لندن (رويترز) - رفض وزير خارجية أذربيجان طلبا من أرمينيا بتقديم ضمانات أمنية خاصة لنحو 120 ألف من الأرمن يعيشون في جيب ناجورنو قرة باغ قبل جولة جديدة من محادثات السلام، قائلا إنهم محميون بصورة كافية.
وظل جيب ناجورنو قرة باغ، الذي يعترف به المجتمع الدولي على أنه جزء من أذربيجان، محور صراعات بين الجارتين من القوقاز منذ الأعوام السابقة لانهيار الاتحاد السوفيتي في 1991، وبين الأرمن والأذريين الترك لما يربو على قرن من الزمان.
وبعد قتال محتدم ووقف إطلاق نار توسطت فيه روسيا، سيطرت أذربيجان في 2020 على مناطق كان يسيطر عليها الأرمن في منطقة ناجورنو قرة باغ الجبلية وحولها.
ومنذئذ، يناقش الطرفان إبرام اتفاق سلام يمكنهما بموجبه الاتفاق بشأن الحدود وتسوية الاختلافات التي تخص جيب ناجورنو قرة باغ وإلغاء تجميد العلاقات.
وفيما بدت أنها انفراجة، نُقل عن رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان قوله الشهر الماضي إن أرمينيا تعترف بالفعل بأن ناجورنو قرة باغ جزء من أذربيجان، لكنها تريد من باكو تقديم ضمانات لسكان الجيب من الأرمن.
ولكن في مقابلة مع رويترز، قال جيحون بيراموف وزير خارجية أذربيجان إن هذه الضمانات لا داعي لها، وإن هذا الطلب يصل إلى حد التدخل في شؤون بلده.
وأردف قائلا "لا نقبل هذا الشرط المسبق أو مزاعم أرمينيا لعدد من الأسباب".
وأضاف "أكثر الأمور جوهرية هي التالي: هذه قضية سيادية داخلية. يكفل الدستور الأذري وعدد من المعاهدات الدولية التي تشارك فيها أذربيجان جميع الشروط الضرورية لضمان حقوق هؤلاء السكان".
وقال إنه سيظل بوسع الأرمن التحدث بلغتهم وتلقي تعليمهم بها والحفاظ على ثقافتهم إذا اندمجوا في المجتمع الأذربيجاني وهياكل الدولة مثل الأقليات العرقية والدينية الأخرى.
* "بعض التقدم"
وقال بيراموف إنه تم إحراز "بعض التقدم" في محادثات السلام، وإن باكو حريصة على إبرام اتفاق، لكنه أدلى أيضا بتصريحات تظهر كيف أن الفجوة لا تزال كبيرة قبل أن يلتقي مع نظيره الأرميني لعقد المزيد من المحادثات في واشنطن بالأسبوع المقبل.
وقال بيراموف "نعتقد أنها المرة الأولى التي يدلى فيها رئيس وزراء أرميني علانية بهذا. لماذا استغرق الأمر من رئيس الوزراء عامين ونصف العام (منذ انتهاء الحرب) ليقول إنه يعترف بسيادة أذربيجان ووحدة أراضيها؟"
كما احتج بيراموف، الذي كان في لندن لحضور مؤتمر تعافي أوكرانيا، على استمرار تواجد آلاف الجنود الأرمينيين على الأراضي الأذربيجانية.
وتحاول كل من موسكو وواشنطن والاتحاد الأوروبي على نحو منفصل المساعدة في إحلال سلام دائم بين أذربيجان وأرمينيا.
ويتعرض باشينيان لضغط كبير في بلاده لحماية حقوق الأرمن الذين يعيشون في جيب ناجورنو قرة باغ في الوقت الذي تضغط فيه باكو من أجل حل الحكومة والهيئات العسكرية الأرمينية وأن يقبل السكان جوزات السفر الأذربيجانية.
وأدى إنشاء باكو لنقطة تفتيش في ممر لاتشين، وهو الطريق الوحيد الذي يربط بين الجيب وأرمينيا، إلى زيادة حدة التوتر بعد شهور من اضطرابات تسبب فيها أشخاص قالوا إنهم ناشطون بيئيون من أذربيجان.
وتقول باكو إن نقطة التفتيش ضرورية لمنع تهريب الإمدادات العسكرية إلى الجيب وخروج مواد تم استخراجها بشكل غير قانوني. وتنفي باكو مزاعم الأرمن بأنها فرضت حصارا من شأنه جعل حياة سكان قرة باغ بائسة.
واتهم روبن فاردانيان، وهو مصرفي ملياردير ومسؤول كبير سابق في حكومة قرة باغ الانفصالية حتى فبراير شباط، باكو يوم الخميس لمحاولتها تنفيذ "تطهير عرقي" في الجيب عن طريق فرض ما وصفه بأنه حصار على البضائع والطاقة، وتنفي أذربيجان هذه المزاعم.
وقال بيراموف إنه يمكن التوصل إلى اتفاق سلام إذا كانت أرمينيا مستعدة لاتخاذ خطوات بعينها.
وقال "إذا كانت هناك نية لاتخاذ خطوات عملية وليس فقط الإدلاء بتصريحات، أعتقد أنه من المحتمل أن نتوصل إلى اتفاقية ربما حتى قبل انتهاء العام الجاري".
وأضاف "لكن إن لم يكن هناك استعداد حقيقي... فقد يكون بعد ذلك".
(إعداد محمد أيسم وماهيتاب صبري للنشرة العربية - تحرير محمود سلامة)