طرابلس (رويترز) - اندلعت اشتباكات بين فصائل ليبية متناحرة في طرابلس ليل الخميس ويوم الجمعة مما أسفر عن مقتل 13 شخصا في أسوأ معارك تشهدها العاصمة الليبية في عامين، وجاء ذلك مع تفاقم الأزمة السياسية.
وتبادل مسلحون إطلاق النار في منطقة مركزية تقع فيها مقرات العديد من الأجهزة الحكومية والوكالات الدولية والبعثات الدبلوماسية، وامتدت الاشتباكات إلى منطقتي عين زارة والسبعة.
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية إن الأطراف الرئيسية المتورطة كانت تابعة للمجلس الرئاسي، ومن بينها قوة الردع الخاصة. والمجلس الرئاسي كيان مؤلف من ثلاثة أشخاص يعمل بشكل انتقالي رأسا للدولة.
وشوهد مقاتلون من قوة الردع، وهي واحدة من أقوى القوات في طرابلس، حول معظم المناطق المركزية صباح الجمعة، بينما كان المبنى الرئيسي للمجلس الرئاسي خاليا.
وقال مكتب عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس إن الدبيبة غير وزير الداخلية بسبب الاشتباكات.
وقال أسامة علي المتحدث باسم خدمة إسعاف وطوارئ طرابلس إن 13 شخصا تأكد مقتلهم وأصيب 27. وقال متحدث باسم وزارة الداخلية إن ثلاثة من القتلى مدنيون. وقال شاهد في مستشفى إنه رأى ست جثث.
وبدأ إطلاق النار فجأة قبل منتصف الليل واستمر لساعات. وبحلول منتصف النهار كان الهدوء قد ساد إلى حد كبير وسط طرابلس الذي ظهرت به مركبات محترقة وأخرى ممتلئة بثقوب الرصاص.
لكن العديد من المقاتلين والمسلحين كانوا لا يزالون في وسط المدينة وسمع مراسل من رويترز المزيد من تبادل إطلاق النار في الضواحي الجنوبية للمدينة حيث قالت شركة الاتصالات إن شبكة الهواتف المحمولة تعطلت بسبب الاضطرابات.
وتم تعليق الرحلات الجوية في مطار معيتيقة الرئيسي بطرابلس لساعات، لكن السلطات هناك قالت في وقت لاحق إن الرحلات استؤنفت.
وتقف ليبيا على شفا الفوضى منذ أشهر بعد أن رفض البرلمان الذي يقع مقره في الشرق حكومة الوحدة في طرابلس، التي تولت مقاليد السلطة بموجب عملية دعمتها الأمم المتحدة العام الماضي، وعين البرلمان الذي يعمل في الشرق حكومة منافسة.
* فصائل مسلحة
لم يكن هناك ما يشير إلى أن اشتباكات الجمعة على صلة بالمشكلات السياسية الأوسع نطاقا، لكن رئيسي الوزراء يحظيان بدعم من فصائل مسلحة تسيطر على مناطق في العاصمة ومدن ليبية أخرى في غرب البلاد.
ولم يتمكن فتحي باشاغا، وهو رئيس الوزراء الذي عينه البرلمان، من دخول العاصمة إذ منعته المجموعات التي تدعم حكومة الوحدة الوطنية هناك ورئيس وزرائها عبد الحميد الدبيبة.
وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، أشارت تغييرات في المشهد السياسي إلى إمكانية تغيير موازين القوى في البلاد بما قد يتسبب في تجدد القتال.
وخرجت هذا الشهر أكبر احتجاجات في مدن في أنحاء ليبيا تخضع لسيطرة فصائل وجماعات متنافسة بما سلط الضوء على الغضب الشعبي بسبب عدم إجراء انتخابات وتدهور الخدمات والأوضاع المعيشية.
وفي أعقاب ذلك، اعتقلت فصائل في عدة مدن أشخاصا اشتبهت في ضلوعهم في الاحتجاجات مما دفع بعثة الأمم المتحدة في ليبيا للتعبير عن قلقها يوم الخميس.
وفي تلك الأثناء، قطع حصار فرضته جماعات متحالفة مع القائد العسكري خليفة حفتر في شرق البلاد على منشآت نفطية التمويل عن حكومة الدبيبة.
لكن الدبيبة عين الأسبوع الماضي رئيسا جديدا للمؤسسة الوطنية للنفط وقيل إنه من حلفاء حفتر مما أدى إلى رفع الحصار عن المنشآت النفطية.
وترددت أنباء عن اتفاق بين حفتر والدبيبة للإبقاء عليه في السلطة. وزار ضابط كبير من قوات شرق ليبيا التي يقودها حفتر (الجيش الوطني الليبي) طرابلس هذا الأسبوع في إطار محادثات مقررة للحفاظ على وقف إطلاق النار المبرم في 2020.
وخاضت جماعات وفصائل مسلحة في غرب ليبيا قتالا مع قوات حفتر خلال هجوم شنه بغرض السيطرة على العاصمة بين 2019 و2020 وترفض أن يكون له نفوذ في طرابلس، وهو أمر كان يؤخذ في السابق على باشاغا وربما يمثل الآن مشكلة أيضا للدبيبة.
وزار باشاغا هذا الأسبوع مدينة مصراتة في الغرب، وهي مسقط رأسه هو والدبيبة، للمرة الأولى منذ تعيينه من قبل البرلمان. وأدت الخطوة إلى احتشاد جماعات تدعمه وأخرى تعارضه في المدينة.
(تغطية صحفية أحمد العمامي وأيمن الورفلي - إعداد سلمى نجم ورحاب علاء ومحمد عبد اللاه للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)