يعتقد قسم الشؤون الاقتصادية في مركز دبي المالي العالمي أن عاملين رئيسيين سيكونان حاسمين بالنسبة لمستقبل منطقة الخليج ، وهما التركيبة السكانية والتنمية الحضرية.
وحملت الورقة الاقتصادية الخامسة عشرة للمركز، والتي أعدها الدكتور ناصر السعيدي، رئيس الشؤون الاقتصادية والعلاقات الخارجية في مركز دبي المالي العالمي، عنوان “البنية التحتية محركاً للنمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا (ميناسا)” . وتناولت الورقة دور البنية التحتية في رسم آفاق النمو للمنطقة المتأهبة للاستفادة من فوائد التكامل بين اقتصاداتها الوطنية وخصائصها السكانية والاستثمار في رأسمالها البشري وثرواتها الهائلة من مصادر الطاقة.
ولفت الدكتور السعيدي إلى أهمية البنية التحتية بالقول: “إن البلدان التي لا تستثمر في بنيتها التحتية أو لا تحافظ عليها بشكل مستمر فهي لا تغفل مستقبلها فقط، بل وحاضرها أيضاً، لأن هذه الاستثمارات تشكل المحرك الرئيسي للدورة الاقتصادية” ، وأوضحت الورقة الاقتصادية أن منطقة “ميناسا” تشهد موجة عارمة من التحول بوجود قطبين رئيسيين هما الهند ومنطقة دول مجلس التعاون الخليجي ، وفي ظل معدلات خصوبة تتجاوز 2,2، ستحصد منطقة “ميناسا” ثمار تزايد القوة العاملة، بينما ستغذي الهجرة الداخلية الهائلة عملية التنمية الحضرية بصورة هائلة.
وأشار إلى أن المحرك الأساسي للاقتصاد في دول مجلس التعاون الخليجي يتمثل في العائدات الضخمة من موارد الطاقة، والتي بدأت تتحول للمرة الأولى في التاريخ إلى أكثر من مجرد أصول خارجية، حيث يتم بدلاً من ذلك توظيفها بشكل متزايد محلياً في شبه الجزيرة العربية لبناء اقتصاد معرفي يواكب متطلبات القرن الحادي والعشرين ، ورفع صندوق النقد الدولي مؤخراً توقعاته لنمو دول مجلس التعاون الخليجي لعام 2011 من 5,2 بالمائة إلى 7,8 بالمائة، وذلك بفضل أسعار النفط المرتفعة التي من شأنها أن تزيد نمو فائض الحسابات الجارية لدول المجلس بنسبة 124 بالمائة.
ومن اجل البنية التحتيه تحتاج دول الخليج الى استثمار ما بين ما بين 75 و100 مليار دولار سنوياً في البنية التحتية للمحافظة على معدلات النمو المرتفعة والتي وصلت إلى 7,8% ، وقالت الدراسة إنه في الوقت الذي تخطط فيه الهند لمشاريع بنية تحتية بنحو 500 مليار دولار للفترة ما بين عامي 2008-2012، فقد بلغت القيمة الإجمالية للمشاريع المخططة أو التي يجري تنفيذها في دول مجلس التعاون ما يقارب 2,9 تريليون دولار، بحسب بيانات شهر أبريل 2011.
وتتطلب هذه التحولات التزاماً ضخماً بتشييد بنية تحتية أساسية قادرة على مواكبة النمو السكاني والاقتصادي المستمر ، ويتفهم صناع السياسات في هذين القطبين تلك الاحتياجات تماماً، ولكن مع وجود فارق جوهري ، ففي حين تبادر مشاريع البنية التحتية في دول مجلس التعاون الخليجي إلى استباق هذا الطلب وتحفيزه، متبعة نموذج “العرض يولّد الطلب”، فإن البنية التحتية في بقية دول منطقة “ميناسا” تتعرض لضغط كبير نتيجة للاستخدام المكثف وسوء الصيانة وقلة الاستثمار ، ووصف الدكتور السعيدي استثمارات البنية التحتية بأنها تشكل دائرة مكتملة، قائلاً: “يؤدي الاستثمار في البنية التحتية إلى رفع مستوى الإنتاجية والتنافسية.
وهذا بدوره، ينعكس في ارتفاع الدخل والإيرادات الحكومية، مما يقود إلى المزيد من الاستثمارات العامة وفق حلقة نمو مستمرة. وتعزى قصص النجاح التي سطرتها الصين على مدى العقدين الماضيين، ودول مجلس التعاون منذ مطلع القرن الحالي، إلى الاستثمارات العامة الفاعلة والسياسات المدفوعة بالصادرات ، وفي سياق ذلك، تتجلى النتائج الإيجابية الأخرى لاستثمارات البنية التحتية على شكل تأثيرات مرتبطة بالتعلم من التجربة، واكتساب الشركات للمزيد من الكفاءة، وتنمية رأس المال البشري، وتعزيز الأبحاث والتطوير في أساليب الإنشاءات، ونقل التكنولوجيا، بالإضافة إلى تحفيز الابتكار في مجال العمليات التشغيلية”.
www.nuqudy.com/نقودي.كوم