Investing.com - تلقت روسيا جولتها الخامسة من عقوبات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، بعد مزاعم بوجود فظائع حرب في مدينة بوتشا الأوكرانية، وإلى جانب فرض العقوبات على المؤسسات المالية الروسية والأثرياء، قررت المملكة المتحدة وقف كافة واردات الفحم والنفط بنهاية هذا العام.
واتبع الاتحاد الأوروبي نفس الخطى وفرض حظر على واردات الفحم فقط، كما مدد الحظر على الشاحنات والسفن الروسية لمنعها من دخول الاتحاد الأوروبي، من جهة أخرى، واصلت أوكرانيا طلب المساعدات بينما تستعد القوات الروسية لهجومها الجديد على المنطقة الشرقية (SE:3080) من أوكرانيا.
وكان الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية والوقود العالمية نتيجة اضطرابات سلسلة التوريد التي تسببت بها الحرب، قد أدى إلى تزايد التحديات التي يتعرض لها محافظي البنوك المركزية بكافة أنحاء العالم في معركتهم ضد التضخم المتزايد والمحتمل، كما ساهم ايضاً في تعقيد آفاق النمو الاقتصادي.
اشتعال التضخم
يبدو أن الاقتصاد الأمريكي قد شهد أداءً جيداً خلال الربع الأول من العام 2022 رغم الضغوط التضخمية وتوقعات ارتفاع أسعار الفائدة مما أثر سلباً على التوقعات، وقد ارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات في مارس إلى 58.3 نقطة مقابل 56.6 نقطة الشهر السابق، وذلك بفضل تزايد معدلات التوظيف والطلبات الجديدة.
ومع ارتفاع معدل التضخم ليسجل أعلى مستوياته خلال أربعة عقود، اختتم الأسبوع بالإعلان عن وصول طلبات اعانة البطالة إلى 166 ألف طلب، مما يعد أدنى مستوياته المسجلة منذ عام 1968، مقابل توقعات بان يصل إلى 201 ألف طلب مقارنة بمطالبات الأسبوع السابق التي بلغت 171 ألفاً، مما يعكس تشديد أوضاع سوق العمل.
بيانات هامة
وتتجه الانظار حالياً إلى البيانات الاقتصادية الشهرية الجديدة التي من المقرر صدورها الأسبوع المقبل، حيث سيتم الإعلان عن بيانات مؤشر أسعار المستهلك.
ومؤشر أسعار المستهلك الأساسي يوم الثلاثاء، كما سيصدر مؤشر أسعار المنتجين يوم الأربعاء، وبيانات مبيعات التجزئة يوم الخميس.
بدأ التشديد
دفعت البيانات الأخيرة إلى تشديد الاحتياطي الفيدرالي للسياسات النقدية في إطار مساعيه لكبح جماح التضخم كأحد أبرز الأولويات التي يسعى لتحقيقها.
وكشف محضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في اجتماع مارس عن خطة لخفض الأصول بمقدار 95 مليار دولار شهرياً، أي ما يقرب من ضعف مستوى الذروة البالغ 50 مليار دولار المستخدم في فترة التشديد السابقة الممتدة ما بين عامي 2017 و2019.
وعلى وجه التحديد، سيترجم الخفض المقترح إلى 60 مليار دولار من سندات الخزانة و35 مليار دولار من الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري.
بالإضافة إلى ذلك، أتاح ذلك المجال إلى توقع رفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس بعد الكشف عن أن العديد من المسؤولين فضلوا تلك النسبة في الاجتماع الأخير، والذي تم تأجيله بصفة رئيسية في ظل الحرب الروسية.
وصرح جيمس بولارد، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، إنه يفضل رفع سعر الفائدة إلى 3 - 3.25% في النصف الثاني من العام الحالي.
في حين أشار كلا من تشارلز إيفانز، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، ورفائيل بوستيك، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، إلى إنهما يفضلان رفع أسعار الفائدة إلى مستوى متعادل مع مراقبة أداء الاقتصاد.
ردة فعل
على الرغم من استبعاد مخاوف الركود وطمأنة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بأن الولايات المتحدة قادرة على تحمل ارتفاع أسعار الفائدة، إلا ان الأسواق المالية كانت في حالة تأهب نظراً لتوقعها تداعيات نتيجة حملة تشديد السياسات النقدية على النمو الاقتصادي.
وقد ساهم محضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في تراجع سندات الخزينة، مما أدى إلى ارتفاع عائد سندات الخزينة لأجل 10 سنوات إلى 2.70 % وعائد السندات لأجل عامين إلى 2.51% بعد المخاوف الأولية التي أحدثها محضر الاجتماع.
كان تعافي الأسهم من الخوف من محضر اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي قصير الأجل وانتهت معظم المؤشرات الرئيسية في انخفاض، باستثناء مؤشر داو جونز
ثبات الدولار
ارتفع الدولار بدعم من القفزة التي شهدتها عوائد سندات الخزينة وتشديد الاحتياطي الفيدرالي لسياساته النقدية.
ووصل مؤشر الدولار إلى 100 نقطة للمرة الأولى منذ عامين ليعود ويفقد الزخم في وقت لاحق وينهى تداولات الأسبوع مغلقاً عند مستوى 99.796 نقطة.
وكانت العملات الأوروبية الأكثر تضرراً، حيث بدأت في التراجع تحت وطأة العقوبات التي فرضتها على روسيا مما انعكس سلباً على اقتصاداتها.
وفشل اليورو في الاستفادة من محضر اجتماع البنك المركزي الأوروبي المتشدد وظل متراجعاً لينهي تداولات الأسبوع مغلقاً عند مستوى 1.0880.
وتراجع مؤشر الجنيه الإسترليني، وأنهى تداولات الأسبوع متراجعاً إلى مستوى 1.3034، وانخفض الدولار الأسترالي مرة أخرى إلى0.7457 بعد تشديد الولايات المتحدة لسياستها النقدة بمستويات تخطت سياسات الاحتياطي الأسترالي.
من جهة أخرى، تأثر الين الياباني على خلفية استمرار اتساع الفجوة بين سياسات بنك اليابان والاحتياطي الفيدرالي، وأنهى تداولات الأسبوع فوق مستوى 124.
نمو ممزق
تتعامل الدول الأوروبية مع تداعيات العقوبات التي فرضتها على روسيا وانعكاس ذلك على اقتصاداتها.
حيث ارتفع معدل التضخم إلى 7.5% في مارس، بزيادة كبيرة من مستوى الذروة لتوقعات البنك المركزي الأوروبي البالغة 5.1% وسط استمرار تضخم أسعار المواد الغذائية والطاقة واختناقات التصنيع العالمية.
وبالأخذ في الاعتبار اعتماد المنطقة بشكل كبير على الطاقة الروسية، فقد عطلت الحرب والعقوبات اتجاه النمو الأخير وبدأت في الإضرار بمستويات الثقة.
وشهدت ألمانيا انخفاض إنتاج المصانع في فبراير للمرة الأولى في أربعة أشهر بنسبة 2.2%، مما أدى إلى محو مكاسب الشهر السابق البالغة 2.3%.
ولم تصل مبيعات التجزئة في الاتحاد الأوروبي في فبراير إلى مستوى التوقعات عقب تسجيلها ارتفاع بنسبة 0.3% مقابل توقعات بتسجيلها ارتفاع بنسبة 0.6%، لكنها حققت أداءً أفضل من مكاسب يناير البالغة 0.2%.
ومن المقرر ان يصدر مؤشر ZEW لمعنويات الاقتصاد الألماني والاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء من الأسبوع الحالي.
مطرقة وسندان
على الرغم من تزايد المخاطر التي تهدد الاقتصاد، إلا ان تزايد معدلات التضخم في منطقة اليورو بصورة مفاجأة أضاف المزيد من الضغوط على البنك المركزي الأوروبي لمراجعة بيانات التضخم وتغيير موقفه من سياسته النقدية.
وبعد أن قرر البنك المركزي وقف برنامج مشتريات الأصول في سبتمبر المقبل، زادت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد من مساحة المناورة حيث أضعفت الرابط بين انهاء برنامج مشتريات الأصول وبدء رفع أسعار الفائدة.
وأشار اجتماع السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي في مارس إلى حرص صانعي السياسات النقدية على كبح التضخم وعزمهم المضي في مسارهم نحو تشديد السياسات النقدية.
وتعتبر الحرب الدائرة في المنطقة من أبرز القضايا الشائكة التي تهدد آفاق النمو الاقتصادي، ومن غير المتوقع أن يقدم الاجتماع القادم للبنك المركزي الأوروبي المقرر عقده يوم الخميس أية تغييرات.
إلا ان الأسواق تواصل التسعير في مسار أسرع مما تبرره إشارات البنك المركزي الأوروبي، مع توقع تشديد السياسة على الأرجح في يونيو المقبل.
الصين
واصلت الصين التشبث بسياسة صارمة لمنع انتشار الفيروس، مما شكل ضغوطاً على اقتصادها، وأعاقت القيود المفروضة لاحتواء الفيروس محركات نمو الاستهلاك التقليدية، وفرضت قيود على التنقل، وأثرت سلباً على طلب العملاء.
وقد تلقى قطاع الخدمات الصيني ضربة هائلة في مارس، حيث تقلص مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات من Caixin إلى 42 مقابل 50.2 الشهر السابق مما يعد أسرع وتيرة تراجع يسجلها في عامين ويشير إلى انكماش اقتصادي.
ووفقاً لمؤشر مديري المشتريات، وصل النشاط التجاري الجديد إلى أدنى مستوياته منذ مارس 2020، وسجلت الصادرات الجديدة أيضاً أدنى مستوياتها منذ العام 2020.
ومن أبرز البيانات الاقتصادية التي ستصدر يوم الاثنين بيانات مؤشر أسعار المستهلكين السنوي ومؤشر أسعار المنتجين.
وصرح بنك الشعب الصيني أنه سيقدم على تيسير السياسة النقدية في الوقت المناسب والبحث عن تدابير جديدة لتعزيز الاستهلاك في الوقت الذي تكافح فيه السلطات تزايد أعداد الإصابات بفيروس كورونا، وتراجع سوق العقارات، وارتفاع أسعار السلع الأساسية.
عاجل: عملة رقمية كبيرة قد تنهار.. 70% خسارة
اليابان
ما يزال بنك اليابان ملتزماً بتطبيق سياساته التيسيرية، حيث تدخل عدة مرات لمنع ارتفاع عائد السندات فوق مستوى 0.25%، وأثرت الحرب المستمرة، وضعف الين، والضغوط التضخمية عالمياً على القوة الشرائية للأسر والقطاع الاستهلاكي.
وتوقف نمو الأجور الحقيقي في فبراير حيث تقاربت الأجور المرتفعة مع تزايد معدلات التضخم، مما أدى إلى العزوف عن الشراء ما أدى إلى خفض الإنفاق الاستهلاكي.
وأشار المدير التنفيذي السابق لبنك اليابان إلى أن بنك اليابان قد يعدل سيطرته على العائدات في أقرب وقت هذا الصيف بسبب مخاوف من ضعف الين والاستياء العام من التضخم، مما يمثل تحدياً لوجهة نظر وموقف هاروهيكو كورودا، محافظ البنك المركزي.
عاجل: عملة رقمية يشتريها الحيتان بقوة
استراليا
أبقى بنك الاحتياطي الأسترالي على أسعار الفائدة دون تغيير عند مستوى 0.10%، إلا انه اتخذ موقفاً متشدداً بعد استبعاده لعبارة "التحلي بالصبر".
وكرر المحافظ فيليب لوي تركيزه على خفض معدلات البطالة إلى المستويات التي من شانها تعزيز نمو الأجور بنسبة 3% على الأقل نظراً لاستمرار شكوكه بشأن استدامة ارتفاع معدلات التضخم بدون تزايد نمو الأجور.
وفي مواجهة الانفعال الناجم عن أحدث البيانات الاقتصادية وارتفاع الطلب الاستهلاكي الذي يهدد بتزايد معدلات التضخم، من المتوقع أن يبدأ الاحتياطي الأسترالي رفع أسعار الفائدة في يونيو من هذا العام.
عاجل: التضخم في مصر.. ماذا حدث؟
السلع
في الوقت الذي يحاول فيه النفط التوازن ما بين حظر النفط الروسي وانخفاض الطلب الصيني، تراجعت مخاوف العرض قليلاً بعد أن قررت وكالة الطاقة الدولية الانضمام إلى الولايات المتحدة وسحب 60 مليون برميل من المخزونات الاستراتيجية.
كما جاءت مخزونات الخام الأمريكية أعلى من المتوقع بوصولها إلى 2.4 مليون برميل، وأنهى خام غرب تكساس الوسيط تداولات الأسبوع عند مستوى 98.26 دولار للبرميل بينما وصل سعر مزيج خام برنت إلى 102.78 دولار للبرميل بنهاية تداولات الاسبوع.
ومن المقرر أن تجتمع الأوبك هذا الأسبوع بعد أن اختارت الحفاظ على مسارها ورفضت تعديل خطتها طويلة الأجل لزيادة إنتاجها تدريجياً في مواجهة تهديدات نقص الإمدادات.