عودة مرة أخرى إلى الاقتصاد البريطاني الذي مازال يحاول الإستقرار بعد تحقيقه النمو في الربع الاخير من العام السابق و إن كان النمو الذي تحقق يعد بالمتواضع خاصة بعد أنكماش طال لمدة ستة أرباع متتالية و هو أسوأ أداء منذ الحرب العالمية الثانية.
الآن الاقتصاد البريطاني لم يشهد الإستقرار الكامل بعد فإن القطاع المصرفي مازال يحاول إعادة الهيكلة و دعم رأس المال, التقارير التي صدرت مؤخراً من مؤسسات التصنيف الإئتماني بضرورة قيام البنوك البريطانية بتحسين أوضاعها و إلا سوف تكون معرضة لخفض التصنيف الإئتماني و فقا لما أعلنته مؤسسة Moody’s الاسبوع السابق وهذه أحد التنويهات التي تشير إلى مدى إستمرار إضطراب الأوضاع في القطاع المصرفي.
حتى الآن البنك المركزي البريطاني مازال مبقيا على سعر الفائدة عند أدنى مستوياته بنسبة 0.50% و كذا أبقى على برنامج شراء الأصول بقيمة 200.00 بليون جنيه إسترليني دون تغير وينتظر البنك تقييم الأوضاع بشكل كافي حتى يتم إتخاذ القرار نحو التوسع في قيمة البرنامج أو الإبقاء على نفس المستوى الحالي.
اليوم ينتظر أن يصدر محضر إجتماع البنك المركزي البريطاني و الذي اتخذ فيه القرارات السابق الإشارة إليها, إلا أن للمحضر بعض من الإشارات التي من الممكن ان توضح إتجاه أعضاء لجنة السياسة النقدية نحو الاقتصاد البريطاني.
وكما كان من قبل انقسم أعضاء لجنة السياسة إلى ثلاث إتجاه الأول يرى بضرورة الابقاء على نفس قيمة برنامج شراء الأصول في شهر نوفمبر/تشرين الثاني عندما كان بقيمة 175.00 بليون جنيه, الإتجاه الثاني إتجه إلى رفع قيمة البرنامج قليلا إلى أن وصل إلى 200.00 بليون جنيه إسترليني, اما الإتجاه الثالث فقد كان يفضل رفع قيمة البرنامج إلى 215 بليون جنيه الإسترليني وذلك من أجل مواجهة المخاطر السلبية التي تعترض تحقيق النمو, و حتى الآن يقر رئيس البنك البريطاني أن الباب مفتوح لمزيد من التوسع إذا ما إحتاج الاقتصاد لذلك.
اليوم أيضا ننتظر الإعلان عن بيانات سوق العمل الذي هو الآخر مازال يشهد حالة من عدم الإستقرار, في تمام الساعة 9:30 بتوقيت غرينتش من المنتظر أن يصدر معدل ILO للبطالة-هذا المعدل محسوب وفقا لمعايير منظمة العمل الدولية- إذ تشير التوقعات إلى ارتفاع المعدل في الثلاثة اشهر المنتهية في يناير/كانون الثاني إلى 7.9% من 7.8% لقراءة شهر ديسمبر/كانون الثاني و الذي وصل فيه عدد العاطلين عن العمل إلى 2.46 مليون شخص.
وفي نفس التوقيت ينتظر أن يصدر أيضا مؤشر التغير في طلبات الإعانة عن شهر فبراير/ شباط و الذي كان قد احدث مفاجأة للأسواق في الشهر السابق لهذه القراءة عندما ارتفع إلى 23.5 ألف طلب وهو بذلك الأعلى منذ عام 1997.
على الجانب الآخر فإن هنالك بعض من العقبات شديدة الأهمية تقف أمام تحقيق عملية التعافي بخلاف ضعف سوق العمل و عدم استقرار القطاع المصرفي, تعاني الحكومة البريطانية من اتساع عجز الموازنة إلى أعلى مستوى على الإطلاق, فالمشكلة تتمثل في تراجع الايرادات و ارتفاع الانفاق الحكومي من أجل دعم الاقتصاد الأمر الذي ينتج عنه إحتمال تعثر الحكومة في سداد ديونها وهو ما تحذر منه مؤسسات التصنيف الإئتماني بين الحين و الآخر, وبالأمس فقط أعلنت مؤسسة Moody’s عن أن بريطانيا قد اقتربا من فقد التصنيف الإئتماني المرتفع "AAA" وذلك بسبب ارتفاع تكاليف الديون, إذ ارتفاع تكاليف الديون لأعلى من مستوى 10.00% من الايرادات يدفع بالدولة خارج التصنيف المرتفع "AAA", بالنسبة للاقتصاد البريطاني فإنه يتوقع ان ينفق 7.00% من الايراردات على تكاليف الديون خلال العام الحالي ويرتفع بعد ذلك إلى 9.00% في عام 2013 و من ثم قد يرتفع إلى 12.00% على أسوأ تقدير.
منطقة اليورو
الأنظار مازلت موجهة إلى إجتماع وزراء مالية الاتحاد الأوروبي المنعقد لليوم الثاني على التوالي من شأن إيجاد الحلول الملائمة لأزمة اليونان, اليوم الأول من الإجتماع شهد تعهد الاتحاد بتقديم المساعدة إذا ما إحتاجت إلى ذلك, و كان اليوم الأول لم يشهد الإعلان عن أية تفاصيل بشأن هذه الآلية التي تم الإتفاق عليها, وإن كان لذلك الإعلان إضافة بعض من الآمال في الأسواق.
ضمن تطورات أزمة اليونان رحبت مؤسسة ستاندر اند بورز المسؤولة عن التصنيفات الائتمانية أمس بالإجراءات المكثفة التي أتخدتها الحكومة اليونانية بوقت سابق لتقليص العجز في الميزانية بقيمة 4.8 بليون يورو في الوقت التي لا تزال اليونان تنتظر فيه تفاصيل خطة انقاذ التي لا تزال الأراء متعارضة بشأنها .
من المتوقع أن الإعلان عن التفاصيل لألية سداد الديون خلال اجتماع الاتحاد الأوروبي في الأسبوع القادم لجدولة احتماع قمة أوروبية لجميع الأعضاء السبعة و العشرين، و لا بد للأشارة لموقف ألمانيا التي لن تعطي حتى اللحظة أشارة واضحة على موافقتها لخطة الانقاذ.