من هيونهي شين وجوش سميث
سول (رويترز) - نسفت كوريا الشمالية يوم الثلاثاء مكتب اتصال مع كوريا الجنوبية أقيم في مدينة حدودية عام 2018 بغرض تحسين العلاقات بين البلدين، وذلك بعد أن هددت باتخاذ إجراء إذا واصلت الجماعات المنشقة إرسال منشورات دعائية إلى أراضي الشمال.
وذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية في الشمال أن مكتب الاتصال في كايسونج، وهو مبنى من أربعة طوابق واجهته من الزجاج الأزرق المتلألئ في مدينة صناعية تفتقر لأي بريق آخر، "تم تدميره في تفجير مزلزل".
وتدمير المبنى المغلق منذ يناير كانون الثاني بسبب المخاوف من تفشي فيروس كورونا يُعد انتكاسة كبرى لجهود الرئيس الكوري الجنوبي مون جيه-إن لاستمالة الشمال إلى مسار التعاون، كما يُعد ضربة أخرى لآمال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إقناع كوريا الشمالية بالتخلي عن أسلحتها النووية والانفتاح على العالم.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة تؤيد تماما جهود سول المتصلة بالعلاقات مع كوريا الشمالية وإنها تحث بيونجيانج على "الامتناع عن أي إجراءات أخرى غير مثمرة".
وكانت كوريا الشمالية قد حذرت واشنطن من التعليق على شؤون الكوريتين إن هي أرادت أن تسير انتخابات الرئاسة الأمريكية المقررة في الثالث من نوفمبر تشرين الثاني في هدوء، مما أثار القلق من أنها ربما تفكر في العودة للتجارب النووية والصاروخية.
وقد أشاد ترامب بتجميد تلك التجارب معتبرا ذلك نصرا تمخضت عنه اجتماعاته غير المسبوقة مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون التي انعقدت عامي 2018 و2019 ولم تحقق نتائج أخرى.
وعبرت روسيا عن قلقها حيال الموقف في شبه الجزيرة الكورية ودعت كل الأطراف لضبط النفس.
وأظهر تسجيل فيديو من كاميرات مراقبة نشرته وزارة الدفاع الكورية الجنوبية انفجارا ضخما بدا أنه هدم مبنى مكتب الاتصال، كما تسبب فيما يبدو في انهيار جزء من مبنى مجاور من 15 طابقا كان مقر سكن مسؤولي كوريا الجنوبية الذين يعملون في مكتب الاتصال.
* "خطة عمل"
كان مكتب الاتصال هو أول بعثة دبلوماسية من نوعها بين الكوريتين، وقد تأسس عام 2018 في إطار سلسلة مشروعات تهدف لتخفيف التوتر بين البلدين.
ونقلت وسائل الإعلام الكورية الشمالية عن الجيش قوله إنه يدرس "خطة عمل" لإعادة دخول المناطق التي نزع عنها السلاح بموجب اتفاق 2018 بين الكوريتين و"تحويل الخط الأمامي إلى حصن".
ووجهت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية نداء إلى الشمال للالتزام بالاتفاق الذي تعهد الطرفان بموجبه بوقف كل "الأعمال العدائية" وتفكيك عدد من المنشآت في المنطقة المنزوعة السلاح شديدة التحصين بين البلدين.
وقال مجلس الأمن القومي في كوريا الجنوبية إن سول سترد بحزم إذا استمرت كوريا الشمالية في تصعيد التوتر.
وقال كيم يو جيون نائب مستشار الأمن القومي إن تدمير مبنى كايسونج "حطم توقعات كل من يأملون في تطوير العلاقات بين الكوريتين وتحقيق سلام دائم في شبه الجزيرة" الكورية.
وقال سوه هو نائب وزير الوحدة في كوريا الجنوبية والذي كان يشارك في رئاسة مكتب الاتصال إن تدمير المكتب خطوة "غير مسبوقة في العلاقات بين الكوريتين" وإنه "تصرف غير متعقل".
ولا تزال الكوريتان في حالة حرب رسميا إذ أن الصراع الذي دار بينهما من عام 1950 إلى 1953 انتهى بهدنة وليس بمعاهدة. وتصاعد التوتر في الأيام الماضية مع تهديد كوريا الشمالية بقطع العلاقات واتخاذ إجراء انتقامي بسبب المنشورات التي تحمل رسائل تنتقد زعيمها كيم جونج أون.
وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية إن نسف المكتب كان لإجبار "حثالة البشر ومن يؤوون الحثالة على دفع ثمن باهظ لجرائمهم".
ودأبت عدة جماعات يقودها منشقون على إرسال منشورات عبر الحدود ومواد غذائية وأوراق بنكنوت من فئة الدولار وأجهزة راديو صغيرة وشرائح تخزين بيانات تحتوي على أعمال درامية وأخبار من كوريا الجنوبية، عادة عن طريق بالونات أو في زجاجات عبر النهر.
وكان المبنى يستخدم في البداية كمكتب لإدارة عمليات مجمع كايسونج الصناعي، وهو مشروع مشترك بين الكوريتين توقف العمل فيه في 2016 إثر خلافات بشأن البرامج النووية والصاروخية لكوريا الشمالية.
وأنفقت كوريا الجنوبية 9.78 مليار وون (8.6 مليون دولار) على الأقل لتجديد المبنى في 2018. وكان الكوريون الجنوبيون يعملون في الطابق الثاني بينما يعمل الكوريون الشماليون في الطابق الرابع. وكان الطابق الثالث يحوي قاعات للمؤتمرات يعقد فيها الجانبان اجتماعاتهما.
(إعداد محمد عبد اللاه للنشرة العربية - تحرير أمل أبو السعود)