من أيلا جان ياكلي وشموس خاقان
اسطنبول/ديار بكر (تركيا) (رويترز) - ذكرت وسائل إعلام رسمية يوم الأحد أن الحكومة التركية قررت تسريح قرابة 1400 من أفراد الجيش للاشتباه في وجود صلات تربطهم برجل دين تتهمه بالمسؤولية عن محاولة الانقلاب وذلك بعد ساعات من إعلان الرئيس رجب طيب إردوغان عن تغييرات كبيرة في صفوف القوات المسلحة.
ويمثل قرار التسريح أحدث محاولة من قبل إردوغان لجعل الجيش التركي -الذي ينظر إليه منذ وقت طويل على أنه حارس الجمهورية العلمانية- تحت سيطرة الحكومة. وقال الرئيس السبت إنه يعتزم إغلاق الأكاديميات العسكرية وجعل القوات المسلحة تحت قيادة وزارة الدفاع.
وذكرت وكالة الأناضول للأنباء يوم الأحد أنه جرى تسريح 1389 من أفراد الجيش للاشتباه في وجود صلات تربطهم برجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله كولن الذي تتهمه تركيا بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة يومي 15 و16 يوليو تموز. ونفى كولن الاتهامات وندد بالانقلاب.
وتم إعفاء أكثر من 1700 من أفراد الجيش الأسبوع الماضي لدورهم في محاولة الانقلاب التي وقعت عندما استخدمت مجموعة من الجيش دبابات وطائرات هليكوبتر وطائرات حربية لمحاولة الإطاحة بالحكومة. وقال إردوغان إن 237 شخصا قتلوا في المحاولة الانقلابية وأصيب أكثر من 2100 آخرين.
وقالت الحكومة في الجريدة الرسمية يوم الأحد إنها ستضم المزيد من الوزراء إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة مضيفة أن نواب رئيس الوزراء بالإضافة إلى وزراء العدل والداخلية والشؤون الخارجية سيصبحون أعضاء.
وقال إردوغان الذي نجا بأعجوبة من الاعتقال وربما الموت ليلة الانقلاب لرويترز في مقابلة الأسبوع الماضي إن الجيش التركي ثاني أكبر جيوش حلف شمال الأطلسي بحاجة إلى "دماء جديدة". وتشمل حالات الإعفاء من الخدمة العسكرية نحو 40 بالمئة من الأميرالات والجنرالات الأتراك.
وصدرت قرارات اعتقال أو إقالة أو إيقاف عن العمل ضد أكثر من ستة آلاف فرد في الجيش والقضاء والجهاز الإداري والمدارس حتى الآن على خلفية الاشتباه بوجود صلات تربطهم بكولن. وأدان حلفاء تركيا الغربيون محاولة الانقلاب لكنهم يشعرون بالقلق بسبب الحملة التي تنفذها السلطات التركية بعدها.
وتأتي قرارات التسريح واسعة النطاق في وقت يتعرض فيه الجيش التركي لضغوط بسبب قتاله الشرس للمسلحين الأكراد في جنوب شرق البلاد والخطر الذي يمثله متشددو تنظيم الدولة الإسلامية على حدود تركيا مع سوريا.
وتركيا عضو في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ويحارب الدولة الإسلامية في العراق وسوريا. وتستخدم قوات التحالف قاعدة إنجيرليك التركية الجوية لتنفيذ مهام ضد التنظيم المتشدد.
* أمن إنجيرليك
وقالت مصادر أمنية تركية إن إجراءات أمن مشدد فرضت في محيط إنجيرليك يوم الأحد قبل زيارة متوقعة لرئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية جوزيف دانفورد.
ورغم تداول شائعات على وسائل التواصل الاجتماعي عن تأهب قوات الأمن التركية خشية وقوع محاولة انقلاب جديدة فإن متحدثا عسكريا أمريكيا في القاعدة قال إنه لم يشهد أي تعزيز لانتشار الشرطة التركية.
وأضاف دون الإفصاح عن اسمه "العمل يسير كالمعتاد هنا. لا نرى أي شيء كهذا."
وخرجت بعض الاحتجاجات المتفرقة في إنجيرليك في الأيام التي تلت الانقلاب إذ دعا أنصار الحكومة التركية الولايات المتحدة إلى ترحيل كولن. وتقول واشنطن إنها لن تسلم كولن إلا إذا حصلت على أدلة واضحة.
وفي تلك الأثناء قال إردوغان إنه "لمن العار" أن تبدي الدول الغربية اهتماما أكبر بمصير مدبري الانقلاب من الوقوف إلى جانب تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي كما انتقد بشدة عدم مجيء أي زعيم غربي لزيارة البلاد منذ محاولة الانقلاب.
وفي خطوة غير متوقعة أعلن إردوغان إسقاط كل الدعاوى القضائية ضد الأشخاص المتهمين بإهانته. وأضاف أن القرار اتخذ بدافع مشاعر "الاتحاد" ضد محاولة الانقلاب.
وقد يرمي القرار أيضا إلى إسكات منتقدي إردوغان في الغرب.
وقال وزير العدل إن ممثلي إدعاء فتحوا أكثر من 1800 قضية ضد أشخاص يتهمون بإهانة الرئيس التركي منذ توليه المنصب في 2014. ومن بين المتهمين صحفيون ورسامو كاريكاتير بل وأطفال قصر.
ولم يتضح على الفور إن كان إردوغان سيسقط دعواه القضائية ضد الكوميدي الألماني يان بومرمان الذي ألقى قصيدة هذا العام على التلفزيون تنتقد الرئيس التركي بشدة مما دفع إردوغان إلى تقديم شكوى للمدعين الألمان من تعرضه للإهانة.
* القطاع العام
وقالت وكالة الأناضول للأنباء يوم الجمعة إن عدد موظفي القطاع العام الذين تم إيقافهم عن العمل منذ محاولة الانقلاب وصل الآن إلى أكثر من 66 ألفا بينهم نحو 43 ألف موظف في مجال التعليم.
وقال وزير الداخلية إفكان آلا إن أكثر من 18 ألف شخص اعتقلوا بسبب محاولة الانقلاب وألغيت جوازات سفر 50 ألف شخص. وذكرت وزارة العمل أنها تحقق مع 1300 من موظفيها بسبب تورطهم المحتمل في الأمر.
وقال إردوغان إن كولن استغل شبكة المدارس والجمعيات الخيرية والشركات الموالية له في تركيا والخارج لبناء "هيكل مواز" يهدف إلى السيطرة على البلاد.
وتلاحق الحكومة التركية الآن شبكة المدارس والمؤسسات الأخرى التابعة لكولن في الخارج. وأغلق الصومال مدرستين ومستشفى يعتقد أنها على صلة بكولن كما تلقت حكومات أخرى طلبات مماثلة من أنقرة لكن بعض الدول لم تبد استعدادا لتلبيتها.
(إعداد ياسمين حسين للنشرة العربية - تحرير منير البويطي)