من ميشيل نيكولز
الأمم المتحدة (رويترز) - اجتمع زعماء العالم افتراضيا يوم الاثنين للاحتفال بالذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس الأمم المتحدة، في وقت يشكل فيه انتشار فيروس كورونا والتوتر بين الولايات المتحدة والصين تحديا أمام فعالية المنظمة المؤلفة من 193 عضوا وتماسكها.
فمع بدء استشراء جائحة كورونا في أنحاء العالم أوائل العام الجاري مما أرغم الملايين على البقاء في منازلهم ودمر اقتصاد دول، أصبحت البلدان أكثر ميلا للانغلاق على نفسها ويقول دبلوماسيون إن الأمم المتحدة تكافح من أجل التأكيد على أهمية دورها.
ووصل التوتر القائم منذ فترة طويلة بين الولايات المتحدة والصين إلى نقطة الغليان فيما يتعلق بالجائحة، على نحو أبرز مساعي بكين لزيادة نفوذها على الساحة في تحد للزعامة الأمريكية التقليدية.
وظهر فيروس كورونا في الصين أواخر العام الماضي، واتهمت واشنطن بكين بالافتقار إلى الشفافية على نحو تقول إنه تسبب في تفاقم التفشي. وتنفي الصين ذلك.
وفي إشارة واضحة للولايات المتحدة، قال الرئيس الصيني شي جين بينغ يوم الاثنين "ما من دولة لها الحق في الهيمنة على شؤون العالم، أو التحكم في مصائر الآخرين، أو الاحتفاظ بمزايا التطوير لنفسها".
وأضاف "كما أنه ليس مسموحا لأحد أن يفعل ما يشاء وأن يكون المهيمن أو المستأسد أو المتسيد على العالم. الانفراد مآله طريق مسدود".
ولم ترد تصريحات الرئيس الصيني في مقطع الفيديو الذي سجله للاجتماع، لكنها جاءت ضمن بيان أطول قالت البعثة الصينية في الأمم المتحدة إنها سلمته للمنظمة الدولية.
وتصور الصين نفسها على أنها كبير مشجعي التعددية، في وقت أدى فيه تجاهل الرئيس دونالد ترامب للتعاون الدولي إلى انسحاب واشنطن من اتفاقيات عالمية حول المناخ وإيران والانسحاب من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية.
وقالت شيريث نورمان شاليه نائبة السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة أمام الجمعية العامة إن المنظمة برهنت بسبل كثيرة على أنها تمثل "تجربة ناجحة" لكن "هناك أيضا أسبابا تدعو للقلق".
وأضافت "ظلت الأمم المتحدة طويلا تقاوم عمل إصلاح ذي معنى وتفتقر في أحيان كثيرة للشفافية وتخضع في أحوال عديدة لأجندة أنظمة شمولية ودكتاتورية".
وجاء انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية بعدما اتهم ترامب المنظمة بأنها ألعوبة في يد الصين، وهو ما نفته المنظمة.
* "هم ونحن"
قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن "زيادة الخلاف" داخل المجتمع الدولي نجمت عن تدخل بعض الدول في الشؤون الداخلية لدول أخرى وفرضها عقوبات من طرف واحد، في إشارة مستترة لواشنطن.
وتابع قائلا "خطوط التقسيم أنهكت العالم، تقسيم الدول إلى هم ونحن. العالم يحتاج إلى زيادة الدعم والتعاون المتعدد الأطراف".
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إن جائحة كورونا كشفت هشاشة العالم. وأضاف "اليوم، لدينا فائض من التحديات المتعددة الأطراف وعجز في الحلول المتعددة الأطراف".
واستغرق دعم دعوة من جوتيريش لوقف إطلاق النار في العالم شهورا بمجلس الأمن. وكان الهدف من الدعوة السماح للدول بالتركيز على مكافحة الوباء. وتأخر التأييد بسبب اختلاف موقفي الصين والولايات المتحدة.
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن مصالح الأعضاء الفردية أجبرت "في كثير من الأحيان" الأمم المتحدة على التخلف عن مُثلها العليا.
وقالت أمام الجمعية العامة "أولئك الذين يعتقدون أنهم يستطيعون أن يكونوا أفضل بمفردهم مخطئون. إن رفاهيتنا شيء نتشاركه.. ومعاناتنا أيضا. فنحن عالم واحد".
وطالب عدد من الزعماء بإصلاح الأمم المتحدة وخاصة مجلس الأمن المؤلف من 15 عضوا، حيث يرون إنه من غير المنصف أن تستحوذ الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وحدها على سلطات حق النقض بصفة دائمة.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "هيكل المجلس الذي يترك مصير أكثر من سبعة مليارات إنسان تحت رحمة خمس دول ليس عادلا ولا مستداما".
وجاء الحدث الخاص الذي انعقد أمس الاثنين قبيل الاجتماع السنوي لزعماء العالم في الأمم المتحدة والمقرر أن يبدأ اليوم الثلاثاء دون الحضور الفعلي لأي رئيس أو رئيس وزراء في نيويورك. وتم تسجيل الكلمات مسبقا وستذاع في قاعة الجمعية العامة.
وتأسست الأمم المتحدة عندما تجمعت دول بعد الحرب العالمية الثانية لمنع حدوث مثل هذه الحرب. وعلى الرغم من عدم اندلاع حرب عالمية ثالثة تبنى الزعماء بيانا يوم الاثنين يعترف بوجود "لحظات من خيبة الأمل".
وأضاف البيان "كل هذا يدعو إلى تحرك أكبر، وليس أصغر".
(إعداد عبد الفتاح شريف للنشرة العربية - تحرير أمل أبو السعود)