ضعف النمو يعرقل خطط دخولها فى العشر الكبار .. و %15 زيادة سنوية للناتج المحلى الإجمالى مطلوبة للصعود للمركز التاسع
ربما يكون عام 2014 عاماً حاسماً بالنسبة لرجب طيب أردوغان ، الرئيس التركى، نظراً لما حققه من انتصارات شخصية داخل البلاد بدءاً من فوزه بالانتخابات الرئاسية وفوز حزبه بالانتخابات المحلية إلى افتتاحه القصر الرئاسى الذى بلغت تكلفته 600 مليون دولار.
ولكن بعض هذه الانتصارات الداخلية هى ذاتها التى شوهت سمعة البلاد خارجياً، إذ دمرت تحقيقات الفساد التى طالت الدائرة المقربة من أردوغان صورة أنقرة الدولية، فضلاً عن مساعى أردوغان لحظر موقعى التواصل الاجتماعى «تويتر» و«يوتيوب»، بالإضافة إلى النداءات الدولية لتركيا بالتحرك ضد الجماعة الجهادية الجديدة المعروفة باسم «داعش».
وجاء فقدان تركيا لمكانتها الدولية فى الوقت الذى تعانى فيه الأسواق من التذبذبات وتمر فيه الاقتصادات الناشئة بأوقات عصيبة، فتلك الدولة التى تعتمد على مستويات مرتفعة من التمويل الأجنبى سوف تمر بمرحلة انتقالية، فانتخابات العام المقبل ستحدد أكثر مدى نطاق سلطة أردوغان، فى حين أن الارتفاع المتوقع لأسعار الفائدة الأمريكية ربما يحد من حجم الأموال الأجنبية المتاحة للأسواق الناشئة.
والسؤال الرئيسى هنا هو كيف يؤثر المشهد السياسى المضطرب فى تركيا على توقعاتها الاقتصادية، فعلى المدى المتوسط، سوف تساعد السياسات الاقتصادية التى يؤيدها أردوغان على تحديد مدى تمكن تركيا من استقبال التمويل الأجنبى الذى يضمن الدعم المالى لعجزها الضخم فى الحساب الجاري.
ويقول محلل لدى وكالة موديز للتصنيف الائتماني، ألبونا بانيرجي، الأمر المهم الذى يجب التركيز عليه هو غموض اتجاه السياسة الاقتصادية ولاسيما أثناء تباطؤ النمو الاقتصادي. وعلى المدى الطويل، ربما يظل مدى نفوذ أردوغان له تأثير أكثر عمقاً على آفاق البلاد، ويقول كبير خبراء اقتصاد الأسواق الناشئة فى دويتشه بنك، روبيرت بيرجيز، “ما لم يتم تعزيز المؤسسات فى تركيا، فربما تتراجع إمكانات نموها”.
وأضاف بيرجيز أن خمسة بلدان فقط استطاعت تحقيق معدلات دخل أعلى من تركيا مع وجود مؤسسات أضعف بها، مشيراً إلى البحرين وكازخستان وروسيا والسعودية وفنزويلا، وذلك كما صنفتها مؤشرات البنك الدولي. وبحسب صحيفة الفاينانشيال تايمز فإن عدداً قليلاً من الاقتصاديين يرون أن تركيا تستطيع القفز من المرتبة السابعة عشرة كأكبر اقتصاد فى العالم إلى المرتبة التاسعة خلال تسع سنوات. وفى نوفمبر الماضي، كشف أحمد داود أوغلو، رئيس الوزراء التركي، النقاب عن هدف زيادة الناتج المحلى الإجمالى من 820 مليار دولار فى عام 2013 إلى 1.3 تريليون دولار فى عام 2018، ولكن هذا الهدف من الصعب تحقيقه أو حتى تصديقه، ويمكن القول أيضاً بأنه قرار خاطئ لأن هذا الهدف سيتطلب نمواً سنوياً يصل إلى %15.
وعلى النقيض، تتوقع الحكومة أن يسجل النمو العام الجارى %3.3 وأن يبلغ العام المقبل %4، وعلى خلفية تلك التوقعات، ناشد أردوغان البنك المركزى التركى خفض أسعار الفائدة من أجل إطلاق عنان النمو.
وحث مسئولون آخرون فى الحكومة التركية، وأبرزهم على باباكان، نائب رئيس الوزراء لشئون الاقتصاد، على الإصلاحات الهيكلية وسيادة القانون، ويدعم أردوغان قطاع البناء باعتباره محركاً للنمو الاقتصادي، فى حين يقول باباكان إن قطاع البناء يشكل بالفعل نسبة كبيرة جدا من النشاط الاقتصادى فى تركيا.
وفى الوقت ذاته انخفضت الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى النصف حيث تراجعت من 19 مليار دولار فى عام 2007 إلى 10 مليارات دولار العام الماضي، الأمر الذى ترك البلاد تعتمد على الاقتراض من البنوك والشركات لتمويل عجز الحساب الجاري.
ومع ذلك، لا تزال نقاط القوة الأساسية قائمة فى تركيا بدءاً من موقعها الجغرافى الساحر وحتى سوقها الداخلى الضخم، ولكن تردى الأوضاع الاقتصادية فى الاتحاد الأوروبى – الذى يعد حتى الآن أكبر مستثمر مباشر لتركيا – والمخاوف بشأن مستقبل البلاد نفسها يعيق الاستثمار فيها، وربما يعتمد العديد من المستثمرين والشركات على فوز حلفاء أردوغان فى انتخابات العام المقبل بأغلبية كافية لإقامة نظام رئاسى رسمى.