يوم جديد في هذا الأسبوع يطل علينا في جعبته العديد من البيانات التي يترقبها المستثمرين بشغف، فسيتمحور تركيز المستثمرين اليوم على المملكة المتحدة التي ستُكشف اليوم النقاب عن مسيرة نموها التي لا تلبث إلا بالتراجع و المُضي بشكل متواضع جداً، و هذا ما تترقبه الأسواق اليوم إلى جانب بعض البيانات الهامة الأخرى مع البحث عن أي تفاصيل عن الخطة الأوروبية.
يوم آخر تبقى القارة الأوروبية هي محور حديث المستثمرين بعد الخطة التي أفصح عنها القادة الأوروبيين الأسبوع الماضي في سبيل الاحتواء على أزمة الديون السيادية المتفشية في القارة و ضمان عدم انتشارها للدول الأوروبية الأخرى و خاصة الكبير منها مثل ايطاليا و اسبانيا، فإن تدهور هذه الدول سيؤدي إلى مشاكل اقتصادية لا يمكن السيطرة عليها، فنادى القادة ايطاليا على وضع مزيد من الإجراءات التقشفية في سبيل تحقيق الخفض المطلوب في نسبة عجزها.
هذا وقد أعلن رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو بشكل مفاجئ أمس عن أن دولته ستقوم بعمل استفتاء شعبي لحزمة المساعدات الثانية الأمر الذي يهدد مصير منطقة اليورو كاملة و مدى فاعلية الجهود الأوروبية لاحتواء الأزمة و منعها من الانتشار، حيث كان قد وافق القادة على رفع قيمة حزمة المساعدات إلى 130 مليار يورو الأسبوع الماضي، إلى جانب تخفيض قيم السندات اليونانية بنسبة 50%.
و من أوروبا اليوم ستكون بريطانيا هي ما ينظر عليه المستثمرين إلى جانب أي تفاصيل تُذكر توحي إلى كيفية تطبيق الخطة التي كشف عليها القادة الأسبوع الماضي، فنحن على موعد اليوم مع بيانات هامة تصدر عن المملكة المتحدة لمعرفة كيفية أداء المملكة خلال الربع الثالث و التي ليس من المتوقع أن يكون أفضل منه في الربع الثاني.
فتتصدر قائمة البيانات الاقتصادية الصادرة عن بريطانيا القراءة المتقدمة للناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثالث، و التي من المتوقع أن تُظهر نمواً عند 0.3% من 0.1% للقراءة المعدلة السابقة للربع الثاني، في حين أنه على الصعيد السنوي تُشير التوقعات إلى احتمالية تباطؤ النمو إلى 0.4% من 0.6% للقراءة السابقة، و ذلك وسط تراجع مستويات الإنفاق المحلية و تراجع مستوى الصادرات البريطانية للدول الخارجية.
لا بُد من الذكر هو قرار البنك المركزي البريطاني سابقاً في رفع سقف برنامج شراء الأصول بقيمة 75 مليار ليصبح 275 مليار جنيه وسط التباطؤ الشديد الذي تشهده وتيرة النمو الاقتصادي، فقد قام البنك بهذه الحركة الشجاعة متجاهلاً بذلك مستويات التضخم المرتفعة جداً للملكة و التي وصلت إلى 5.2% حالياً، و أشار البنك إلى الارتفاع الحاصل في أسعار الطاقة عالمياً هي العامل المؤقت الذي يدفع مستويات التضخم للارتفاع.
سنشير هنا إلى الوضع الحساس التي تشهده المملكة المتحدة بشكل عام في الآونة الأخيرة، فمع ارتفاع مستويات التضخم كما ذكرنا بشكل كبير جداً، شهد الاقتصاد حالة التباطؤ في النمو الاقتصادي مما وضع صُناع القرار البريطانيين في مأزق بين تضخم مرتفع و نمو متباطئ، لعدم القدرة على رفع سعر الفائدة للدولة.
هذا و قد أشار البنك للعوامل التي أثرت على مسيرة النمو البريطانية في اجتماعه السابق، فذكر أن الصادرات البريطانية قد تراجعت بشكل كبير في الآونة الأخيرة نتيجة تباطؤ أكبر الاقتصاديات العالمية التي قلصت الطلب عليها، و العامل الأكبر هو تفاقم أزمة الديون في المنطقة التي فرضت واقع الإجراءات التقشفية في القارة، مخفضين بذلك مستويات الطلب من أكبر شريك تجاري للمملكة.
لذلك، لن تغب عين المستثمر المحلي، الأوروبي أو العالمي عن بيانات مؤشر مدراء المشتريات الصناعي خلال تشرين الأول، و الذي قد يُظهر انخفاضاً وسط كل هذه الظروف الاقتصادية المحلية و المجاورة ليصل إلى الحد الفاصل بين الانكماش و النمو للقطاع 50.0 مقارنة بالشهر السابق الذي سجل نمواً عند 51.1، و من جهة أخرى، دعنا لا نغفل عن قطاع الخدمات المهم جداً أيضاً و الذي قد يُظهر بعض التراجع أيضاً، فقد يُظهر مؤشر الخدمات عدم نمو القطاع خلال شهر آب عند 0.0% مقارنة مع القراءة السابقة 0.2% وسنوياً عند 0.5% من 0.9%.
تحتل المملكة المتحدة نصيب كبير جداً من تركيز المستثمرين، إلا أنهم لن يغفلوا عن أية توضيحات أو تلميحات قد تصدر عن القارة الأوروبية ككل توضح كيفية تطبيق الخطة الأوروبية و خاصة الأمور الغامضة منها مثل خطة إعادة رسملة البنوك الأوروبية، و ما هي المصادر التي ستشترك في توسيع صندوق الاستقرار المالي الأوروبي، إلى جانب أي إجراءات قد تقوم فيها الدول المتعثرة في سبيل تحقيق خفض في العجز العام.
هذا و قد شهدنا منذ صباح أمس، حالة الحيرة و الحذر و عدم اليقين التي تُسيطر على المستثمرين من خلال النظر على تداولات اليورو، لينخفض من مستوياته الافتتاحية العليا التي كان قد حققها خلال الأسبوع الماضي، حيث هبط أمس من مستوى افتتاحه عند 1.4136 ليصل بعد ذلك أدنى مستوى عند 1.3967.
و لا بُد للإشارة هنا أن الأجندة الأمريكية خاوية اليوم من البيانات الاقتصادية الهامة التي قد تجذب انتباه المستثمرين، و عليه ستبقى حالة الحيرة و عدم اليقين طائفة على الأسواق الأوروبية و العالمية قبيل عقد اجتماع الدول العشرين الذي من المتوقع أن يلحقه مزيداً من التفاصيل على الخطة الأوروبية، و لكن بيانات مهمة جداً ستبقى هي المسيطرة على اتجاه الأسواق هذا الأسبوع، و اليوم لن تغيب حالة التذبذب عن الأسواق العالمية بشكل عام.