من عبد القادر صديقي وأحمد سلطان
كابول/قرية جيردو(أفغانستان) 9 أغسطس آب (رويترز) - عندما كان في سن 17 عاما، تزوج محمد جعفر من ثلاث نساء هن أرامل أشقائه الثلاثة الذين قُتلوا في تفجير انتحاري عام 2016 في إقليم كونار بشرق أفغانستان، حيث قرر التصالح مع إملاءات شيوخ قبائل البشتون المحلية.
وقال جعفر يوم الأحد إنه قرر التصالح لمرة ثانية بعدما سمع بقرار الحكومة إطلاق سراح 400 من سجناء حركة طالبان المتهمين بتنفيذ بعض أعنف الهجمات بحق المدنيين، بما في ذلك قتل أشقائه.
وبعد قرار لويا جيركا أي المجلس الأعلى للقبائل والمؤلف من 3200 من زعماء المجتمع والسياسيين الأفغان إطلاق سراح هؤلاء المقاتلين، قال جعفر لرويترز "فكرة أن تسامح وتنسى مجرمي الحرب محبطة جدا بالنسبة لي". وكان قرار المجلس خطوة نحو إجراء محادثات سلام مع الحركة الإسلامية المتشددة بهدف إنهاء حرب مستمرة منذ نحو عقدين.
وكان قرار جعفر الزواج من زوجات أشقائه والاعتناء بعشرة أطفال بدخله الشهري الذي يبلغ 300 دولار، وقرارات مشابهة اتخذتها أسر بعض من المدنيين الأفغان الذين يُعتقد أنهم قُتلوا أو أصيبوا خلال العقد الماضي وهم أكثر من 100 ألف شخص، محورية لاتخاذ كابول قرارها المثير للجدل بإطلاق سراح السجناء والسعي للسلام.
ولم يأت قرار اللويا جيركا على ذكر الصفح لكن المجلس اقترح يوم الجمعة، في اليوم الافتتاحي لاجتماعاته، أن تتواصل الحكومة مع المتضررين من عنف طالبان وتحصل على موافقتهم على إطلاق سراح المتمردين.
وترزح الحكومة وطالبان تحت ضغط من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يتوق لتحقيق تقدم نحو السلام حتى يتمكن من إعادة المزيد من الجنود الأمريكيين إلى الوطن قبل انتخابات نوفمبر تشرين الثاني الرئاسية، حيث يتراجع في استطلاعات الرأي.
أما جعفر وغيره ممن طُلب منهم الصفح عمن قتلوا أحباءهم فهم تحت ضغط من نوع آخر.
فقد قال ثمانية ناجين من بعض أكثر هجمات طالبان وحشية لرويترز إنهم يخشون تصاعد القتال إذا لم يتم إطلاق سراح سجناء الحركة.
وقال جعفر "لا يزال يُنتظر من الأفغان الشرفاء البسطاء أن يدفعوا ثمن السلام. طُلب منا أن نصفح عن طالبان". وأضاف أنه يُتوقع من المدنيين التظاهر بأن شيئا لم يكن حتى يواصلوا حياتهم.
وسبعة من أطفال جعفر هم أبناء لأشقائه المتوفين في جيردو التي تبعد 280 كيلومترا شرقي العاصمة كابول بالقرب من الحدود مع باكستان. وهذه القرية الجبلية النائية هي المكان الوحيد الذي يشعر فيه بالأمان مع استمرار الاشتباكات بين الحكومة وطالبان في أنحاء البلد الذي تمزقه الحرب.
وتقول منظمات حقوقية إن عملية صنع السلام يجب أن تقودها اعتبارات أخرى غير دورة الانتخابات الأمريكية.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان "يتعين أن تكون الأولوية لحق الضحايا في العدالة، وحق المعتقلين في محاكمة عادلة.
وأشار جعفر إلى أن الصفح لا يزال مرهونا بإحراز تقدم نحو إنهاء العنف الذي قلب حياة عائلته رأسا على عقب.
وأضاف "إذا كان السلام سيحل بهذه بالبلاد، فها أنا أصفح عمن قتلوا أشقائي".
(شاركت في التغطية شارلوت جرينفيلد من إسلام اباد - إعداد دعاء محمد للنشرة العربية - تحرير ياسمين حسين)