أفاقت الاقتصايات الأوروبية اليوم على نبأ قيام مؤسسة موديز بتخفيض التصنيف الائتماني للدبون السيادية البرتغالية للمناطق "ذات المخاطر المرتفعة"مما يشعل فتيل المخاوف في الأسواق المالية، و يترقب المستثمرين يوم قليل البيانات الاقتصادية من الاقتصاديات الأوروبية، و ذلك استعداد ليوم قرار الفائدة لكل من البنك المركزي الأوروبي و البنك البريطاني يوم غد.
قامت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية مساء أمس تخفيض التصنيف الائتماني للبرتغال بواقع أربع درجات ليصل من Baa1 إلى Ba2، الأمر الذي يدخل البرتغال في خانة المستويات أو الدرجات "عالية المخاطر"، مع الإشارة إلى أن خطوة موديز عززت المخاوف المتعلقة باحتمالية احتياج البرتغال إلى جولة ثانية من التمويل الخارجي.
يتمثل القلق الرئيسي في سعي البرتغال لطلب حزمة إنقاذ ثانية، تماماً كما شهدنا في الشأن اليوناني، حيث يكمن التخوف خلال الوقت الحالي في انتشار عدوى اليونان لتشمل دولاً أخرى على أطراف القارة العجوز، وبالتالي حاجة تلك الدول إلى المزيد من برامج الإنقاذ المالي.
أكدت وكالة موديز على أن البرتغال ستكون عرضة إلى تخفيضات أخرى من هذا النوع في حال عدم مقدرتها على تخفيض العجز في الموازنة والوصول إلى المستويات الآمنة للدين العام، وبالتالي تكون البرتغال قد خالفت التعليمات المنصوص عليها في الاتفاقيات الموقعة مع صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي بشأن منح قروض للبرتغال، علماً بأن البرتغال تواجه تحديات اقتصادية جمة في الوقت الحالي تتمثل في الحد من مستويات الإنفاق العام، في الوقت الذي تسعى فيه البلاد إلى تحقيق النمو الاقتصادي ودعم النظام المصرفي، وذلك وسط استمرار ارتفاع مديونية البلاد وارتفاع العجز في موازنتها العامة.
تبقى أنظار المستثمرين مسلطة على قرار الفائدة من البنك المركزي الأوروبي الذي يراهن الجميع على انه سيقوم برفع سعر الفائدة المرجعي للمرة الثانية خلال ثلاثة أشهر، فقد لجا البنك لرفع سعر الفائدة في نيسان على الرغم من جميع التحديات و على رأسها أزمة الديون السيادية و احتمالية إفلاس اليونان.
من المتوقع أن يقوم البنك برفع الفائدة إلى 1.5% من 1.25%، بالإضافة إلى رفع معدلات الإقراض و الإيداع بوقع 25 نقطة أساس لتصبح الأولى 2.0% و الثانية 0.75% على التوالي، لا يزال البنك المركزي الأوروبي يركز على استقرار الأسعار، حيث أنه بالرغم من تفاقم أزمة الديون في المنطقة و تباطؤ وتيرة النمو، إلا أنه يصر أن يقوم السيطرة على معدلات التضخم و بقاءها حول المستويات المقبولة للبنك عند 2.0%.
بقي مستوى التضخم عند 2.7% خلال حزيران،حسب التوقعات الأولية لمؤشر أسعار المستهلكين السنوي،و الذي هو أعلى من المستويات المقبولة عند البنك 2.0%. إن التضخم لا يُعد مشكلة للبنك المركزي الأوروبي بقدر التخوف من التأثيرات الجانبية على الأصول و الأجور، الأمر الذي يضاعف الأمر سوءاً و يزيد من الضغوطات السلبية.
أشار تريشيه في اجتماع حزيران الماضي إلى رفع سعر الفائدة خلال الشهر الجاري باستخدامه المصطلح المشهور جدا " ضرورة توخي الحيطة و الحذر" و بالرغم من تعمُق مشاكل الديون السيادية خلال شهر حزيران، و في تعليقاته الأخيرة أكد بأن مهمة البنك الأولى هي الحفاظ على استقرار الأسعار و أن المجلس الحكومي للبنك لا يزال يقظ جدا تجاه معدلات التضخم، و التي تُعد إشارة أكبر لرفع أسعار الفائدة هذا الشهر.
وافق وزراء مالية منطقة اليورو مساء الأحد الماضي على تقديم 8,7 مليارات يورو من القروض لمساعدة اثينا ، و ذلك تسديدا لديونها ابتداء من منتصف تموز ، فابتداء من سبتمبر ستبرز مسألة صرف دفعة جديدة من المساعدات التي وعدت اثينا بالحصول عليها في أيار 2010، في إطار خطة إنقاذ دولية بقيمة 110 مليارات يورو.
سيطر حالة من التشاؤم على الأسواق المالية أمس متأثرة بتصريحات مؤسسة موديز باحتمالية تخفيض التوقعات المستقبلية للتصنيف الائتماني للديون الحكومية الصينية، مما أثار المخاوف حول مسيرة الانتعاش الاقتصادي العالمي خاصة على الصين التي تعتبر من الاقتصاديات الرائدة في دعم الاقتصاد العالمي خلال الفترة الماضية.
تجددت المخاوف في الأسواق المالية حول أزمة اليونان من جديد بعد أن أكدت شركة ستاندرد اند بورز بأن خطة إعادة تدوير السندات الحكومية اليونانية يعد "تخلفا اختياريا مؤقتا عن سداد الديون" ، وقالت ستاندرد اند بورز أن الاقتراح الفرنسي يعد عملية إعادة هيكلة للديون المتعثرة لأنها توفر للدائنين " قيمة أقل من السند الأصلي " وذلك من شأنه أن يضع اليونان في إفلاس في النهاية.
أما عن المقترح فرنسي فهو بجدولة 70% من الديون اليونانية المستحقة في نهاية 2014 على ثلاثين عاما، أو 90% على 5 سنوات، أساسا للمباحثات، ولكن المشكلة هي في الاتفاق على تفاصيل الاتفاق حيث يفترض ضمان قدرة اثينا على السداد.
عزيزي القارئ، ستبقى عيوننا مسلطة على قرار الفائدة من البنك المركزي الأوروبي و البريطاني ، و تقرير الوظائف الأمريكي يوم الجمعة القادم.