من كيت كيلاند
لندن (رويترز) - أفادت مراجعة تمت بطلب من الحكومة البريطانية بأن الاستخدام المكثف للمضادات الحيوية في مجال انتاج الثروة الحيوانية يمثل خطرا بالغا على الصحة العامة في العالم ويتعين التقليل منه لأقصى درجة الى المستوى المتفق عليه دوليا.
ونقل جيم أونيل الخبير الاقتصادي السابق ببنك الاستثمار الامريكي جولدمان ساكس عن المراجعة القول إن الاتفاق على وتنفيذ المستهدف عالميا من المضادات الحيوية الزراعية لن يكون بالأمر اليسير لكنها مسألة جوهرية لفعالية عقاقير انقاذ الحياة المصممة لمكافحة العدوى البكتيرية للانسان والحيوان.
وأشارت المراجعة الى ان الاقتداء بتجارب الدنمرك وهولندا قد يتمخض عن حل رئيسي وسريع.
وتستخدم الدنمرك مضادات حيوية أقل من 50 ملليجراما في المتوسط سنويا لكل كيلوجرام من وزن الحيوان وهو المستوى الذي وصفه أونيل بانه "ربما يمثل نقطة انطلاق طيبة لتحقيق مثل هذا الهدف".
وقالت المراجعة "اثبتت الدنمرك انه يمكن الحفاظ على انتاجية فعالة في قطاع الزراعة باستخدام مستويات متدنية نسبيا من المضادات الحيوية".
وقال أونيل الذي قدم المراجعة في اجتماع في لندن إن مما أذهله ان الكثير من الدول يستخدم كميات من المضادات الحيوية للحيوان أكثر من الانسان.
وقال إنه في الولايات المتحدة على سبيل المثال يجري استخدام أكثر من 70 في المئة من المضادات الحيوية المهمة من الوجهة الطبية في مجال الثروة الحيوانية في حين يستخدم الانسان النسبة الباقية وهي 30 في المئة.
وقال إن ذلك "يوجد خطر مقاومة البكتريا الشرسة للعقاقير لدى البشر وقد حان وقت قيام صناع السياسة بحسم الأمر".
وتثور مخاوف متصاعدة بان الافراط في استخدام هذه المضادات يسهم في ارتفاع أعداد الاصابات البشرية التي تهدد الحياة من البكتريا المقاومة للمضادات الحيوية. وتشير تقديرات المراكز الامريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها الى ان مليون شخص يصابون سنويا بالبكتريا المقاومة للمضادات وان 23 ألفا يتوفون بها كسبب مباشر.
وقال خبراء في الصحة العامة إن نحو 70 في المئة من المضادات الحيوية الضرورية لصحة الانسان تباع في الولايات المتحدة لاستخدامها في مجال انتاج اللحوم ومنتجات الألبان.
واستخدام المضادات الحيوية في مجال الطب البيطري مشروع لكن مع زيادة أعداد الاصابات البشرية جراء البكتريا المقاومة للمضادات الحيوية تصاعدت انتقادات جمعيات حماية المستهلك وخبراء الصحة العامة والمستثمرين لهذه التصرفات التي تتعلق باعطاء المضادات الحيوية ضمن غذاء الدواجن والماشية والخنازير.
وتباع بعض المضادات الحيوية في الولايات المتحدة دون وصفة طبية في مجال رعاية الحيوان وتستخدم في علاج الأمراض والوقاية منها وتسمين الثروة الحيوانية.
وخلال العقود الماضية نشأت بكتريا مقاومة للمضادات الحيوية وتحورت في الوقت الذي خفض فيه منتجو العقاقير من حجم الاستثمارات في مجال ايجاد سبل لمقاومتها ما أوجد مخاطر صحية عالمية ليصبح من المستحيل القضاء على سلالات البكتريا المقاومة للعقاقير مثل تلك المسببة للالتهاب الرئوي والسيلان وغيرها.
يجئ هذا التقرير وسط قلق عالمي بشأن اكتشاف حديث في الصين لجين يجعل البكتريا أكثر مقاومة لأحدث طائفة من المضادات الحيوية وقال اونيل إن هذا الخطر يتفاقم بفعل قيام المرضى بطلب الادوية بانفسهم من الصيدليات عبر الانترنت دونما استشارة طبية.
وقال اونيل في تقريره المبدئي إن مشكلة البكتريا المقاومة للعقاقير قد تقتل مليون شخص سنويا وتكبد خسائر تصل الى 100 تريليون دولار بحلول عام 2050 ما لم يتم القضاء على المشكلة. واقترح انشاء صندوق حجمه مليارا دولار للابداع والتجديد تموله شركات الادوية للاستثمار في الابحاث وسرعة ابتكار أدوية جديدة لمكافحة هذه البكتريا.