الاقتصاد الأكبر في العالم أصدر اليوم القراءة التمهيدية للناتج المحلي الإجمالي عن الربع الرابع من العام 2009، ليشير إلى توسع الاقتصاد الأمريكي بنسبة 5.9% وذلك بأعلى من القراءة السابقة والمتوقعة اللذان بلغا 5.7% وسط التحسن في النشاطات الصناعية والتي دعمت نمو الاقتصاد خلال الفترة الأخيرة، هذا إلى جانب تقدم الأوضاع بشكل عام في اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية.
كما تمكن الناتج المحلي الإجمالي الأمريكية والمقاس بالأسعار من الارتفاع بأدنى من القراءة السابقة والمتوقعة عند 0.6% ليصل إلى 0.4%، في حين أن الإنفاق الشخصي ارتفع بنسبة 1.7% والذي أتى بأدنى من القراءة السابقة والمتوقعة عند 2.0%، إلا أن الإنفاق الشخصي الجوهري عن الربع الرابع ارتفع بنسبة 1.4% وهو أدنى أيضا من القراءة السابقة والمتوقعة عند 1.6%.
مشيرين إلى أن التقدم في النشاطات الاقتصادية خلال الفترة الماضية تشكّل من الاستثمارات القوية إلى جانب الدعم المقدم من قبل قطاع الصناعة الأمريكي، الأمر الذي سمح للاقتصاد الأمريكي من تسجيل أداء يعد الأفضل له منذ ستة أعوام، هذا بالإضافة إلى أن المخزونات أضافت للناتج المحلي الإجمالي حوالي 3.88 نقطة.
كما أن القطاع الأبرز في الاقتصاد الأمريكي يتمحور حول قطاع الصناعة الأمريكي الذي خلّف بالفعل المرحلة الأسوأ من الأزمة المالية منذ عقود، متصديا للمعارك التي تتمثل في العوائق التي تقف أمام تقدم الاقتصاد الأمريكي بالشكل المنشود، إلا أن التحسن في الأداء لم يكن من ارتفاع مستويات الطلب بشكل كبير، حيث لا يزال المصنعين يقلصون حجم المخزونات لديهم لملاقاة مستويات الطلب الفعلية، وهذا ما أظهر تقصا كبيرا في مستويات المخزونات خلال الفترة الأخيرة، إذ أن المصنعين سيواصلون تقديم الدعم لتحقيق التعافي التام للاقتصاد الأمريكي.
في حين أن إنفاق المستهلكين والذي يمثل 70% من النمو في الولايات المتحدة سيحد من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة المقبلة نظرا لمعدلات البطالة المرتفعة إلى جانب أوضاع التشديد الائتماني والتي تقف حاجزا أمام تقدم مستويات الإنفاق لدى المستهلكين، مما يجعل الأمر صعبا أمام المستهلكين للحصول على قروض جديدة، مؤثرين بالتالي على أداء الشركات الأمريكية.
واضعين بعين الاعتبار أن معدل البطالة لا يزال يقف عند المستوى الأعلى له منذ 26 عام عند 9.7% كما اشار التقرير الصادر عن وزارة العمل الأمريكية ممثلا شهر كانون الثاني، في حين أن التوقعات تشير إلى ان العام 2010 سيشهد انخفاضا طفيفا في معدلات البطالة لتستقر عند 9.5%، مشيرين إن المؤشرات الفرعية في تقرير الناتج المحلي الإجمالي الصادرة أشار إلى ان إجمالي الاستثمارات الخاصة ارتفعت بنسبة 48.9% مقابل 39.3%، أما الصادرات فقد ارتفعت بنسبة 22.4% مقابل 18.1%، كما أن الورادات ارتفعت بنسبة 15.3% مقابل 10.5%.
ولكن يجب لا أن نغفل من أذهاننا أن معدلات البطالة لا تزال عند المستوى الأعلى لها منذ العام 1983، هذا إلى جانب أوضاع التشديد الائتماني، ناهيك عن ضعف مستويات الطلب وارتفاع قيم حبس الرهن العقاري، حيث أن تلك العقبات تقف مجتمعة كالحاجز أمام تقدم الاقتصاد الأمريكي لتحد من نموه بالمستوى الأقوى، وهذا ما قد يجعلنا نتوقع بأن قراءة الناتج المحلي الإجمالي سيتم تعديلها في القراءة النهائية للربع الرابع أو حنى في الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول من العام 2010.
مشيرين إلى أن العام 2010 يعد عام التعافي للولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن التوقعات الصادرة عن الرابطة الوطنية للأوضاع الاقتصادية تشير إلى أن الاقتصاد الأمريكي لن يتوسع بأكثر من نسبة 3.0% خلال الربع الأول من العام الحالي، في حين أنها ستقوم بتعديل هذه التوقعات بحلول الربعين الثاني والثالث، حيث برأيها أن الاقتصاد الأمريكي سيفشل في تحقيق نمو كيبر وسط التحديات التي تقف أمامه، والتي تحد من إنفاق المستهلكين والذي يمثل ثلثي النمو الأمريكي.
واضعين في الاعتبار أن المستثمرين سيشعرون بالأمل نوعا ما خلال اليوم، في حين أن المزيد من البيانات ستصدر عن الاقتصاد الأمريكي، حيث أن قطاع المنازل سيصدر مبيعات المنازل القائمة، هذا إلى جانب مؤشر شيكاغو لمدراء المشتريات إضافة إلى مؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلكين الذي من المتوقع ان يرتفع قليلا في قراءته النهائية خلال شهر شباط الحالي، وهنا نتوقع بأن المؤشرات ستندفع إلى الأمام متأثرة بتفاؤل المستثمرين، والذين سيتجهون إلى العملات ذات العائد الأعلى بدلا من الدولار الأمريكي، مما سيضعف وضعه أمام باقي العملات.