قبل أن تحلق الطائرات المقاتلة الصينية وتندلع صواريخها الباليستية في البحار قبالة تايوان الأسبوع الماضي، كان المحللين قد بدءوا بالفعل في تحديد ما يمكن أن يتوقعه المستثمرون تالياً.
لم يكن هناك إجماع واسع بين هؤلاء المتنبئين، وإذا كان هناك أي شيء، فهناك إجماع أقل الآن، وأمضت كلا من الولايات المتحدة والصين الأيام الماضية في الجدل حول تعريف الوضع الراهن، لكن الوضع الراهن يبدو الآن في حالة تحرك لا لبس فيه، والرهان التحليلي الأكثر أمانًا، في هذا السياق، هو الانفصال الاقتصادي المتسارع بشكل حاد بين الولايات المتحدة والصين، ولكن ما مدى احتمالية الانتقال من الشكل الانتقائي للغاية الحالي إلى الانقسام الأوسع نطاقًا؟
إلى جانب الأيام الثلاثة للتدريبات العسكرية الصينية التي انتهت الأحد والعقوبات الصارمة المفروضة على نانسي بيلوسي نفسها، فإن العواقب المحتملة لزيارة رئيس مجلس النواب الأمريكي إلى تايوان تكمن في طيف واسع من التكهنات، وتعليق الصين المفاجئ يوم الجمعة للاجتماعات الثنائية والمحادثات التعاونية حول كل شيء من تنسيق السياسة الدفاعية إلى تهريب المخدرات، يطيل قائمة السيناريوهات السيئة المعقولة.
الانفصال له صدى موثوق، وهناك بالفعل زخم سياسي واضح لها على كلا الجانبين، ولا يوجد ما يشير إلى وجود تقارب أكبر في المستقبل، ويوجد الكثير مما ينذر بتوسع الاختلاف إلى ما هو أبعد من اللاعبين المركزيين مع هبوط الصواريخ الصينية في المنطقة الاقتصادية لليابان للمرة الأولى، ومع ذلك ، فإن سيناريو الانفصال هو قصة ذات حدود صارمة من حيث الوقت والحجم ولا ينبغي التغاضي عنها بسبب أحداث الأسبوع الماضي.
أنصار فرضية الانفصال الأسرع لديهم كومة عادلة من الأدلة إلى جانبهم، وتدور مبادرة “صنع في الصين 2025” حول الاكتفاء الذاتي التكنولوجي ولم تفعل حكومة بايدن حتى الآن سوى القليل لتقليل حدة المعنويات المتشددة تجاه الصين والتي أثارها سلفه السابق.
هذا الأسبوع، في علامة فارقة على الانفصال، سيوقع الرئيس الأمريكي على قانون الرقائق والعلوم الذي أقره الكونجرس في أواخر يوليو، ويتعلق هذا بأكثر من 50 مليار دولار من المنح الفيدرالية للشركات التي تبني مصانع متقدمة لأشباه الموصلات في الولايات المتحدة، مع الاشتراط على أي متلق لهذا التمويل عدم تحديث أي مصانع مقرها الصين لمدة عقد، ويحق للشركات غير الأمريكية أيضاً الحصول على هذا التمويل فيما يمثل إغراء بالانفصال لشركات صناعة الرقائق في كوريا الجنوبية، وكما أن اليابان، التي قد تواجه قريبا جهود من بكين لإجبار شركات التكنولوجيا الفائقة على تصميم منتجات معينة في الصين، قد تشعر أيضا برغبة أقوى في الانفصال.
قد يكتسب هذا السيناريو أيضًا زخمًا خارج الولايات المتحدة وأقرب حلفائها الآسيويين، وفي مذكرة للعملاء الأسبوع الماضي، حدد المحللون في “غافيكال دراغونوميكس” إجماعاً عميقاً داخل الاتحاد الأوروبي للتعامل مع الصين كتهديد اقتصادي وأمني، ويمكن أن تصبح السياسات سياسات دفاعية بشكل متزايد في ظل هذا الفهم، حتى رغم قوة الضغط الهائلة للشركات الأوروبية ذات الاستثمارات الضخمة في الصين، ولا يزال النقاش الكامل حول الانفصال بعيداً بعض الشيء.
في الوقت الحالي، على الأقل، هناك ثلاثة قيود مهمة على رواية تسارع الانفصال. الأول هو أن قدرة الولايات المتحدة على جذب الآخرين إلى البرنامج قد تكون أكثر هشاشة مما تبدو عليه، حتى مع وجود حليف وثيق مثل اليابان، ونظرًا لأن الانفصال يحدث بشكل متزايد عبر التشريع أو اللوائح، فستزداد الأسئلة حول النية الأساسية. الجهود المبذولة لحماية الأمن القومي والاقتصادي جيدة؛ والتخبط المتعمد للاقتصاد الصيني سيفوز بعدد أقل من المؤيدين.
ولقيد الثاني هو أنه على الجانبين الصيني والأمريكي، ستكون مقاومة الشركات للانفصال المتسارع ستكون كبيرة للغاية مهما كانت السياسة صاخبة، فالعلاقات التجارية والاستثمارات وسلاسل التوريد ليست روابط تافهة يمكن فكها بسرعة، ولا يزال السوق الصيني هو الرهان الأكثر جاذبية للنمو طويل الأجل، لا تستطيع الشركات الصينية حتى الآن تحمل خروج التكنولوجيا الأجنبية الفائقة والانقطاع المفاجئ في منحنى التعلم.
المسألة الثالثة هي الوقت، وفي أواخر يوليو، اقترح مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون جديد يمكن أن يخلق نظرياً حوافز ضريبية من شأنها سحب سلسلة إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية من الصين (التي تهيمن في جميع المجالات الرئيسية) وإلى الولايات المتحدة، وهذه أشياء منطقية، بالنظر إلى الاتجاه الذي تتجه إليه أسواق السيارات الكهربائية، ويعزز مشروع القانون اتجاه الانفصال السريع ولو بشكل سطحي، والحقيقة، وفقاً للمحللين في “غولدمان ساكس”، الانفصال هو عملية أكثر هدوءاً إلى حد ما، حيث قد تتضمن فترات زمنية تتراوح بين أربع وسبع سنوات لكل نقطة من النقاط الست الرئيسية في سلسلة التوريد.
والانفصال عملية جارية، والأسبوع الماضي قد يرفع الزخم السياسي المتعلق بالانفصال إلى مستوى غير مسبوق، لكن أي تسارع حقيقي قد يكون وهمي.
بقلم: ليو لويس، محرر قطاع الأعمال الآسيوي.