يواصل قطاع الصناعة الأمريكي بشكل خاص والاقتصاد الأمريكي بشكل عام بإظهار بوادر التحسن التدريجي بعد التراخي الذي واجهته في الأنشطة الاقتصادية منذ أشهر قليلة ماضية، حيث شهدنا ارتفاع مؤشر شيكاغو لمدراء المشتريات بأفضل من التوقعات، ليكون دليلا على استمرارية التوسع في الأنشطة الاقتصادية في قطاع الصناعة الأمريكي.
حيث ارتفع مؤشر شيكاغو لمدراء المشتريات خلال تشرين الثاني إلى 62.5 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 60.6 وبأفضل من التوقعات التي بلغت 59.9، في حين أن المؤشرات الفرعية في التقرير الصادرة أظهرت بأن الأسعار المدفوعة ارتفعت إلى 70.7 خلال تشرين الثاني مقابل 68.9، أما الإنتاجية فقد تحسنت لتصل إلى 71.3 مقابل 69.8.
هذا بالإضافة إلى ارتفاع الطلبات الجديدة خلال الشهر نفسه إلى 67.2 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 65.0، في حين انخفضت المخزونات كتأثير من التحسن الطفيف الذي واجهته مستويات الطلب على البضائع والخدمات، إلى 48.4 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 54.9، وعلاوة على ذلك فقد وصل معدل التوظيف خلال تشرين الثاني إلى 56.3 مقابل 54.6.
وعلى الرغم من أن قطاع الصناعة الأمريكي شهد خلال الفترات السابقة تباطؤ في توسعه، وذلك في خضم العوائق التي لم تنفك عن إثقال كاهل النشاطات الاقتصادية حدت من تقدم الاقتصاد الأمريكي بختلف قطاعاته الرئيسية، إلا أن القطاع لا يزال ضمن مرحلة التوسع والتي وإن تباطأت إلا أنها لا تزال تشير بأن الاقتصاد الأمريكي يسير على خطى التعافي التدريجي ضمن وتيرة معتدلة.
وبالمقابل لا بد لنا من الإشارة بأن معدلات البطالة لا تزال ضمن أعلى مستوياتها منذ حوالي ربع قرن عند 9.6%، إضافة إلى الأوضاع الائتمانية الشديدة والتي تحد من قابلية المستهلكين للحصول على قروض جديدة، ناهيك عن مسألة انقضاء معظم البرامج والخطط التحفيزية التي هدفت حينها إلى تعزيز مستويات الإنفاق لدى المستهلكين.
في حين أن الفدرالي الأمريكي كان قد أعلن في آخر اجتماع له عن البرنامج التحفيزي الجديد والذي بلغ 600 مليار دولار موزع على 75 مليار دولار شهريا عن طريق شراء سندات طويلة الأجل، الأمر الذي قد يعزز النشاطات الاقتصادية في الولايات المتحدة، واضعين بعين الاعتبار أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال يسير على خطى التعافي التدريجي.
الأمر الذي بعث قليلا من الأمل بين المستثمرين، وهذا ما ظهر في مؤشر ثقة المستهلكين الذي صدر أيضا بارتفاع خلال تشرين الثاني ليصل إلى 54.1 مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 50.2 والتي تم تعديلها إلى 49.9 وبأفضل من التوقعات التي بلغت 53.0، حيث أن معدل الأشخاص الذي يعتقدون بأن الأوضاع الحالية تحسنت ارتفع إلى 24.0 مقابل 23.5، إلا أن معدل الأشخاص الذي يعتقدون بأن التطلعات المستقبلية ستكون أفضل ارتفعت إلى 74.2 مقابل 67.5.
في حين لا بد لنا من الإشارة إلى أن مؤشر S&P المركب 20 لأسعار المنازل صدر اليوم في وقت مبكر ليشير بأن أسعار المنازل انخفضت خلال أيلول بأسوأ من التوقعات والذي إزاء العقبات التي أشرنا لها في الأعلى، مضيفين عليها ارتفاع قيم حبس الرهن العقاري التي أثقلت كاهل مستويات الطلب على المنازل الأمريكية.
ومن المؤكد أن الاقتصاد الأمريكي سيلزمه المزيد من الوقت لتحقيق التعافي من أسوأ أزمة مالية منذ عقود، وسيبقى الاقتصاد ضمن وتيرة نمو أكثر اعتدالا على حد وصف البنك الفدرالي إلى حين الوصول إلى مرحلة الاستقرار التام خلال النصف الثاني من العام المقبل 2011...