جنيف/طرابلس (رويترز) - أسفرت محادثات ترعاها الأمم المتحدة عن تشكيل حكومة مؤقتة جديدة لليبيا يوم الجمعة بهدف وضع حد لعقد من الفوضى والانقسام والعنف بإجراء انتخابات في وقت لاحق هذا العام.
وسيرأس محمد المنفي، الدبلوماسي السابق من بنغازي، مجلسا رئاسيا من ثلاثة أعضاء بينما سيتولى عبد الحميد دبيبة، ابن مدينة مصراتة بغرب البلاد، منصب رئيس الوزراء.
وتشهد ليبيا حالة من الفوضى منذ أن أنهى تدخل مدعوم من حلف شمال الأطلسي حكم معمر القذافي الذي استمر أربعة عقود في عام 2011. وانقسمت البلاد منذ عام 2014 بين إدارتين متحاربتين في الغرب والشرق تدعمهما قوى أجنبية.
لكن، وفي ظل تخوف العديد من الفصائل في البلاد من التخلي عن نفوذها، ودعم القوى الأجنبية لحلفاء محليين، فقد تتعرض الحكومة الجديدة سريعا لضغوط.
كما أن تعيين حكومة جديدة قد لا يكون له أثر يذكر على تغيير ميزان القوة العسكرية على الأرض، حيث تحكم جماعات مسلحة الشوارع فيما لا تزال الفصائل منقسمة بين الشرق والغرب على طول جبهات أمامية حصينة.
وقال الناشط السياسي جمال الفلاح من بنغازي "هذه الفرصة الأخيرة للشعب الليبي والقادة السياسيين لإنهاء الصراع والانقسام في البلاد. ونأمل أن نصل لمرحلة الانتخابات كما وعدوا لتحقيق مطالب الشعب".
ويصف محللون الفريق الحكومي الجديد بالفائز غير المتوقع في المنافسة على القيادة أمام ثلاث مجموعات أخرى من المرشحين طرحت أسماؤهم على 75 مشاركا ليبيا اختارتهم الأمم المتحدة ليكونوا جزءا من المحادثات السياسية.
وكان يُنظر على نطاق واسع إلى قائمة تضم رئيس البرلمان في الشرق عقيلة صالح ووزير الداخلية في الغرب فتحي باشاغا على أنها الأوفر حظا للفوز لكنها خسرت في جولة الإعادة بعد أن حصلت على 34 صوتا مقابل 39 للقائمة الفائزة.
وقال طارق المجريسي من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "هذا حتما تغيير مفاجئ وبالتالي سيحصل على دعم من الجماعات التي كانت تستعد لمواجهة عقيلة أو فتحي".
*تعهد علني
تضم القائمة الفائزة كذلك موسى الكوني وعبد الله اللافي في مجلس الرئاسة. وعبر باشاغا في تغريدة عن دعمه للعملية وللحكومة الجديدة بعد التصويت.
وتعهد كافة المرشحين في الحكومة الجديدة بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 ديسمبر كانون الأول على ألا يخوضوها كمرشحين، وتخصيص 30 بالمئة من المناصب الحكومية المهمة للنساء.
وعرضت الأمم المتحدة صورا لهذه التعهدات التي وقعوا عليها.
وأمام دبيبة حتى 26 فبراير شباط ليقدم تشكيلة حكومته للبرلمان، الذي سيكون أمامه عندئذ ثلاثة أسابيع للموافقة عليها.
وانبثقت أحدث عملية تقودها الأمم المتحدة عن مؤتمر انعقد في برلين العام الماضي، واكتسبت زخما في الخريف بعد أن صدت حكومة الوفاق الوطني المتمركزة في العرب هجوما لقوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة خليفة حفتر استمر 14 شهرا على طرابلس.
وتضمنت العملية أيضا وقفا لإطلاق النار ولكن لم يتم الوفاء ببعض شروطه، في مؤشر على استمرار انعدام الثقة بين الطرفين وعلى الانقسامات الداخلية في الجانبين.
وقال جليل حرشاوي المحلل بمعهد كلينجينديل إن الحكومة الجديدة قد تزيد من صعوبة سد الفجوة بين الشرق والغرب.
وأضاف أنه على الرغم من أن المنفي مولود في الشرق، لكن يُنظر إليه على أنه مقرب سياسيا من قيادة حكومة طرابلس الحالية ولا تجمعه علاقات قوية بحفتر أو غيره من قادة الشرق.
وانتقد بعض الليبيين هذه العملية التي يرون أنها تدار من الخارج وعبروا عن خشيتهم من أن تسمح ببقاء سلطة بعض أصحاب النفوذ.
وقال عبد اللطيف الزرقاني، وهو موظف في طرابلس عمره 45 عاما "هذا مجرد مسكّن آلام لإظهار أن ليبيا تنعم بالاستقرار لفترة، لكن الحرب والتوتر سيعودان حتما إن عاجلا أو آجلا ما دامت الفصائل المسلحة معها سلطة".
ورحبت تركيا، التي تدعم حكومة طرابلس، والإمارات ومصر، اللتان تدعمان حفتر، علنا بالحكومة الجديدة.
(تغطية صحفية إيما فاراج وستيفاني نيبيهاي من جنيف ومكتب ليبيا من طرابس وأيمن الورفلي في بنغازي - إعداد ليليان وجدي ومروة سلام للنشرة العربية - تحرير معاذ عبد العزيز)