استطاع متداولو السندات العالميين، ممن غامروا في أفريقيا خلال 2019، جنى مكاسب هائلة، وحقق الدين السيادي للقارة السمراء المقوم بالدولار عائدات إجمالية بنسبة %20 منذ بداية العام، أي أكثر من أي منطقة أخرى في الأسواق الناشئة.
أوضحت وكالة أنباء «بلومبرج»، أن السندات المحلية قدمت أيضاً أداءً قوياً، إذ استطاعت كل من السندات المقومة بالجنيه المصري و«النايرا» النيجيرية تحقيق عائد أكثر من %30 عنه بالدولار.
وإذا بقيت البنوك المركزية الكبرى في العالم، فى وضع حذر العام المقبل، فإن ذلك من شأنه أن يحافظ على العوائد المرتفعة فى الأسواق الناشئة ويزيد الطلب على السندات الأفريقية.
وقال خبراء استراتيجيون في «بنك أوف أميركا»، بمن فيهم ديفيد هانر من لندن، إن أفريقيا أرض الفرص، ويمكن أن تكون واحدة من المستفيدين الرئيسيين إذا حققت الولايات المتحدة والصين مزيداً من التقدم في المحادثات التجارية.
وفي هذا الصدد، سلطت «بلومبرج» الضوء على أهم 10 أسواق رئيسية عام 2020، وهي كالآتى:
مصر
لاتزال مصر وجهة مفضلة بالنسبة للمستثمرين فى محافظ الأوراق المالية، إذ تدافع عليها المتداولون، الذين اجتذبتهم العائدات على السندات المقومة بالجنيه المصري البالغة %14 تقريباً وارتفعت قيمة عملتها المحلية بنسبة %12 هذا العام، وهو أفضل أداء لها منذ 25 عاماً على الأقل.
ويتوقع بنك «سوسيتيه جنرال» الفرنسي ارتفاع مكاسب العملة بنسبة %4.5 إضافية لتبلغ 15.35 مقابل الدولار في العام المقبل.
ومع ذلك، قالت الوكالة، إن الإصلاحات لم تجذب الاستثمار الأجنبي المباشر والوظائف، اللذان تحتاجهما مصر بشدة، ويعتزم المستثمرون مراقبة السوق المصري لمعرفة ما إذا كانت البلاد ستشهد أي احتجاجات مناهضة للحكومة، كتلك التي حدثت في سبتمبر الماضى، والتي أثرت على الأسواق المحلية لفترة وجيزة.
أنجولا
لايزال ثاني أكبر منتج للبترول في أفريقيا، يعاني من انهيار أسعار البترول الخام قبل 5 أعوام، كما أن صندوق النقد الدولي، قال اﻷسبوع الحالي، إن اقتصاد أنجولا سيعاني انكماشاً للعام الرابع على التوالي في 2019.
ومع ذلك، تأثر المستثمرون بإصلاحات البنك المركزي في البلاد، بما في ذلك خفض قيمة «الكوانزا» اﻷنجولية، وأدى انخفاض قيمة العملة بنسبة %32 مقابل الدولار هذا العام، إلى زيادة الضغوط التضخمية، لكنه خفف أيضاً من أزمة نقص النقد الأجنبي التي كانت تعيق اﻷعمال التجارية.
إثيوبيا
لاتزال الدولة الواقعة في القرن الأفريقى واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم، ولكن ذلك يحجب مشاكل البلاد العميقة، إذ تسارعت معدلات التضخم هناك إلى أكثر من %20، وتفتقر الدولة للعملات الأجنبية بشكل حاد.
ولجأ رئيس الوزراء أبي أحمد على، الحائز على جائزة نوبل للسلام هذا العام، إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 2.9 مليار دولار لمدة 3 أعوام، وهي خطوة لاقت ترحيباً كبيراً من المستثمرين، خصوصاً أنها من شأنها تسريع خطط الانفتاح وتحديث الاقتصاد الخاضع لسيطرة الدولة.
غانا
عادة ما يتمتع ثاني أكبر اقتصاد في غرب أفريقيا، بسجل من الإسراف المالي فى الفترة السابقة للانتخابات، ولكن المستثمرون يعتزمون مراقبة الحكومة لمعرفة ما إذا كانت أكثر حذراً في انتخاباتها العامة المقررة نهاية عام 2020، والتي يحتمل أن يسعى خلالها الرئيس نانا أكوفو أدو للحصول على فترة ولاية ثانية.
وعانى «السيدي» الغاني من ضغوط كبيرة، ووصل لأدنى مستوى ديسمبر الحالي، ولكن بنك «رينيسانس كابيتال»، الذي يوصي العملاء بشراء سندات غانا المقومة باليورو، قال إن «السيدي» يعتبر آلان واحداً من أكثر العملات المقومة بأقل من قيمتها الحقيقية في أفريقيا.
ساحل العاج
تعتزم الدولة الفرانكوفونية عقد انتخابات عامة في أكتوبر المقبل، وهي خطوة كان يأمل كثير من المحللين أن تشكل انتقال الحكم إلى القادة الشباب، ولكن هناك احتمال أن تكون المنافسة بين الرئيس الحسن واتارا، الذي تولى السلطة في عام 2011، وخصميه الرئيسين السابقين هنري كونان بيديه، ولوران غباغبو.
وقالت آن فروهوف، ومالت ليويرشيدت، المحللتان في مؤسسة «تيني إنتيليجنس»، إن اﻷمر إذا سار على هذا النحو، فإن البلاد تخاطر بالوقوع مرة أخرى في اضطرابات سياسية، التي تبدو أنها انتهت بالكاد قبل 10 أعوام.
كينيا
يتوقع نمو اقتصاد كينيا بنسبة %5.8 العام المقبل، مما يجعلها واحدة من أكثر دول أفريقيا انتعاشا.
قال «بنك أوف أمريكا»، إن إلغاء الحد الأقصى لأسعار الفائدة نوفمبر الماضي، يعتبر سبباً إضافياً للتفاؤل بالنسبة للمستثمرين، ويجب أن يساعد الحكومة للحصول على اتفاقية استعداد ائتماني من صندوق النقد الدولي، كما أن قدرة البلاد لكبح جماح عجز الموازنة ستكون مفتاح التوقعات المستقبلية للبلد الواقع في شرق أفريقيا.
موزمبيق
أكملت موزمبيق إعادة هيكلة ديونها فى أكتوبر الماضى، منذ أن تخلفت عن سداد سندات مقومة باليورو بقيمة 727 مليون دولار بداية عام 2017، مما يمهد الطريق أمام الحكومة لجمع التمويل الذي تحتاجه لجزء من مشاريع الغاز البالغ قيمتها مليارات الدولارات، وبمجرد الانتهاء من ذلك، فمن المتوقع أن تصبح الدولة الفقيرة الواقعة جنوب أفريقيا، ومصدر رئيسي للغاز الطبيعي المسال.
نيجيريا
من المحتمل أن تستمر مكانة نيجيريا كواحدة من أفضل الأماكن لتجارة الفائدة، طالما أن محافظ البنك المركزي النيجيري جودوين إيمفييل يحافظ على استقرار «النايرا» النيجيرية.
ولكن أصبح هذا أكثر صعوبة، إذ انخفضت احتياطيات النقد اﻷجنبي النيجيرى بنسبة %14 ليصل إلى 39 مليار دولار منذ يوليو الماضي، وأشار إيمفييل إلى أنه سيسمح بتراجع الاحتياطي بشكل أكثر قبل تخفيف قبضته على العملة، التي تتزحزح بالكاد.
جنوب أفريقيا
أوضحت بيانات بورصة جوهانسبرج، أن المستثمرين في محافظ الأوراق المالية غادروا جنوب أفريقيا بصورة جماعية هذا العام، وسحبوا 10 مليارات دولار من أسواق الأوراق المالية والسندات المحلية.
جاء ذلك نظراً لشعور المستثمرين بالقلق من الأزمة المتفاقمة فى شركة «إسكوم هولدينجز إس أو سي» للطاقة المملوكة للدولة، التي لا تستطيع خدمة ديونها البالغة 30 مليار دولار دون دعم حكومي، والفرص المتزايدة لقيام وكالة «موديز» للتصنيفات الائتمانية بخفض تصنيف جنوب أفريقيا النهائي من دولة استثمارية إلى دون الدرجة الاستثمارية.
ومع ذلك، إذا أحرز الرئيس سيريل رامافوسا تقدما في إصلاح «إسكوم هولدينجز»، فمن المحتمل أن يعود المستثمرون إلى البلاد سريعاً.
زامبيا
تدهور اقتصاد زامبيا هذا العام، وعانى من مشكلات عديدة، أحدثها الجفاف الشديد وانقطاع التيار الكهربائي، كما أن السندات الدولارية للدولة المنتجة للنحاس تبلغ عائداتها نحو %20، مما يشير إلى أن المستثمرين يرون أن هناك مخاطرة كبيرة بالتخلف عن السداد.
ومع ذلك، لايزال أمام الحكومة بعض الوقت، فسنداتها المقومة باليورو المقبلة لن تستحق قبل سبتمبر 2022، ولكن العديد من المحللين يعتقدون أنها ستواجه صعوبة في تجنب إعادة الهيكلة ما لم تحصل بسرعة على تخفيف عبء الديون على القروض المقدمة من الصين وخطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي.