من مهرين زهراء مالك وماريا جولوفنينا
إسلام أباد (رويترز) - بعدما أضعفته احتجاجات المعارضة على مدى أسابيع لدعوته للاستقالة نأى رئيس الوزراء الباكستاني بنفسه عن تحرك الجيش للتدخل في الأزمة يوم الجمعة قائلا إنه لم يلجأ إلى الجيش للمساعدة في نزع فتيل الأزمة.
لكن في تطور محرج لرئيس الوزراء سارع الجيش بنفي ذلك وقال إن الحكومة دعته للتدخل.
وفشلت جهود نواز شريف لإنهاء الخلاف مرارا في الأيام الأخيرة لتقع باكستان في مأزق خطير مع احتشاد آلاف المتظاهرين خارج البرلمان لأسابيع في البلاد التي شهدت سلسلة انقلابات عسكرية.
وأعلن زعيما المعارضة عمران خان وطاهر القادري في وقت متأخر يوم الخميس انهما سيتفاوضان مباشرة مع قائد الجيش الجنرال رحيل شريف.
وأجرى الرجلان محادثات في وقت لاحق مع الجنرال. ولم يعلق القادري على المحادثات فيما قال خان إن الجيش هو الضامن لأحد مطالبه الرئيسية وهو إجراء تحقيق في اتهامات بتزوير الانتخابات العام الماضي.
ولم يعلق الجيش.
واضعفت الأزمة بشكل كبير رئيس الوزراء شريف. وقد يكون اللجوء لطلب مساعدة الجيش محرجا لرئيس وزراء اطيح به هو نفسه في انقلاب عسكري عام 1999 اثناء توليه لذات المنصب في السابق.
وقال شريف امام البرلمان يوم الجمعة إنه لا علاقة له بقرار الجيش التدخل في الأزمة.
وقال للبرلمان الذي يحظى فيه بأغلبية قوية "لم يطلب الجيش أن يلعب دور الوسيط ولم نطلب منهم أن يلعبوا مثل هذا الدور."
لكن شريف قال إنه لم يعترض على اجتماع خان والقادري مع قائد الجيش. وأضاف شريف "إذا ارادا الاجتماع بقائد الجيش فبإمكانهما الاجتماع بكل تأكيد."
ومع ذلك كتب المركز الإعلامي للجيش في تعليق سريع على موقع تويتر "طلبت الحكومة من (قائد الجيش) أن يلعب دورا لتسوية الأزمة الحالية في جلسة أمس في بيت (شريف)."
وحكم الجيش الدولة النووية التي يقطنها 180 مليون نسمة لنصف تاريخها وتناوب على البلاد حكم عسكري وآخر مدني.
وعلى الرغم من أن دور الجيش حيوي لحل الأزمة تعتقد قلة أن الجيش يعتزم الاستيلاء على السلطة مرة أخرى.
ومع ذلك أظهر تدخله المعلن مدى هشاشة الديمقراطية في باكستان بعد أكثر من عام على تولي شريف لمنصبه في أول انتقال ديمقراطي للسلطة في البلاد.
ونقلت صحيفة داون اليومية عن القاضي المتقاعد طارق محمود قوله "هذه هي نهاية الديمقراطية والدستور وسلطة البرلمان في البلاد."
* الاحتجاجات تفقد قوتها؟
وكان شريف قد أثار استياء الجيش من خلال محاولة تعزيز الحكم المدني وتحسين العلاقات مع الهند وأفغانستان في حين أعطى الصراع الأخير الجيش فرصة لتهميش دوره في القضايا الأمنية والسياسة الخارجية.
كما أغضب شريف الجيش بمحاكمة قائد الجيش السابق برويز مشرف بتهمة الخيانة. وكان مشرف قد اطاح بشريف في انقلاب عام 1999.
وسيغضب تدخل الجيش على الأرجح بعض الباكستانيين لكنه أيضا يقدم حلا يحفظ ماء الوجه لخان والقادري لإنهاء احتجاجاتهما التي وصلت إلى طريق مسدود.
وفي محاولة أخيرة لاسترضاء المحتجين أمس الخميس فتحت السلطات تحقيقا في قضية مقتل 14 من أنصار القادري خلال اشتباكات مع الشرطة في مظاهرة بمدينة لاهور في يونيو حزيران.
وتضم القضية شريف وشقيقه القوي شهباز شريف - رئيس وزراء إقليم البنجاب - بين عدد من المسؤولين. وعلى الرغم من أن الاتهام غير قانوني يمكن أن تؤدي هذه الخطوة إلى استقالة شهباز وزيادة الضغوط على رئيس الوزراء.
واعتصم آلاف من أنصار خان والقادري عند ما يعرف "بالمنطقة الحمراء" في إسلام آباد حيث يوجد مقر البرلمان ومقر إقامة رئيس الوزراء منذ 15 أغسطس آب.
وينام كثيرون في العراء في طقس حار على مسافة قريبة من العديد من السفارات والوزارات فيما تناثرت القمامة ومخلفات المعتصمين.
لكن حركة الاحتجاج بدأت تفقد قوتها بعد تدخل الجيش وبقي فقط حوالي ألف شخص هناك يوم الجمعة مقارنة بحوالي عشرة آلاف في ساعة متأخرة من مساء الخميس.
وعندما ذهب خان ليلقي خطابا آخر بعد ظهر يوم الجمعة كان المكان شبه خال. وقال خان من على ظهر حاوية شحن "الحرية أو الموت اختار بين الاثنين. خرج المارد من القمقم ولن يعود."
وقال كثير من المتظاهرين إنهم شعروا بالسأم بعد اسبوعين من الاحتجاجات.
وقال سيدرا فيصل (30 عاما) "ما الفائدة من الجلوس هنا لأسبوعين وقول اننا هنا لنجد حلا سياسيا سلميا إذا كنا سنهرول إلى الجيش؟"
وقال أحمد علي (40 عاما) وهو استاذ جامعي في لاهور "لا بد أن يرفض الجيش الوساطة. نحن هنا لاثبات سلطة الشعب ولك أن ترى كيف أدى ذلك لاهتزاز حكومة نواز شريف. هو لا يعرف ماذا يفعل."
(إعداد محمد اليماني للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)