من سليمان الخالدي
عمان (رويترز) - توفي يوم الاثنين وزير الخارجية السوري وليد المعلم المدافع القوي عن حملة الرئيس بشار الأسد الدموية على المحتجين السلميين والتي أوقدت شرارة الصراع المستمر منذ نحو عشرة أعوام.
ولم تعلن الحكومة سبب وفاة المعلم (79 عاما) لكنه كان معتل الصحة بسبب متاعب في القلب. وقال مصدر مقرب من الحكومة السورية إن من المتوقع على نطاق واسع أن يخلف المعلم في المنصب نائبه فيصل المقداد وهو دبلوماسي مخضرم.
ووصف المعارضون وزير الخارجية الراحل، الذي كان واجهة لحكم الأسد أمام العالم الخارجي، بأنه خائن لدعمه الحملة العنيفة على المتظاهرين في بداية الصراع في عام 2011.
وكان الآلاف قد نزلوا إلى الشوارع في ذلك العام مطالبين بإنهاء الحكم الاستبدادي لعائلة الأسد لكن المظاهرات تحولت لاحقا إلى حرب أهلية شاملة.
ولم يبد المعلم الندم. واتهم الدبلوماسي خفيض الصوت واشنطن والغرب بتأجيج الاضطرابات في بلاده ووصف المعارضة المسلحة "بالإرهابيين" وذلك في صراع أودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص ودفع ما يربو على 5.6 مليون معظمهم من السنة إلى اللجوء إلى دول أخرى.
وقال المعلم، الذي كان أيضا نائبا لرئيس الوزراء، في مقابلة صحفية عام 2012 "لا يمكن لأي حكومة في العالم قبول جماعة إرهابية مسلحة بعضها يأتي من الخارج ويسيطر على الشوارع والقرى باسم الجهاد".
وعُين المعلم وزيرا للخارجية في عام 2006 وشغل عددا من المناصب الدبلوماسية البارزة من بينها سفير سوريا لدى الولايات المتحدة وشارك في مفاوضات مع إسرائيل في التسعينات للتوصل لاتفاق سلام لكنها باءت بالفشل.
وقالت الحكومة السورية في بيان إن المعلم كان معروفا "بمواقفه الوطنية المشرفة". وأقيمت صلاة الجنازة عليه في مسجد سعد بن معاذ في دمشق قبل أن يوارى جثمانه الثرى.
وقدم مسؤولون إيرانيون وروس العزاء وكذلك الرئيس اللبناني ميشال عون ووزارة الخارجية في سلطنة عمان. والتزمت دول عربية كثيرة الصمت مما يلقي الضوء على عزلة نظام الأسد في المنطقة والخارج.
وشهد الدبلوماسي المخضرم تحول بلاده بدرجة أكبر نحو إيران وروسيا مما عزز حكم الأسد وسمح له باستعادة معظم الأراضي التي انتزعتها المعارضة.
ونقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن ميخائيل بوجدانوف نائب وزير الخارجية الروسي قوله "هذه أنباء محزنة للغاية. فقدت صديقا عزيزا جدا في العالم العربي. كان شريكا موثوقا به وشخصا واسع الاطلاع ودبلوماسيا وسياسيا".
وأصدرت جماعة حزب الله اللبنانية التي أرسلت في السنوات الماضية آلافا من أعضائها للقتال إلى جانب قوات الأسد بيانا قالت فيه "سوريا فقدت برحيله رجلا كبيرا كان مدافعا عن وحدتها واستقرارها".
ودافع المعلم، المولود في عام 1941 لعائلة سنية من دمشق، علنا عن الدور العسكري المتنامي لموسكو وإيران الشيعية. وحظي دور إيران بدعم ممن يعملون لحسابها في سوريا، بينما وصفه العديد من المعارضين للأسد بأنه احتلال والسبب في تأجيج التوتر الطائفي في البلد الذي يغلب عليه السنة.
وقال المعلم في 2006 إنه على استعداد ليكون أحد جنود الأمين العام لجماعة حزب الله اللبنانية حسن نصر الله.
وينحدر الأسد من الأقلية العلوية التي تهيمن على قوات الأمن والجيش، والتي تصدرت الحملة التي قالت جماعات حقوق الإنسان والأمم المتحدة إنها أزهقت أرواح مئات الآلاف من المدنيين.
وهاجم المعلم في الآونة الأخيرة قانون قيصر، وهو أشد العقوبات الأمريكية على دمشق حتى اليوم ودخل حيز التنفيذ في يونيو حزيران، قائلا إنه يهدف لخنق السوريين. وقال إن بلاده ستحصل على دعم من إيران وروسيا لتخفيف وطأة العقوبات.
وتقول واشنطن إن الهدف من العقوبات الجديدة هو محاسبة دمشق على جرائم الحرب وردعها عن مواصلة الأعمال القتالية. وتستثني العقوبات المساعدات الإنسانية.
(شاركت في التغطية آلاء سويلم من القاهرة - إعداد سها جادو ومحمد فرج ومحمد عبد اللاه للنشرة العربية - تحرير حسن عمار)