يقف أوزبورن حائرا بين مستويات النمو الضعيفة و السياسات التقشفية الصارمة، إذ تحاول الحكومة جاهدة التعافي التام من الركود الاقتصادي ولكن مستويات النمو التي حققتها المملكة المتحدة خلال الربع الثالث من العام الجاري جاءت بدعم من عوامل مؤقتة هي الألعاب الأولمبية و الاحتفال الماسي للملكة.
ما يدعم السلبية التي تحيط بمعدلات النمو في المملكة توقعات البنك المركزي البريطاني بالعودة إلى دائرة الركود الاقتصادي خلال الربع الرابع بغياب العوامل المؤقتة.
الوقت يمر بسرعة، فقد وصل أوزبورن إلى منتصف الطريق خاوي الأيدي إذ لم ينقذ أوزبورن الاقتصاد من الركود الاقتصادي لم يتمكن أيضا من بلوغ المستويات المستهدفة من العجز في الميزانية العامة، ففي مايو/أيار عام 2010 أقرت الحكومة الائتلافية بقيادة المحافظين اكبر تخفيضات في الإنفاق العام منذ الحرب العالمية الثانية و تعهدت الحكومة بأنها سوف تبلغ المستويات المستهدفة من الديون العام في 2015 الذي يصادف الانتخابات الرئاسية القادمة في ربيع عام 2015.
من المتوقع اليوم ان يعترف أوزبورن بأن خفض العجز في الميزانية العامة قد خرج عن المسار المحدد، وان السياسات التقشفية الصارمة بحاجة لمزيد من الوقت لبلوغ المستويات المستهدفة من العجز في الميزانية العامة عما كان قد وعد في وقت سابق باحتمالية بلوغ المسويات المستهدفة في 2015.
نكتشف الحقيقة عند مكتب مسؤولية الموازنة الذي يتوقع أن تنخفض نسبة الديون من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام المالي 2015/16 لتصبح قريبة من المستويات المستهدفة، و عن عام 2015 الذي يشكل جدلا كبيرا فيتوقع المكتب بأن ترتفع الديون إلى الناتج المحلي لأعلى مستويات في عام 2014/15 عند 76.3% و هذا بحد ذاته يعد دليلا على فشل السياسة المالية البريطانية الراهنة و عدم قدرة الحكومة على الوفاء بتعهداتها.
أقر وزير الخزانة البريطاني جورج أوزبورن في الثاني من الشهر الجاري بأن ضبط العجز المالي لبريطانيا قد يستغرق وقتاً أطول، فقد صرح قائلا"من الواضح أن التعامل مع ديون بريطانيا سيستغرق وقتا أطول إذ من المتوقع أن تمتد السياسات التقشفية حتى 2018 بدلا من 2015، ومن الواضح أيضا أنها ستأخذ وقتا أطول مما كنا نؤمله للتعافي من الأزمة الاقتصادية. إلا أننا أحرزنا تقدما حقيقيا.
"وأردف قائلا: "انخفضت نسبة العجز بمقدار الربع، كما جرى توفير مليون فرصة عمل جديدة في القطاع الخاص. وإذا ما فكرنا في العودة الآن، وأقصد بذلك العودة إلى الاقتراض والدين والنفقات، فإن بلادنا ستواجه أوضاعا كارثية حقيقية."
كانت الحكومة قد خفضت ضرائب الدخل على أعلى شريحة دخول من 50 % إلى 45 % خلال المراجعة الماضية للميزانية العامة، و هذا ما لقي رفضا كبيرا من الأحزاب المعارضة لهم و هم العمال، إذ يرى إن اقتطاعات الضرائب من أحد المليونيرات بلغت قيمتها ثلاثة مليارات جنيه استرليني. وتابع متسائلا: "لماذا نحتاج إذن لفرض معدلات أعلى من الضرائب على المتقاعدين؟".
أكد أوزبورن أن الميسورين سيقومون بدفع أقساطهم، و هذا ما يعطي إشارة واضحة على أن أوزبون اليوم سوف يقوم برفع الضرائب على الأغنياء في بالبيان الفصلي الذي يعرف "ببيان الخريفي"اليوم.
من المقدر اليوم أن يقوم وزير الخزانة بالإعلان عن خفض سقف الإعفاءات الضريبية السنوية من إسهامات رواتب التقاعد من 50 ألف جنيه استرليني، ليصل إلى 30 ألفا، وكما ذكرت التقارير، سينتج عن هذا التغيير إيراد حكومي يصل قيمته إلى 1.8 مليار جنيه استرليني في كل عام.
و أخيرا، لنتحدث عن توقعات الناتج المحلي الإجمالي و الذي من المتوقع أن يقوم أوزبورن أيضا بتخفيضها بعد ان انخفضت مستويات النمو في المملكة دون 3.1% على المستوى السنوي وهي بذلك قريبة من المستويات التي كانت عليها خلال الأزمة الاقتصادية الماضية عند 2008.
في حزيران/ يونيو 2010، وصرح أوزبورن أن التوقعات التي أعدها مكتب مسؤولية الموازنة بنمو الاقتصاد بنسبة 2.8% في عام 2012، مع التوقعات ببلوغ عجز الميزانية الى 60 مليار جنيه استرليني في العام المالي 2013/14 .
بينما في ميزانية عام 2011، وقال بأن النمو سيكون أقل بنسبة 2.5% ومع ارتفاع العجز في الميزانية إلى 70 مليار جنيه، و في أخر مراجعة للميزانية في آذار / مارس 2012 أشارت التقديرات إلى نمو بنسبة 0.8% وعجز جنيه استرليني 98 مليار جنيه، و هذا ما يشير إلى اننا سوف نرى مزيدا من التشاؤم حيال هذه التقديرات خاصة مع ميل المكتب لتخفيضها في كل مراجعة.