طوكيو (رويترز) - بالورود والصلوات وإطلاق 19 طلقة لتحيته.. كرمت اليابان يوم الثلاثاء رئيس الوزراء السابق شينزو آبي في أول جنازة رسمية لرئيس وزراء سابق منذ 55 عاما في مراسم مثيرة للانقسام كما كان في حياته.
بدأت المراسم في الساعة الثانية بعد ظهر يوم الثلاثاء بالتوقيت المحلي (0500 بتوقيت جرينتش)، حيث حملت أرملته آكي رماد آبي إلى قاعة نيبون بودوكان بوسط طوكيو لتنطلق أنغام الموسيقى من فرقة عسكرية وتدوي طلقات تحية حرس الشرف.
وداخل القاعة، وضعت صورة كبيرة لآبي ملفوفة بشريط أسود معلقة فوق باقة من الزهور الخضراء والبيضاء والصفراء، وعلى مقربة جدار من الصور يظهر فيها آبي مع قادة مجموعة السبع ويصافح الأطفال ويزور مناطق منكوبة.
وتدفق الآلاف من المعزين إلى أماكن محددة بالقرب من مكان الحدث من الصباح الباكر ليوم الثلاثاء لتقديم تعازيهم.
وأظهرت لقطات تلفزيونية أنه في غضون ساعات، وضع نحو عشرة آلاف شخص الزهور وانحنوا في صلاة صامتة أمام صورة آبي، وكان لا يزال هناك المزيد من المعزين يصطفون في طوابير طويلة لمدة لا تقل عن ثلاث ساعات وسط طقس حار غير معتاد.
وقالت يوشيكو كوجيما (63 عاما)، وهي ربة منزل من طوكيو "أعلم أن هذا أمر خلافي وأن هناك الكثير من الناس يعارضون إقامة جنازة بهذا الحجم، لكن هناك الكثير من الناس الذين اصطفوا لوضع الزهور".
وأدى مقتل آبي في تجمع انتخابي في الثامن من يوليو تموز إلى ظهور سيل من المعلومات حول علاقات بين مشرعين في الحزب الديمقراطي الحر الحاكم الذي كان يرأسه وكنيسة التوحيد، وهي منظمة يصفها معارضوها بأنها طائفة، الأمر الذي تسبب في انتقادات لرئيس الوزراء الحالي فوميو كيشيدا.
ومع تراجع معدلات دعمه إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق بسبب الجدل، اعتذر كيشيدا وتعهد بقطع العلاقات الحزبية مع الكنيسة.
لكن معارضة تكريم آبي بجنازة رسمية، وهي أول حدث من نوعه منذ عام 1967، استمرت نظرا لتحمل الدولة تكلفة بلغت 11.5 مليون دولار لتنظيم الجنازة في وقت يعاني خلاله المواطنون العاديون بسبب أزمات الاقتصاد.
ولوح محتجون في منطقة بوسط طوكيو بلافتات ورددوا "لا جنازة رسمية" على أنغام الجيتار.
وداخل قاعة بودوكان في العاصمة طوكيو، وقف المعزون لحظة صمت تكريما لآبي قبل أن تعتلي شخصيات بارزة في الحزب الحاكم المنصة لإلقاء كلمات وداع، من بينهم كيشيدا ويوشيهيدي سوجا، خليفة آبي وسلف كيشيدا في رئاسة الوزراء.
وفي كلمته، أشار سوجا إلى حقيقة أن العديد من الأشخاص في العشرينات والثلاثينيات من العمر قد حضروا لتقديم الزهور.
وأضاف بصوت متهدج "لقد قلت دائما أنك تريد أن تجعل اليابان أفضل، وأنك تريد للشباب أن يتحلوا بالأمل والفخر".
وفيما كان سوجا يلقي كلمته، شوهدت أرملة آبي، التي كانت ترتدي ثوب كيمونو تقليديا باللون الأسود، وهي تحاول مسح دموعها.
وحضر مراسم الجنازة حوالي 4300 شخص، إلى جانب 48 شخصية حكومية حالية أو سابقة على الأقل، من بينها نائبة الرئيس الأمريكي كاملا هاريس (NYSE:LHX) ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.
كما حضر سفير روسيا لدى اليابان ميخائيل جالوزين.
ونشرت اليابان نحو 20 ألف رجل شرطة وأغلقت الطرق القريبة وحتى بعض المدارس سعيا منها لتجنب تكرار أخطاء أمنية أدت إلى تمكن مهاجم من الوصول إلى آبي وإطلاق النار عليه باستخدام مسدس محلي الصنع.
وكانت الجنازة الرسمية لآبي هي الأولى لرئيس وزراء سابق في اليابان منذ جنازة شيجيرو يوشيدا عام 1967.
(إعداد دعاء محمد ومروة سلام وأحمد السيد للنشرة العربية)