💼 احمِ محفظتك مع اختيارات الأسهم المدعومة بالذكاء الاصطناعي من InvestingPro - الآن خصم يصل إلى 50% احصل على الخصم

في مؤتمرين بمكتبة الإسكندرية: أزمة الثقافة العربية بين تهميش حكومي وصعود تطرف عنيف

تم النشر 18/11/2015, 00:15
© Reuters. في مؤتمرين بمكتبة الإسكندرية: أزمة الثقافة العربية بين تهميش حكومي وصعود تطرف عنيف

من أشرف راضي

الإسكندرية (رويترز) - هل الأزمة الثقافية الراهنة فى مصر والبلدان العربية وغياب السياسات الثفافية هما السبب في "الوضع البائس" الذي تعيشه المجتمعات العربية، أم أن هذه الأزمة نفسها هي نتيجة لهذا التردي للأوضاع السياسية والاجتماعية؟ حول هذا السؤال، دارت معظم المناقشات بين مثقفين مصريين وعرب على مدى الأيام الأربعة الماضية، من خلال مؤتمرين عقدتهما مكتية الإسكندرية. كان أولهما تحت عنوان "مقترحات لوضع إطار للسياسة الثقافية في مصر"، وثانيهما بعنوان "الثقافة العربية- استحقاقات مستقبل حائر"، وهذه هي المرة الأولى التي تستضيف فيها مكتبة الأسكندرية مؤتمرا للمثقفين العرب.

وخيم على المؤتمرين الأحداث الراهنة التي تعاني منها البلدان الغربية، الذي تناولت آخر جلساته، يوم الثلاثاء، التراث الأثري المهدد في المنطقة وواقع المؤسسات الثقافية العربية علاوة على الهجمات التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس عشية افتتاح المؤتمر الأول. وكان بمثابة مؤتمر ختامي للمرحلة الأولى لمشروع "دعم التنوع الثقافي والابتكار في مصر" الذي نفذته المكتبة على مدى عامبن بدعم من الاتحاد الأوروبي.

وهذا التحدي المتمثل في التطرف والعنف هو الدافع وراء إعلان الدكتور اسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية، في ختام المؤتمر الأول، يوم الاثنين، أن المكتبة بصدد البدء في مشروع طموح لمواجهة التطرف والعنف ومواجهة الفكر المتطرف والإرهاب. وأشار إلى أن المكتبة ستنظم قريباً مؤتمراً في إطار هذا المشروع، كما ستشارك في تنظيم مؤتمرات في دول عربية أخرى منها مؤتمر يعقد في المغرب في ديسمبر كانون الأول القادم ومؤتمر آخر في الجزائر في ابريل نيسان.

وأكد سراج الدين أن مفاهيم التنوير "هي السلاح الأكبر لمواجهة التطرف والعنف." وتابع قائلا إن ذلك يقتضي استمرار "المطالبة بمفاهيم المواطنة والحكم الرشيد وحقوق الإنسان، ومنها حقوق المرأة وحقوق الأقليات والتعددية وحرية الكلمة واحترام الإبداع." وأشار إلى أن هذه الحقوق ليست منحة من الدولة لكنها حقوق مكتسبة يتعين على كل حكومة احترامها واحترام ما تمثله من قيم واحترام التنوع الثقافي.

هذا المشروع محور أحد ثلاث مبادرات جديدة ستبدأها مكتبة الإسكندرية لخدمة الثقافة العربية. والمبادرات الثلاث التي أعلنها سراج الدين في بداية المؤتمر الثاني؛ هي: مشروع "ذاكرة الوطن العربي" على غرار مشروع ذاكرة مصر المعاصرة الذي تنفذه المكتبة، ومبادرة "ديوانية الشعر العربي" التي ستبدأ في يناير كانون الثاني، ومبادرة الشراكة مع المؤسسات الثقافية في الوطن العربي والتي تهدف إلى تضافر الجهود ضد القوى الظلامية وأفكار التطرف.

وتأتي المبادرة الثالثة كاستجابة من مكتبة الإسكندرية لتحدي التطرف والعنف. وكان هذا التحدي هو الشاغل الرئيسي لنحو 300 مثقف ومفكر من مصر والعالم العربي، والذي اختتم أعماله يوم الثلاثاء، وافتتح أعماله يوم الاثنين كل من الدكتور واسيني الأعرج؛ الكاتب الجزائري والأستاذ في جامعتي الجزائر والسوربون، والدكتور إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية، والدكتور خالد عزب؛ رئيس قطاع المشروعات المركزية بمكتبة الإسكندرية، والدكتورة منى فياض؛ الكاتبة والأستاذة الجامعية وسالم بن حميش وزير الثقافة المغربي الأسبق.

وأشار الأعرج في كلمته الافتتاحية إلى أن الثقافة أصبحت جزئية وثانوية، وتدهورت القضية الثقافية في ظل التفكك العنيف للدولة العربية التي لا تتيح فرصة لبناء منظومة ثقافية جديدة. وأكد أن مسألة "الانفصال هي من القضايا الهامة التي يجب أن نتأملها حينما نتطرق إلى الثقافة العربية." وأضاف أن المشروع الثقافي العربي عانى من أزمات كثيرة وممارسات غير صحيحة.

وقال الأعرج إن "الممارسات السابقة تحتاج إلى وقفة وإلا سنعيد إنتاج المعوقات السابقة" مشيراً إلى أن تلك الممارسات تعود بنا للقرون الوسطى ومؤكدًا أن علاقة التيارات الإسلامية المتطرفة بالثقافة علاقة خطيرة وتدميرية، وأن الثقافة هي المستهدف الأساسي من الحوادث الإرهابية حول العالم كالحادث الأخير في باريس، الذي استهدف واحداً من أعرق المسارح في فرنسا، هو مسرح بانكلان.

وقال الأعرج إن الرهانات بالنسبة للثقافة العربية كثيرة وتضع الإنسان العربي في جبهة خطيرة متعددة الجوانب وأنشأت وضعاً قمعياً للوضع الثقافي. وقال إن ردود الفعل سطحية على الرغم من كثرة الورش. وأشار في سعيه لمحاولة وضع حلول للأزمة إلى أن الدولة لا يمكن أن تقوم بدور الرقيب على الثقافة، بل يجب أن تكون مساهمة ومشاركة في العملية الثقافية، ومن هنا يأتي السؤال: كيف نجعل من الثقافة وسيلة للمواطنة؟

وأكد أن النقد يجب أن يكون جزءاً أساسياً في المشروع الثقافي العربي القادم، كما يجب أن نتخطى الرؤية التقديسية للأشياء وأن نتمكن من نقد ما أنتج سابقًا.

وأضاف: "يجب أن ننظر للمسألة الثقافية من بعدها المتعدد. هل العنصر الديني مازال فاعلاً؟ ماذا نريد من المجتمع؟ كيف نتمكن من خلق جيل مميز؟".

وشدد في نهاية كلمته على أن الدولة يجب أن تحدد خياراتها لأنه بدون المنظومة التربوية لن يمر المشروع الثقافي العربي. وقال إن هذا المشروع يحتاج رؤية تعددية، رؤية واضحة من طرف الدولة المتبنية لمشروع المواطنة، وجهد متكاتف من المثقفين.

وانطلقت الدكتورة منى فياض الكاتبة والأستاذة الجامعية اللبنانية من التحليل الانثروبولوجي لمفهوم الثقافة والذي يتضمن البعد الثقافي المخفي، فالثقافة تؤثر على وجودنا ونظرتنا للأشياء، وهي تعد وسيلة للرؤية والتأويل والنظر والتعامل مع العالم، وتحتوي على الأدوات والمواثيق والمعتقدات.

وشددت فياض على أهمية الاهتمام بالتربية والمعرفة مثل الاهتمام بالعلم، فهؤلاء الذين يقومون بتنفيذ أعمال إرهابية حصلوا على تعليم تقني عالي دون معرفة أسباب ابتكار التقنيات والحرية الفكرية التي سمحت لهذا الانتاج الفكري.

ولفتت إلى مجموعة من الجوانب التي يجب الاهتمام بها لمواجهة العوائق في مجتمعاتنا العربية: وأهمها الديمقراطية وتأمين الحريات ومكافحة الرقابة بكافة أشكالها، والإصلاح الديني على مستوى العالم العربي، والمشاركة السياسية، وإصلاح التربية والتعليم، وتحفيز الابتكار والعمل والانجاز، وحماية حرية التعبير، ومواجهة النقص في إنتاج المعرفة، ومواجهة القصور على الصعيد التربوي، والاهتمام بالتربية المدنية، والعمل على تكوين رأي عام فاعل.

والعلاقة بين الثقافة والتعليم محور الكلمة التي ألقاها الدكتور سالم بن حميش وزير الثقافة المغربي الأسبق. وقال "إذا كان التعليم يعاني من أزمة فإن ذلك يضع العالم على كف عفريت" مشدداً على أهمية القراءة والمعرفة.

ويمثل هذا المشروع من خلال التركيز على مفهوم "الصناعات الثقافية" وضرورة وضع سياسات ثقافية للدولة أحد الإجابات الممكنة لخروج الثقاقة العربية من مأزثها الراهن. وخرج المؤتمر الأول بتقديم مسودة لرؤى لإطار عام لسياسة مصر الثقافية في السنوات القادمة. وأوضح الدكتور إسماعيل سراج أن هذه المسودة وضعت من خلال العديد من جلسات النقاش مع المشتغلين في القطاعات الثقافية المختلفة وكذلك في ضوء النقاش الذي دار في جلسات مؤتمر "التنوع الثقافي".

© Reuters. في مؤتمرين بمكتبة الإسكندرية: أزمة الثقافة العربية بين تهميش حكومي وصعود تطرف عنيف

ومن بين الحلول كذلك ما تضمنه العرض الذي قدمه مدير مكتبة الإسكندرية لتقريره السنوي عن نشاط المكتبة أمام المشاركين في مؤتمر المثقفين العرب والذي ركز خلاله على كيفية تواصل المكتبة مع الجمهور وكيفية تعاملها مع القضايا والتحديات الراهنة.

أحدث التعليقات

قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2024 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.