كما شهدنا في الأسبوع السابق توصل القادة الأوروبيين إلى اتفاق بشأن حل أزمة ديون اليونان التي طالما كانت محور قلق المستثمرين في الوقت الراهن و إن كان ختام القمة الأوروبية لم يعلن بعد عن تفاصيل خطة الإنقاذ أو بيانات أخرى تتعلق بها و هو الأمر الذي يؤثر بدوره على مستويات الثقة في اقتصاديات المنطقة الستة عشر.
الإتفاق الذي توصل إليه الإتحاد الأوروبي و الذي كان بمثابة الإتجاه الذي إنتهجته كلا من ألمانيا و فرنسا يتمثل في قيام الإتحاد و صندوق النقد الدولي بتقديم حزمة من المساعدات المالية على شكل قروض لليونان و تشير بعض الأراء إلى أن الاتحاد قد يتحمل وحده أكثر من نصف تلك القروض على أن يتحمل صندوق النقد الباقي، و حتى الآن لم يتم الإعلان عن أية تفاصيل أخرى بشأن تلك الخطة أو حتى حجم المبالغ المخصصة للدعم.
ومع تطور الأزمة و تعقد الموقف تأتي الأراء التي كانت تعارض تدخل صندوق النقد الدولي في تقديم المساعدة لتغير إتجاهها مثل ما فعل رئيس البنك الأوروبي بإعلانه تأييد قرار الإتحاد الأوروبي بعد أن أعلن في وقت سابق عن أن تدخل صندوق النقد الدولي يعد "غير مناسب" على أساس أن ذلك يعكس عدم قدرة المنطقة على حل مشاكلها الذاتية بنفسها، وعلى الرغم من ذلك فأن تلك الأزمة أثرت بشكل كبير على مستويات الثقة في المنطقة.
الآن يتمثل اتساع عجز الموازنة أحد العقبات التي تقف أمام تحقق التعافي الكامل لاقتصاديات المنطقة، فاليونان وحدها التي تواجه مشكلة اتساع العجز فأيضا البرتغال و أسبانيا تواجه نفس المعضلة و التي دفعت مؤسسات التصنيف الإئتماني بخفض التصنيف الإئتماني الخاص بالبرتغال في ضوء النظرة المستقبلية التي تعد "سيئة للبلاد" بينما تواجه أسبانيا إتساع عجز الموازنة الذي بلغ في عام 2009 11.4% من الناتج المحلي الإجمالي وهو ما يشير إلى أن البلاد قد تضطر إلى إعلان طلب المساعدة في وقت قريب.
أسبانيا أيضا تعد صاحبة أكبر معدل للبطالة وسط منطقة اليورو، و خلال هذا الأسبوع من المنتظر أن يتم الإعلان عن معدل البطالة لشهر فبراير/شباط السابق لتشير التوقعات إلى ارتفاع المعدل ليسجل نسبة 10.00% في تلك الفترة وهو أعلى مستوى منذ ما يقرب من 11 عام هذا بعد أن سجل في يناير/كانون الثاني تراجعا طفيفا ليصل إلى 9.9% وهو ما دفع إلى ارتفاع عدد العاطلين عن العمل ليسجل 15.683 مليون شخص في منطقة اليورو حتى تلك الفترة فيما كان نصيب عام 2009 وحده نحو 2.2 مليون شخص فقد وظيفته. و هذه البيانات توضح مدى استمرار ضعف سوق العمل في اقتصاديات المنطقة الستة عشر و إن كانت الأنظار قد انصرفت قليلا عن متابعة وضع سوق العمل بعد أن تصدرت أزمة اليونان في الآونة الأخيرة أولوية اهتمام المستثمرين.
أما بالنسبة للبيانات الهامة الأخرى المنتظر صدورها خلال هذا الأسبوع فهو الإعلان عن بيانات الثقة في منطقة اليورو عن شهر مارس/آذار و التوقعات تشير إلى ارتفاع مؤشر الثقة بالاقتصاد إلى 97.1 من 95.9 للقراءة السابقة و ارتفاع مؤشر الثقة بالأعمال إلى -0.82 من -0.98، و بفعل استمرار التحسن الذي تشهده القطاعات الرئيسية فإن التوقعات تشير إلى ارتفاع مؤشر الثقة بالصناعة إلى -11.00 من -13.00 و ارتفاع مؤشر الثقة بالخدمات ليصل إلى 2 من 1 للقراءة السابقة.
بريطانيا
انتقالا إلى الاقتصاد البريطاني حيث ينتظر خلال هذا الاسبوع الإعلان عن القراءة النهائية للناتج المحلي الإجمالي للربع الأخير من العام السابق الذي حقق به نمو الأول من نوعه بعد ستة أرباع متتالية من الإنكماش، توقعات القراءة النهائية تشير بقائها دون تغير عن القراءة التمهدية بنسبة نمو 0.3% بعد أن كانت إنكماش بنسبة -0.2% في الربع الثاني و على المستوى السنوي جاءت بنسبة انكماش -3.3% من -3.2% لنفس الفترة من العام السابق لتلك القراءة.
البيانات الفرعية التي صدرت مع القراءة التمهيدية أوضحت نمو القطاع الخدمي في تلك الفترة الذي يمثل ما يقارب 76.00% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 0.5% بعد أن كان بنسبة 0.1%، و أيضا تحقق النمو جاء مدعوما بارتفاع مستوى الإستهلاك بنسبة 0.4% من 0.1% للقراءة السابقة فيما ارتفع الإنفاق الحكومي بشكل كبير في تلك الفترة بنسبة 1.2% من 0.4% للقراءة السابقة المعدلة.
ومن تقرير الموازنة السنوي الذي تم الإعلان عنه في الأسبوع السابق حيث أشار إلى أن الاقتصاد البريطاني من شأنه أن ينمو بأبطأ ممن كان متوقعا خلال العام القادم ومن ثم تم خفض توقعات النمو للعام القادم من 3.75% لتصبح لما بين 3.0%-3.5% في عام 2011 ولتتوافق بذلك مع تصريحات البنك المركزي البريطاني، أما بالنسبة للعام الحالي 2010 فإنه يتوقع أن تسجل نمو لما بين 1.0% و 1.5%.
الآن بات الوقت يقترب من الإنتخابات المقرر عقدها في يونيو/حزيران وهو ما دفع باتخاذ الحكومة الحالية بقيادة حزب العمال بلملمة الأوراق من أجل كسب تأييد الناخبين، فمن ناحية اتساع عجز الموازنة الذي بات يشكل من أحد المخاطر التي تقف أمام تعافي الاقتصاد البريطاني و كذا تهديد مؤسسات التصنيف الإئتماني بخفض التصنيف المرتفع للبلاد، إذ أعلن السيد دارلينج وزير الخزانة عن إعتزام الحكومة بخفض العجز إلى النصف بحلول عام 2015.
هذا في الوقت الذي يرغب فيه حزب المحافظين المنافس إلى البدء في عمليات تقليص للإنفاق العام خلال العام الحالي و بشكل سريع وهو الأمر الذي يرفضه الحزب الحاكم إذ أن ذلك من شأنه أن يعيد الاقتصاد البريطاني إلى دائرة الركود من جديد وما يعني أن الاقتصاد البريطاني مازال في حاجة إلى المزيد من الدعم حتى يحقق الإستقرار الكامل.