بوجوتا، 28 مايو/آيار (إفي): سيتعين على الفائز في الانتخابات الرئاسية الكولومبية التي ستجرى بعد غد الأحد مواجهة التحدي الأكبر عقب توليه سدة الحكم، وهو الفوز بثقة فنزويلا والإكوادور لإعادة العلاقات المتدهورة مع البلدين الجارين إلى طبيعتها.
ويمثل هذا الوضع تحديا صعبا نسبيا بالنسبة لمرشح الحزب الاشتراكي للوحدة الوطنية (U)، خوان مانويل سانتوس، حيث أبدى كل من الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز ونظيره الاكوادوري رافائيل كوريا تحفظهما إزاء احتمالية فوز مرشح الحزب الحاكم.
وقالت بيث تيكنر، المحللة السياسية، والأستاذة بجامعة الإنديز في حوار مع (إفي) إن سانتوس الذي كان يتولى حقيبة الدفاع في حكومة الرئيس الحالي ألبارو أوريبي "ليس خالي الوفاض فحسب" ولكنه يتمتع بـ"تاريخ سلبي للغاية"، يجعل من مهمة تطبيع العلاقات مع فنزويلا والإكوادور "صعبة للغاية" في ضوء "المستوى المتزايد من انعدام الثقة في شخصه"، من جانب كل من كاراكاس وكيتو.
وكان ترشيح سانتوس لخلافة أوريبي قد أثار جدلا واسعا في الجارتين، حيث يعتبر كوريا أن فوز وزير الدفاع السابق قد يمثل "مشكلة" أمام تطبيع العلاقات الثنائية المنقطعة بين البلدين منذ مارس/آذار 2008 وذلك بسبب القضية المفتوحة ضده في الإكوادور.
كما وصف شافيز سانتوس بـ"التهديد العسكري" و"ورقة الإمبراطورية الأمريكية"، وأكد أنه لن يستقبله في بلاده حال فوزه بالانتخابات الرئاسية الكولومبية المقرر إجراؤها في 30 من الشهر الجاري.
وأوضحت تيكنر أن "قضية فنزويلا تمثل تاريخا معقدا لسانتوس" لأنه يعد "ناقدا قويا" لسياسات شافيز منذ نحو عقد.
ويواجه سانتوس في الإكوادور تهمة إعطاء أوامر بقصف معسكر للقوات المسلحة الثورية على الأراضي الإكوادورية في الأول من مارس/آذار من عام 2008 ، وأسفر ذلك الحادث عن مقتل 26 شخصا ومن بينهم الرجل الثاني في الحركة المتمردة "راؤول رييس".
ويواجه سانتوس في الانتخابات الرئاسية المقبلة خصما صعبا، أنتاناس موكوس، مرشح حزب الخضر وعمدة بوجوتا السابق، حيث يتساويان معا في نتائج استطلاعات الرأي التي تشير إلى احتمالية الاحتكام إلى جولة إعادة في 20 يونيو/حزيران المقبل.
وترى تيكنر أنه في حال فوز موكوس ووصوله إلى السلطة، فلن يسعى للقيام "بقطع سلبي" أو إحداث "تقارب سريع" في العلاقات مع فنزويلا، حيث يعد هذا الأمر مستحيل عمليا في ضوء تدهور مستوى العلاقات الثنائية.
وأوضحت أنه يسود في كولومبيا تعريف منتشر لشافيز بأنه "العدو" الذي يقوم "بتقديم الدعم المباشر لعناصر فارك"، وأن بإمكانه "شن غزو" على كولومبيا، في إشارة إلى صعوبة تطبيع العلاقات مع فنزويلا بالنسبة لكلا المرشحين.
ويحظى هذا الرأي بتأييد مؤسسة "التقدم" الكولومبية، التي تؤكد أن العقد الأخير شهد اغتيال 16 ألف شخص واختفاء ألف و800 آخرين على الحدود الكولومبية الفنزويلية.
وتشير هذه المنظمة غير الحكومية، إلى أن المواجهات السياسية بين أوريبي وشافيز الذي قرر "تجميد" العلاقات الثنائية العام الماضي مع كولومبيا، أدى الى خلق "هالة من الظلام" حول الوضع على الحدود المشتركة، حيث تعد تجارة المخدرات والتهريب والابتزاز والاختطاف "الرزق اليومي" للعاملين في تلك الأنشطة غير مشروعة.
كما أدى تدهور العلاقات بين البلدين إلى تراجع الصادرات الكولومبية إلى فنزويلا بنسبة 72% في الربع الأول من عام 2010 ، وهو ما دفع حكومة أوريبي إلى البحث عن أسواق أخرى.
وترى تيكنر أن إستعادة العلاقات مع الإكوادور التي تعتبرها كولومبيا "الشقيقة الصغرى" يمثل تحديا صعبا أيضا لكلا المرشحين، مشيرة إلى أن "مستوى الاستياء" في كيتو بسبب قصف عام 2008 لا يزال "عميقا".
ولفتت إلى أنه بالرغم من بدء الحوار لاستعادة روابط الثقة بين بوجوتا وكيتو، إلا أن عملية التجسس المفترضة من قبل أجهزة الاستخبارات الكولومبية على بعض كبار الدبلوماسيين الإكوادوريين لا زالت تلقي بظلالها على مستقبل العلاقات بين البلدين،، خاصة بعد مطالبة حكومة الإكوادور من كولومبيا تقديم إيضاحات في هذا الشأن.
وقالت تيكنر إن على الرئيس المقبل "اتخاذ التزامات ضمنية أكثر وضوحا بعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى، وإعطاء ضمانات بأن الولايات المتحدة لن تستخدم القواعد الكولومبية، بحسب الاتفاق العسكري الموقع في أكتوبر/تشرين أول الماضي بين واشنطن وبوجوتا، لأغراض غير مكافحة تجارة المخدرات والإرهاب". (إفي)