💎 اعرف أقوى أسهم الشركات ذات السلامة المالية العاليةهيا استعد

معاناة إسرائيل في دمج اليهود المتدينين والعرب تثير مخاوف اقتصادية

تم النشر 20/07/2017, 20:54
© Reuters. معاناة إسرائيل في دمج اليهود المتدينين والعرب تثير مخاوف اقتصادية

من توفا كوهين وستيفن شير

بني براك (إسرائيل) (رويترز) - يقضي حاييم رحماني يومه في دراسة النصوص الدينية اليهودية في بلدة بني براك الإسرائيلية، التي تجاور شوارعها المزدحمة الأبراج الإدارية في تل أبيب، ولا ينوي إطلاقا البحث عن وظيفة.

يرتدي رحماني بزة رسمية مزينة بخطوط رفيعة، إلا أنه أحد العاطلين الذين يشكلون نصف إجمالي عدد الرجال المتشددين دينيا في إسرائيل. وفي مجتمع سريع النمو يثير هذا الاتجاه، بجانب مشكلات التوظيف بين الأقلية العربية، مخاوف بشأن متانة الاقتصاد في الأمد الطويل وإن كان الاقتصاد يشهد ازدهارا في الوقت الحالي.

وقال رحماني البالغ من العمر 25 عاما "أنوي الدراسة بقية حياتي. أنا أدرس لأني أحب الدراسة. فحين تتربى من الصغر على التعلم، فإنك تحبه وتأبى أن تتوقف عنه".

لا يشعر رحماني بالحاجة لخوض تجارب جديدة خارج جدران المعهد الديني اليهودي "يشيفا" سعيا للحصول على عمل بأجر. فعروسه الجديدة تسانده من خلال عملها بوظيفة للمبتدئين في مجال الكمبيوتر بشركة انتل بينما يتلقي هو مبلغا شهريا قدره 500 دولار من الحكومة وتبرعات لتعلم التلمود.

ولد رحماني في ميامي، وتخرج من مدرسة ماعوز هاتورا في بني براك وهي مدرسة للبنين ممن يتراوح أعمارهم بين ثلاثة أعوام وخمسة عشر عاما. يتعلم الطلاب في هذه المدرسة بعض القراءة والكتابة بالعبرية وأساسيات الرياضيات، لكن معظم اليوم الدراسي مخصص للدراسات الدينية.

وهنا تكمن مشكلة كبيرة يواجهها واضعو الخطط الاقتصادية. فالتوقعات تشير إلى أن الإسرائيليين المتشددين دينيا سيشكلون ثلث السكان بحلول عام 2065 لأن أسرهم تضم أعددا كبيرة من الأفراد، ارتفاعا من 11 في المئة في الوقت الحالي. لكن في الوقت الذي تتماشي فيه مستويات توظيف الإناث مع مستويات المجتمع الإسرائيلي، ثمة كثير من الرجال يفتقرون إلى المهارات اللازمة لدفع عجلة اقتصاد متقدم ينتمي للعالم الأول، إن كانوا يريدون العمل من الأساس.

ويشهد قطاع التكنولوجيا المتقدمة في إسرائيل ازدهارا، ويضم تسعة في المئة من العاملين. والاستثمار في رأس المال المخاطر كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي هو الأعلى في العالم، بينما يأتي معدل النمو بين أقوى المعدلات في الاقتصادات المتقدمة.

لكن البيانات الكلية تخفي اختلافات تمس على وجه الخصوص مجتمعي اليهود المتشددين والعرب، وتؤثر كذلك على الإسرائيليين العلمانيين والأقل تدينا.

ترتفع معدلات الفقر في إسرائيل بالمقارنة مع بقية الدول المتقدمة، كما أن معدل التفاوت في الدخل بإسرائيل يحل في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة داخل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ويدفع 20 في المئة فقط من السكان 90 في المئة من ضريبة الدخل.

وينتاب القلق محافظة بنك إسرائيل المركزي كارنيت فلوج. وقالت "هذا وضع لا يحتمل. إذا رغبنا في أن نصبح مجتمعا متماسكا، بدون فجوات اجتماعية غير مقبولة في المستويات، فإننا نحتاج إلى تغيير وضع الاقتصاد المزدوج القائم اليوم إلى اقتصاد موحد".

وأبلغت مؤتمرا عقد في الآونة الأخيرة "طريق الوصول إلى تلك النقطة يمر بالنمو الشامل" في إشارة إلى إشراك جميع الفئات الاجتماعية في القوة العاملة.

* جيش من العالم الأول

يقول خبراء اقتصاديون إن إسرائيل يحب أن تغير أولوياتها عبر الاستثمار في البنية التحتية وتحسين المنظومة التعليمية ودمج السكان اليهود المتشددين والعرب، الذي يشكلون ما يصل إلى 21 في المئة من الإسرائيليين، في قوة العمل.

ويشير الخبراء إلى أن عدم تحقيق ذلك قد يهدد وجود إسرائيل نفسها في نهاية المطاف، ويقولون إن صنع الثروة أمر جوهري لتوفير التمويل اللازم للحفاظ على جيش قوي، حيث خاضت إسرائيل حروبا عدة مع جيرانها العرب منذ 1948.

وقال دان بن ديفيد الخبير الاقتصادي في جامعة تل أبيب ومؤسس مؤسسة شورش للبحوث الاجتماعية والاقتصادية "اليوم، نصف الأطفال في البلاد بالفعل يحصلون على تعليم يشبه التعليم في العام الثالث، وهؤلاء الأطفال ينتمون لأسرع فئات السكان نموا في إسرائيل".

* صحوة ما بعد الهولوكوست

في الثمانينات، كان 63 في المئة من الرجال الإسرائيليين المتشددين دينيا يعملون، لكن مع نمو المجتمع قرروا إعادة بناء عالم المدارس الدينية اليهودية التي دمرت في أوروبا في الهولوكوست. وترسخ هذا الاتجاه بسياسة صرف إعانات لطلاب تلك المدارس لتنخفض هذه النسبة إلى 51 في المئة في الوقت الحالي.

وبحسب معهد الحريديم للشؤون العامة، الذي يجرى أبحاثا حول مجتمع الحريديم أو اليهود المتشددين دينيا، لن تحقق الحكومة هدفها لعام 2020 المتمثل في العودة بنسبة العاملين من الرجال إلى 63 في المئة مجددا.

المجتمع راض بالوضع الراهن. وقال الحاخام عساف أفيتان، مؤسس ومدير المدرسة التي تلقي فيها رحماني تعليمه في بني براك "نحتاج إلى بضعة أجيال من هذا... في المستقبل ربما يكون هناك توازن أكبر".

يعتقد أفيتان، الذي ظل يدرس حتى بلغ من العمر 35 عاما، أن طلابه جاهزون للعمل إذا شاءوا. وقال "إذا درست التوراة يكون بمقدورك فعل أي شيء".

وترعى الحكومة دورات تعليمية خاصة لإعداد الرجال المتدينين لمواصلة تعليمهم غير الديني. كما تقدم أيضا دورات خاصة لسيدات الحريديم، وكثير منهن يعملن في وظائف تدريس منخفضة الأجر، كي تمكنهن من العمل في مجالات الكمبيوتر والرسومات والعلاج الوظيفي.

ويقول بن ديفيد إن ربع البالغين في مجتمع الحريديم الكبير بالولايات المتحدة يحصلون على درجة جامعية مقارنة مع 12.1 في المئة في إسرائيل.

وفي الوقت الذي يرزح فيه نحو 22 في المئة من سكان إسرائيل تحت خط الفقر، تبلغ هذه النسبة 52 في المئة بين اليهود المتشددين رغم أن نفقاتهم محدودة في مجتمع تمثل فيه الزوجة العائل الرئيسي للأسرة.

وقال إيلي بالي مؤسس معهد الحريديم ومالك مجموعة ميشباشا الإعلامية للحريديم والتي توظف سيدات في الأساس "ليس من شأن الحكومة من هو العائل الرئيسي للأسرة ومن الثانوي".

وتعمل نحو ثلاثة أرباع اليهوديات المتدينات، وهو ما يماثل نسبة السيدات العاملات بين السكان عامة، لكن متوسط رواتبهن الشهرية يبلغ 6170 شيقلا (1736 دولارا) بما يقل عن المتوسط البالغ 9309 شواقل الذي تتقاضاه السيدات اليهوديات الأخريات. وتعمل الكثير من السيدات في وظائف بدوام جزئي.

تلك البيانات لا تحظى بأهمية كبيرة حين يتحدث السياسيون عن الإحصاءات الاقتصادية التي تعد من بين الأفضل في الغرب.

نما اقتصاد إسرائيل أربعة بالمئة في 2016 بدعم من قطاع التكنولوجيا المتقدمة، ومن المتوقع أن ينمو 3.5 في المئة في العام الحالي. ومعدل البطالة عند مستوى تاريخي منخفض يبلغ 4.5 في المئة، لكن 70 في المئة من العاملين يتقاضون أجورا تقل عن متوسط الراتب الشهري البالغ عشرة آلاف شيقل.

* دمج العرب

على غرار الحريديم، يتقاضى عرب إسرائيل أجورا منخفضة ويعانون من ارتفاع معدل البطالة ولكن لأسباب مختلفة. وقال جوني جال الباحث لدى مركز طاوب لدراسات السياسات الاجتماعية "إذا أردت دمج العرب في الاقتصاد، فإنك تحتاج لمزيد من الإنفاق".

ويتقاضى 60 في المئة من الرجال العرب العاملين، وكثير منهم يعلمون في قطاع البناء، نصف ما يتقاضاه الرجال اليهود بحسب بنك إسرائيل. وتعمل 25 في المئة فقط من السيدات العربيات، بينما يعيش 55 في المئة من عرب إسرائيل تحت خط الفقر.

وتشتد حدة هذه المشكلة بين البدو البالغ عددهم 260 ألفا المنتشرين في أنحاء صحراء النقب الجنوبية والذين يواجهون صعوبات في التخلي عن الحياة البدوية التي عاشوها على مدار أجيال.

وقال سلامة الأطرش، وهو أب لعشرة أبناء، إن كثيرا من أطفال قريته البالغ عددهم 150 طفلا لا يذهبون للمدارس لأن أقربها على مسافة بعيدة للغاية. وأضاف "القري الأكثر فقرا في إسرائيل هي القرى البدوية... جذر المشكلة يكمن في التعليم أولا وقبل أي شيء... الحكومة لا تستثمر بما يكفي في التعليم".

وقال طلال القريناوي رئيس بلدية رهط، أكبر بلدة بدوية، إنه إذا أرادت الحكومة أن يساهم البدو في النمو الاقتصادي فإنها بحاجة إلى الاستثمار في تخطيط القرى ودمج السكان في قوة العمل.

ويقول يوئيل نافيه كبير خبراء الاقتصاد لدى وزارة المالية إن الإنفاق الحكومي على تعليم العرب زاد خلال السنوات العشر الأخيرة. وقال إن إشراك العرب في قوة العمل أسهل من مجتمع اليهود المتدينين الأكثر انغلاقا، وإن إجراء تغييرات في منظومة التعليم يتطلب إرادة سياسية.

هناك أيضا مشكلات عامة تعاني منها المنظومة التعليمية. فيقول بعض الخبراء إن متوسط عدد السنوات الدراسية مرتفع بالمقارنة مع دول أخرى، لكن جودة التعليم منخفضة، كما أن هناك حاجة إلى زيادة أجور المعلمين لجذب أشخاص يتمتعون بمهارات أكبر.

وشيدت إسرائيل سبع جامعات بحثية رفيعة المستوى في عقودها القليلة الأولى، لكنها لم تشيد أي جامعات من ذلك الطراز منذ السبعينات رغم أن عدد السكان زاد لأكثر من مثليه. وقال بن ديفيد إن الكليات غير البحثية صارت هي المفضلة.

ويقل معدل إنتاجية العامل في إسرائيل في الوقت الحالي عن مثيله في معظم دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، كما تزداد الفجوة بين ما يمكن أن يجنيه الموظف في إسرائيل ونظيره في دول أخرى.

وحذر بن ديفيد من أن عدم تصحيح هذا المسار قد يجعل إسرائيل تعاني من هجرة المتعلمين "حتى تصل إلى درجة يتعذر عندها تدارك الأمر".

© Reuters. معاناة إسرائيل في دمج اليهود المتدينين والعرب تثير مخاوف اقتصادية

وقال "لا أعتقد أننا سنفشل. أعتقد أننا سنعالج الأمر... لكن الوقت ينفد".

(إعداد معتز محمد للنشرة العربية - تحرير عبد المنعم درار)

أحدث التعليقات

قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2024 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.