركة البيع والشراء داخل السوق بنسبة %25 خلال الفترة الماضية.
وفي نفس السياق، يرى المهندس على توفيق خبير السيارات ان التعديل الأخير بقانون المرور رقم 66 لسنة 1973 جاء تصحيحًا لوضع خطأ موجود فى قطاع السيارات، وتسبب في الكثير من الأضرار،فطالما باع مالك السيارة سيارته لابد أن يقوم المالك الجديد بتسجيلها في الشهر العقاري وهذا وضع حقيقي، مؤكدًا أنه كلما وصلنا للأوضاع الحقيقية كلما أصبح حال قطاع السيارات أفضل.
وأضاف أن البيع عن طريق التوكيل كان ينتج عنه مشكلات عدة، فعلى سبيل المثال عند وفاة مشتري السيارة عن طريق التوكيل فى بعض الحالات كانت لا تدخل السيارة ضمن الميراث نظرًا لعدم ثبوت ملكية السيارة. بالرغم من أن التوكيل بالبيع أو التصرف غير قابل للإلغاء كما أن أي سلوك خاطئ يرتكبه المالك الجديد ينسب للمالك الأصلي صاحب الرخصة.
وأوضح أن تاجر السيارات المستعملة كان المستفيد الوحيد من البيع عن طريق التوكيل، حيث كان يشتري السيارة ثم يبيعها عن طريق التوكيل فيقوم المالك الجديد ببيعها مرة أخرى وتتوالى البيوع على السيارة الواحدة، وتلك العمليات تدخل تحت بند «النشاط التجاري» ومن ثم كان لابد للتاجر دفع ضرائب للدولة عن هذا النشاط.
وقال توفيق إن هذا القرار لن يؤثر كثيرا على سوق المستعمل حيث إن من يعمل بتجارة السيارات سيستمر فيه ولن يعوقه أى قرار خاص بالقطاع، ولكن سينعكس ذلك على سعر السيارات المستعملة، فإما أن يخفض التاجر من ربحيته ما يؤدي إلى تراجع الأسعار وإما أن يزيد من هامش ربحة ما يتبعه زيادة في أسعار السيارات.
ويرى خبير السيارات أن ذلك القرار ليس له علاقة بسوق السيارات الجديدة، حيث إن مستهلك السيارات المستعملة يختلف عن مستهلك السيارات الجديدة، فهو لن يتجه للسيارات الجديدة لمجرد زيادة التكاليف بنسبة بسيطة.
وعلى النقيض، أكد إبراهيم محمد تاجر بسوق المستعمل أن التعديل الأخير بقانون المرور رقم 66 لسنة 1973 من شأنه أن يزيد من جمود حركة البيع والشراء، كما سيتسبب في وقوع خسائر مادية على التجار، معللًا أنه من غير المنطقي للتاجر أن يسجل عقود جميع السيارات التي يقوم بشرائها، ما يؤدي ذلك إلى شلل تام في الحركة.
وأضاف أن جميع رسوم تسجيل عقد السيارة بالشهر العقاري يتحملها المشترى فقط موضحًا أن جميع تعاملات البيع كانت تتم عن طريق التوكيل تسهيلًا على البائع والمشتري.
وقال أحمد الحلواني تاجر بسوق السيارات المستعملة إن القرار الخاص بنقل ملكية المركبة لمشتريها بشكل نهائي من خلال تسجيل عقدًا بالشهر العقاري، سيساهم بشكل كبير في جمود سوق المستعمل، لاسيما أن معظم عمليات البيع في السوق كانت تتم عن طريق التوكيل الذى لا يعتمد على التسجيل بالشهر العقاري، وأشار إلى بعض عمليات البيع التي كانت تتم بشكل غير رسمي وبدون أورواق رسمية.
وأضاف أن سوق السيارات المستعملة غير قادر على تحمل المزيد من الأعباء، فهو يعاني حاليًا من عدة أزمات نتيجة لعروض التخفيضات التي أطلقتها بعض شركات السيارات في مصر على أسعار سيارتها، حيث أصبح الفارق السعرى بين السيارات الجديدة والسيارات المستعملة غير مُرضٍ بالنسبة للمستهلك، ما دفع العديد من عملاء المستعمل لتغيير وجهتهم إلى اقتناء سيارة جديدة بدلُا من المستعمل.