Investing.com - لم تكن الأزمة الاقتصادية الكبرى التي ضربت تركيا عام 2001 وليدة العام ذاته، بل جاءت نتاجًا لمجموعة من القرارات والتراكمات منذ بداية العقد الأخير من القرن الـ 20وتحديدا في الفترة من 1991 وحتى الانهيار الكبير في 2001.
والغريب في الأمر أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد تسلم حكم البلاد بعد أشهر قليلة من الأزمة الكبرى التي عصفت بالاقتصاد التركي، وعقب 20 عامًا وبعد تحسن كبير في مؤشرات الاقتصاد التركي بدأت البلاد تتخذ مسلكًا مغايرًا منذ ما يقرب من 4 سنوات.
وبلغ سوء الأوضاع الاقتصادية في تركيا ذروته بعدما نزلت العملة المحلية للبلاد إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق منذ التعويم في 2001 وحذف الأصفار الستة في 2004، فيما ارتفعت معدلات التضخم أعلى مستوياتها في ربع قرن.
عاجل: شركة مصرية ترفض عرض إماراتي ضخم
تطور سعر الليرة
انخفضت الليرة التركية خلال تعاملات يوليو الجاري في حدود 5% نزولًا من مستويات 16.6933 ليرة دولار بنهاية يونيو الماضي إلى المستويات الحالية قرب 17.5028 ليرة دولار والتي تعد الأدنى منذ ديسمبر 2021 حينما نزلت أدنى سعر على الإطلاق.
وانخفضت الليرة التركية خلال يونيو الماضي من مستويات 16.3748 ليرة / دولار إلى مستويات 16.9713 ليرة دولار بتراجع في حدود 3.2% بينما نزلت خلال شهر يونيو الماضي قرب مستويات 17.5 ليرة دولار قبل قرار فرض قيود على قروض الشركات.
ومنذ بداية العام انخفضت الليرة التركية من مستويات 13.3161 ليرة دولار إلى المستويات الحالية عند 16.9713 ليرة دولار بتراجع بلغت نسبته حوالي 28%.
وفي ديسمبر 2021 سقطت الليرة التركية إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق حينما تم إعلان بيانات التضخم التي وصلت أعلى مستوياتها في 20 عام حينما تجاوزت 36%، وسجلت الليرة يوم 20 ديسمبر مستويات 18.3674 ليرة دولار.
وكشف استطلاع الهيئة التنظيمية للإحصاء في تركيا توقع المشاركون سعر صرف الليرة التركية عند 17.57 ليرة للدولار الأمريكي بنهاية 2022، بينما توقعوا انخفاض الليرة إلى 18.47 ليرة دولار في 2023.
عاجل: أزمة طاحنة في سماء أوروبا
بيع الديون
شهدت فترة مطلع التسعينات اشتعال الصراع بين النزاعات بين رئيسة الوزراء تانسو تشلر ومحافظ البنك المركزي التركي حينذاك رشدي سراجأوغلو والتي انتهت باستقالة محافظ المركزي.
وحينذاك كانت تركيا لا تزال دولة برلمانية يقودها رئيس الوزراء وليس رئيس الدولة، وصممت حينها رئيسة الوزراء على تسييل عجز الميزانية عبر بيع ديون الحكومة إلى البنك المركزي بدلاً من الموافقة على اقتراح البنك المركزي بإصدار المزيد من الدين العام في شكل أوراق مالية حكومية.
واستقال محافظ البنك المركزي، رشدي سراجأوغلو، في أغسطس 1993 بسبب هذه القضية، وخفضت وكالات التصنيف الائتماني الدولية ديون تركيا إلى ما دون المستوى الاستثماري.
ونتيجة لاستمرار النزاع بين الحكومة والمركزي استقال المحافظ الثاني للمركزي التركي نهاد كول تكين في أقل من عام.
عاجل: إيران تتحدى أمريكا.. قادرون على صناعة قنبلة نووية
اشتعال الدولرة
مع انقضاء عام 1994، كان ما يناهز 50% من إجمالي قاعدة الودائع قد تحولت إلى ودائع بعملات أجنبية، بالمقارنة بنسبة 1% في 1993، انعكس القلق المتصاعد حول الفوضى في السياسات الاقتصادية في تسارع تحويل الأهالي ممتلكاتهم إلى ودائع بالعملات الأجنبية لحماية استثماراتهم و مدخراتهم.
خفض تصنيف تركيا من جانب وكالات التصنيف الائتماني وانعدام الثقة في قدرة الحكومة على خفض عجز الميزانية إلى 14% من الناتج المحلي الإجمالي لسنة 1994 أشعل هرب رؤوس الأموال على نطاق واسع وانهيار سعر الصرف.
واضطرت الحكومة التركية حينذاك للتدخل ببيع احتياطيها من العملات الصعبة لوقف تدهور سعر الليرة التركية.، لينخفض الاحتياطي من 6.3 مليار في نهاية 1993 إلى 3 مليارات بنهاية مارس 1994.
عاجل: ارتفاع هائل قرب التريليون.. لكن هناك نحركات مثيرة
انهيار الليرة 1994
في أبريل 1994 تم اعلان برنامج تقشف بعد الانتخابات المحلية في مارس 1994، وانخفضت الليرة بنسبة 76% من نهاية 1993 لتبلغ 41,000 ليرة للدولار الأمريكي الواحد.
جنبًا إلى جنب من حزمة الاجراءات التي أعلنتها الحكومة في 5 أبريل 1994، حصلت تركيا على قر صندوق النقد الدولي كجزء من طلب الحكومة لخط ائتمان قدره 740 مليون دولار ليبدأ في يوليو 1994.
ضمت الإجراءات زيادة في أسعار بيع منتجات شركات القطاع العام وخفض النفقات في الميزانية والتعهد برفع الضرائب والوعد بالإسراع في خصخصة مؤسسات الدولة الاقتصادية.
عاجل: الجنيه يتماسك.. ولكن مستويات الـ 20تلوح في الأفق
تعويم الليرة وعصر أردوغان
في 22 فبراير 2001، تم تعويم الليرة التركية، ليرتفع سعر الدولار بالنسبة لليرة التركية من 682666.7 إلى 1159452.2 بنسبة 69.8% في أول يوم للتداول الحر وواصلت الليرة الهبوط حتى بلغت 1383049.3 في 18 أبريل 2005.
في 2002، ورث أردوغان اقتصاداً بعد عام من تعويم الليرة، وقد بدأ في التعافي من الركود نتيجة الإصلاحات التي قام بها كمال درويش بإرشاد من صندوق النقد الدولي.
ساند أردوغان وزير المالية على باباجان في تقوية سياسات الاقتصاد الكلي حاول أردوغان اجتذاب المزيد من المستثمرين الأجانب إلى تركيا وأزال العديد من الضوابط الحكومية.
عاجل: ارتفاع مذهل فجأة.. تحول كبير
وفي 3 أكتوبر 2004، قررت تركيا حذف ستة أصفار من عملتها ليصبح اسمها الليرة التركية الجديدة والتي تساوي 1,000,000 ليرة تركية.
وبعد أربع سنوات، في 3 أكتوبر 2008، أعلن رئيس الوزراء أردوغان، تغيير اسم الليرة التركية الجديدة إلى الليرة التركية، تارة أخرى.
فقدت الليرة التركية الجديدة نحو 47% من قيمتها في ثلاثة أشهر من 27 أغسطس 2008 (1.18) إلى 25 أكتوبر 2008 (1.733).
في الفترة من 2005-2009، أطلقت تركيا الخصخصة في تركيا-مبادرة الخصخصة التي باعت فيها، حسب تقرير الأمم المتحدة، الأصول التالية، وغيرها، مقابل 30 مليار دولار
عاجل: إسرائيل تطلب هذا من السعودية
أزمة الديون 2018
في 2018 ضربت تركيا أزمة جدية عقب سنوات من النمو عرت بأزمة الديون وقدر جيه بي مورجان حجم الدين الخارجي التركي في أبريل 2018 والذي يحل أجل استحقاقها في سنة حتى يوليو 2019 بنحو 179 مليار دولار.
أي ما يعادل نحو ربع الناتج الاقتصادي للبلاد، وهو ما يشير إلى مخاطر حدوث انكماش حاد في الاقتصاد الذي يعاني من أزمة طاحنة.
وقال البنك الأمريكي حينذاك إن الحكومة بحاجة إلى سداد 4.3 مليار دولار فقط أو تمديد المبلغ بينما يشكل الباقي مستحقات على كيانات تابعة للقطاع العام.
وبرز الموضوع إلى دائرة الضوء مع هبوط الليرة 40 % في هذه العام وسط مخاوف من التدخلات السياسية في السياسة النقدية وخلاف مع الولايات المتحدة بشأن احتجاز تركيا للقس الأمريكي أندرو برانسون.
وأثار انهيار العملة مخاوف من أن الشركات قد تواجه صعوبات في سداد ديونها بالعملة الصعبة وضغط أيضا على أسهم البنوك الأوروبية المنكشفة على تركيا.
وقال جيه بي مورجان إن الدين الخارجي المستحق على تركيا كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي اقترب العام الماضي من مستويات قياسية مرتفعة لم يصل إليها سوى قبل الأزمة المالية في عامي 2001 و2002.
عاجل: ارتفاع صاروخي.. وتحذيرات من انهيار عنيف
تطور التضخم
في ذروة الأزمة المالية الأولى التي اجتاحت تركيا ارتفعت معدلات التضخم في البلاد إلى مستويات قياسية عند 120% قبل أن تأخذ في التراجع لتصل إلى مستويات 73 % مع بداية تولي أردوغان لحكم البلاد.
خلال عامين فقط نجح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في خفض معدلات التضخم إلى مستويات تظل تحو دون الـ 10 % لأكثر من 12 عام في الفترة من 2004 وحتى مطلع 2017.
تزامنا مع انهيار الليرة التركية في 2018 ارتفعت معدلات التضخم مرة أخرى إلى مستويات قرب الـ 25 % قبل أن تنخفض لفترة وجيزة نهاية 2018 و مطلع 2018 قرب مستويات الـ 10%.
مع بداية 2020 وتفشي جائحة كورونا عادت معدلات التضخم للارتفاع لتبدأ في تسجيل قفزات جنونية لتصل إلى المستويات الحالية حيث تجاوزت الـ 78% والتي تعد الأعلى في 24 عام.
عاجل: صندوق النقد يحذر من الكارثة.. سنخفض توقعاتنا
الوضع الآن
وفق البيانات اقتصادية فقد أدت القفزة الكبيرة بمعدلات التضخم في تركيا، إلى زيادة متوسط التضخم لدول مجموعة العشرين، حيث سجل متوسط التضخم في دول المجموعة باستثناء تركيا 10.9%، في حين ارتفعت هذه النسبة بنحو 31% بإضافة تركيا.
ووفقا للبيانات الحكومية ارتفعت معدلات التضخم السنوية في تركيا خلال يونيو الماضي 78.62% وهو الأدنى منذ 24 عام، بينما تزعم مجموعة أبحاث التضخم المستقلة أن معدلات التضخم السنوية للفترة عينها بلغت 175.55%".
وانخفض مؤشر ثقة المستهلك إلى أدنى مستوياته على الإطلاق تزامنا مع نزول الليرة قرب أدنى مستوى على الإطلاق، فيما هبط الاحتياطي النقدي للبلاد إلى مستويات قياسية.
وقالت وزارة التجارة إن العجز التجاري في تركيا قفز 184.3 %على أساس سنوي في يونيو إلى 8.16 مليار دولار مع استمرار زيادة تكاليف استيراد الطاقة بما يساهم في اتساع العجز.
عاجل: بشائر ولي العهد.. هدية أمريكية للسعودية
وسجل العجز التجاري في النصف الأول من العام 51.37 مليار دولار بزيادة 142.5 % على أساس سنوي، وكشفت البيانات أن الصادرات التركية زادت 18.5% إلى 23.40 مليار دولار في يونيو في حين قفزت الواردات 40% إلى 31.56 مليار دولار.
وفي المقابل تراجع مؤشر الثقة في الاقتصاد التركي إلى أدنى مستوى على الإطلاق في ظل تآكل الاحتياطيات الاجنبية.
وانخفض صافي احتياطيات البنك المركزي التركي بالعملة الصعبة لأدنى مستوياته في 20 عاما إلى سبع مليارات دولار العام الماضي وفقا لحسابات أربعة اقتصاديين استنادا إلى بيانات أولية.
وكشفت بيانات البنك المركزي التركي وفقًا لإحصائيات صدرت عن البنك يوم 10 يونيو أن حجم الاحتياطي بلغ 102 مليار دولار بواقع 41.7 مليار دولار ودائع ذهبية و60.7 مليار دولار سيولة دولارية.