بداية صدر عن اقتصاد اليابان خلال الأسبوع المنقضي عدد من البيانات الاقتصادية منها تجارة التجزئة لشهر تشرين الأول التي أظهرت تراجعا على المدى السنوي في حين أظهرت ارتفاعا على المدى الشهري و لكن بأقل من التوقعات.
الأمر الذي يضع ثالث أكبر الاقتصاديات العالمية في مأزق استمرار نزيف المعدلات الاقتصادية خصوصا أن انخفضا معدلات تجارة التجزئة أحد العوامل المعبرة عن تراجع مستويات الإنفاق الداخلي الذي تعتمد عليه اليابان في دعم اقتصادها خصوصا في هذه المرحلة التي تهدد بشكل كبير عودة اليابان إلى الغوص في أعماق الانكماش التضخمي و هو ما سنوضحه عبر بيانات أسعار المستهلكين.
في هذا الإطار نشير أن أسعار المستهلكين في اليابان جاءت مخيبة للآمال باستمرار تراجعها خلال تشرين الأول، الأمر الذي يعب مهمة كلاً من الحكومة و البنك المركزي في تحقيق هدف التضخم المفترض له أن يصل إلى 1% حسب تعهدات وزير الاقتصاد الياباني.
هذا وسط صراع سياسي و اقتصادي دائر في الأوساط اليابانية مع قرب موعد الانتخابات في منتصف الشهر القادم مع تعهدات الحزب الحاكم بتحقيق هدف التضخم الأمر الذي يعد صعبا بعض الشيء بعد صدور بيانات أسعار المستهلكين التي تشير على فشل في ضبط إيقاع المعدلات الاقتصادية من ناحية و عدم وجود آليات واضحة للخروج من الأزمة من ناحية أخرى.
اتصالا بلك نجد أن الإنتاج الصناعي لليابان خلال تشرين الأول أظهر ارتفاعا على غير المتوقع و لكن بمقارنته بالأداء الاقتصادي العام نجده لا يمثل شيئاً ملموسا. لتضع هذه العوامل البنك المركزي الياباني أمام اختيار واحد فقط و هو رفع مستوى التحفيز النقدي بشكل عنيف علماً بأن آخر جلسات البنك لم تشهد تغييرا في السياسة النقدية على صعيد البرامج التحفيزية بمحوريها برنامج شراء الأصول و برنامج القروض الائتمانية.
على الجهة الأخرى حدثت تطورات على الصعيد الأمريكي خلال الأسبوع المنقضي في آراء متباينة حول أزمة الميزانية الأمريكية و توقعات و تفاؤل بقرب حلها في مقابل توقعات أخرى متشائمة أن الولايات المتحدة لم تقترب من حلول حتى الآن، على الرغم من ذلك شاع نوع من التفاؤل على الأسواق الأمريكية و الأوروبية كذلك وسط استمرار المحادثات في واشنطن لتجنب ما بات يعرف بالجرف المالي.
أيضا شهد الأسبوع المنصرم تعزيز الثقة في منطقة اليورو على خلفية الموافقة على الإفراج عن حزمة الإنقاذ الثانية لليونان و إن جاءت متأخرة لتتنفس الأسواق الصعداء نسبيا نظرا لعدم استقرار منطقة اليورو خوفا من عدم تمكن اليونان من الوفاء بالتزاماتها هذا بالتزامن مع توقعات سلبية لنمو منطقة اليورو في الفترة القادمة.
أخيرا وسط كل هذه العوامل و المؤشرات نجد أن اقتصاد اليابان مرتبط بما يحدث على الساحة العالمية و لا يستطيع القائمين على السياسة النقدية في تحفيز الاقتصاد في حالة استمرار تراجع معدلات الطلب العالمي، و أقصى ما يمكن عمله هو إضفاء المزيد من التحفيز النقدي على الأقل لحماية البلاد من الانكماش التضخمي و إحداث حالة من الاستقرار الاقتصادي.