من لورانس هارلي وأندرو تشونج
واشنطن (رويترز) - اتخذت المحكمة العليا في الولايات المتحدة يوم الجمعة خطوة جذرية وأبطلت حكما تاريخيا صدر في عام 1973 اعترف بحق المرأة الدستوري في الإجهاض وقننه على مستوى البلاد. وشكل حكم يوم الجمعة نصرا للجمهوريين وأصحاب الآراء الدينية المحافظة الذين يريدون الحد من الإجهاض أو حظره كليا.
وفي حكم صدر بتأييد ستة مقابل رفض ثلاثة أعضاء، أيدت المحكمة بأغلبيتها المحافظة قانونا صدر في ولاية مسيسيبي ودعمه الجمهوريون وتم بموجبه حظر الإجهاض بعد 15 أسبوعا من الحمل.
وجاء في حيثيات الحكم الصادر يوم الجمعة أن الحكم الصادر عام 1973 في قضية (رو ضد ويد) وسمح بالإجهاض قبل أن يتمكن الجنين من الحياة خارج الرحم، بين 24 و28 أسبوعا من الحمل، كان خاطئا لأن الدستور الأمريكي لا يأتي بالتحديد على ذكر حقوق الإجهاض.
ومن خلال نزع صفة الحق الدستوري عن الإجهاض، أعاد الحكم للولايات إمكانية حظره، فيما يغير بشكل جذري ملامح المشهد الأمريكي في قضية الحقوق الإنجابية. وهناك 26 ولاية يحتمل أو في حكم المؤكد أنها ستحظر الإجهاض. وولاية مسيسيبي من بين 13 ولاية لديها ما يسمى بالقوانين الجاهزة لحظر الإجهاض.
وندد الرئيس جو بايدن بالحكم ووصفه بأنه يتبنى "نهجا متطرفا وخطيرا".
وقال بايدن في البيت الأبيض "هذا يوم حزين للمحكمة وللبلاد... لقد فعلت المحكمة ما لم تفعله من قبل.. استلبت بصورة معلنة حقا دستوريا وهو حق أساسي لكثير من الأمريكيين".
وأضاف الرئيس الديمقراطي أن تمكين الولايات من حظر الإجهاض يجعل الولايات المتحدة خارج الصف بين الدول المتقدمة فيما يتعلق بحماية الحقوق الإنجابية.
وحث بايدن الكونجرس على إصدار قانون يحمي الحق في الإجهاض، لكنه اقتراح غير مرجح نظرا لوجود انقسامات حزبية إزاءه.
وقال بايدن إن إدارته ستحمي حق النساء في الحصول على الأدوية التي وافقت عليها إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية بما في ذلك حبوب منع الحمل والإجهاض باستخدام الأدوية، مع محاربة مساعي فرض قيود على سفر النساء إلى دول أخرى لإجراء عمليات الإجهاض.
وحث بايدن المحتجين على الحفاظ على السلمية.
وأقر الحكم في قضية (رو ضد ويد) بأن الحق في الخصوصية الشخصية الذي يكفله الدستور يتيح للمرأة إمكانية إنهاء حملها. وأعادت المحكمة العليا في حكم صدر عام 1992 التأكيد على حق الإجهاض وحظرت القوانين التي تفرض "أعباء لا مبرر لها" عند إجراء الإجهاض. وألغى حكم يوم الجمعة هذا القرار أيضا.
*حالة استقطاب
على مدى زمن طويل ظل إبطال حكم حق الإجهاض هدفا للمحافظين المسيحيين وكثير من المسؤولين الجمهوريين. وتظهر استطلاعات الرأي أن غالبية الأمريكيين يؤيدون الحق في الإجهاض.
وسلط الحكم الأضواء على حالة الاستقطاب العميقة في المجتمع الأمريكي بشأن جملة من القضايا، من بينها أيضا حيازة الأسلحة والعرق وسياسات مواجهة جائحة كوفيد-19 وحقوق التصويت.
وخارج المحكمة العليا الأمريكية، امتزجت دموع الفرح بنظرات الوجوم وهتافات الرفض وصرخات التحدي في مشهد جمع الفرقاء بعد جلسة النطق بالحكم لإلغاء الحق في الإجهاض.
وندد البعض بالقرار وأكدوا أنهم لم يخسروا معركتهم بعد، فيما احتفى به مئات آخرون.
وقالت إيما كريج (36 سنة) من برو لايف في سان فرانسيسكو "أشعر بالنشوة.. الإجهاض أكبر مأساة في جيلنا. خلال 50 عاما ننظر إلى الوراء، إلى خمسين عاما عشناها في ظل حكم رو ضد ويد ونشعر بالخزي".
ونددت نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الديموقراطية، بالقرار وقالت إن "المحكمة العليا التي يسيطر عليها الجمهوريون" حققت "الهدف الظلامي المتطرف لهذا الحزب متمثلا في انتزاع حق المرأة في اتخاذ قرارات الصحة الإنجابية الخاصة بها".
وفي الأمم المتحدة قال المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو جوتيريش إن فرض قيود على الإجهاض لن يؤدي إلى منعه "بل سيجعله أكثر فتكا".
وقال المتحدث ستيفان دوجاريك للصحفيين "الصحة الجنسية والإنجابية والحق فيهما أساس الحياة القائمة على الاختيار والتمكين والمساواة للنساء والفتيات في العالم.. فرض قيود على الإجهاض لا يمنع الناس من السعي للإجهاض، بل يجعله أكثر فتكا".
لكن الفاتيكان رحب بقرار المحكمة العليا الأمريكية وقالت الأكاديمية الباباوية من أجل الحياة إن القرار "يتحدى العالم أجمع" فيما يخص قضايا الحياة.
(إعداد سلمى نجم وأيمن سعد مسلم للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)