حيرات (أفغانستان)، 22 أكتوبر/تشرين أول (إفي): ربما تفرق الحروب والنزاعات المجتمع الافغاني، وتختلف الجماعات على أمور السياسة والفكر، ولكن هناك ما يلتقى عنده الغالبية العظمى من الافغان، بما فيهم عناصر طالبان، ألا وهو "أيس كريم هيرات"، الذي يقبل عليه الجميع، حتى في أبعد أودية أفغانستان الفسيحة.
الغريب ان سيارات شركة الايس كريم الافغانية تتمكن من شق طريقها في الوديان والطرق في جميع الاتجاهات دون تهديد يذكر، رغم وعورة بعض الطرق، وانتشار الالغام والنزاعات المسلحة في بعض المناطق، حتى ان مدير ومؤسس الشركة، فايز أحمد فايزي، يؤكد ان موظفيه يستقبلون بترحاب واضح في أي مكان في تلك البلاد ذات الطبيعة الوعرة.
ويقول فايزي والابتسامة تعلو وجهه ان "الجميع يعشق الايس كريم، خاصة في ظل ارتفاع الحرارة" في الوقت الحالي، حتى عناصر "طالبان يقبلون عليه".
وكانت "أيس كريم حيرات" قد بدأت تشغيل مصنعها في أفغانستان عام 2002 بالمنطقة الصناعية بحيرات (غرب)، وبرأس مال متواضع بلغ في ذلك الوقت نصف مليون دولار، ومع الوقت تحولت الى اكبر شركة لانتاج المثلجات وبعض منتجات الالبان في البلد الاسيوي، وارتفع رأس مالها الى نحو 12 مليون دولار.
وتنتج الشركة من مصنعها الرئيسي في هيرات، التي تعد ثالث أهم المدن الافغانية، نحو 30 طنا من الأيس كريم بشكل يومي، ترسلها الى مختلف انحاء البقاع الافغانية، بما فيها المناطق الوعرة التي يصعب الوصول اليها، أو تلك التي يسيطر عليها عناصر حركة طالبان.
ويلفت فايزي الى ان لديه نحو الف و300 عامل وموظف، يعمل الغالبية العظمى منهم في توزيع المثلجات، بداية من الأيس كريم، وحتى الشوكولاتة، مرورا بالحلوى المثلجة والمصاصات وقطع الجليد، الى 34 مقاطعة افغانية مختلفة، انطلاقا من منافذ التوزيع في هيرات وكابول (شرق) وقندهار (جنوب) ومزار الشريف (شمال).
ويذكر مالك الشركة ومديرها انه قبل ان يبدأ ذلك النشاط كان يعمل في تصدير واستيراد منتجات مختلفة من وإلى الصين وفرنسا وتايلاند، وانه فكر في انشاء مصنع الأيس كريم بعد ان رأى خلال احدى الزيارات الى الصين كيفية انتاج المثلجات على المستوى الصناعي، حيث كان الافغان يشتهرون باعداده في المنازل.
والآن، وبعد ان تحول حلمه الى حقيقة، يعترف فايزي انه ورغم أي شيء، لديه مخاوف متزايدة تجاه المشكلات اليومية التي قد تعترض المزيد من التوسع في صناعته، من بينها أمن موظفيه في بلد يعاني من النزاعات المسلحة، والانقطاع المتكرر للكهرباء، ومنافسة المثلجات الايرانية، التي تباع بنصف سعر نظيرتها الافغانية "بهدف اضعاف الصناعة الوطنية"، على حد قوله.
ولكن، ورغم كل شيء، ما زال فايزي متفائل، ويؤكد وهو يتجول بين أروقه مصنعه بوسط المنطقة الصناعية على مشارف حيرات، انه يخطط للتصدير لدول أسيوية خلال العامين المقبلين.
ويتفق عدد كبير من سكان العاصمة كابول على ان احد اهم اسباب نجاج "أيس كريم حيرات" يكمن في الموسيقى التي تقوم باذاعتها عربات توزيع الايس كريم، حيث تتخذ لحن أغنية تايتنك الشهيرة "ماي هارت ويل جو أون"، بهدف الاعلان عن وصول العربات وجذب المشترين.
وجرت العادة في أفغانستان على ان يقوم بائعي الأيس كريم بتقديم لحن معين بواسطة مكبر صوت معلق في العربات للاعلان عن وجودهم في منطقة ما. (إفي)