من محمد سالم وسيمون لويس ونضال المغربي
غزة/رام الله/الدوحة (رويترز) - كثفت إسرائيل ضرباتها على جنوب ووسط قطاع غزة يوم الأربعاء على الرغم من تعهدها بسحب بعض قواتها والتحول إلى حملة تعتمد أكثر على الاستهداف، فضلا عن مناشدة واشنطن لها بتقليل عدد الضحايا من المدنيين.
وفي أحدث مؤشر على اتساع نطاق الحرب المستعرة منذ ثلاثة أشهر، صدت سفن حربية أمريكية وبريطانية في البحر الأحمر أكبر هجوم حتى الآن لجماعة الحوثي اليمنية التي تقول إنها تتحرك دعما لغزة. وقالت واشنطن ولندن إنهما أسقطتا 21 طائرة مسيرة وصاروخا كانت تستهدف ممرات الشحن وذلك دون حدوث إصابات.
وقالت إسرائيل هذا الأسبوع إنها تعتزم البدء في تقليص عدد قواتها على الأقل في شمال القطاع، وذلك بعد ضغوط أمريكية استمرت أسابيع لتقليص عملياتها وضرورة التحول إلى ما تقول واشنطن إنها يجب أن تكون حملة تعتمد أكثر على الاستهداف.
لكن يبدو أن القتال لا يزال محتدما كما كان، خاصة في جنوب ووسط القطاع الذي اجتاحته القوات الإسرائيلية الشهر الماضي.
وألغت منظمة الصحة العالمية مهمة مساعدات طبية مقررة لقطاع غزة بسبب مخاوف أمنية وذلك في سادس عملية إلغاء من نوعها خلال أسبوعين.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إن أربعة من موظفيه قتلوا في ضربة إسرائيلية لمركبة إسعاف على الطريق الرئيسية قرب دير البلح بوسط قطاع غزة. وأصيب فردان آخران بالمركبة ولقيا حتفهما لاحقا.
وقال تيدروس أدهانوم جبريسيوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية في مؤتمر صحفي عبر الإنترنت "القصف المكثف وتقييدات الحركة ونقص الوقود وقطع الاتصالات تجعل من المستحيل على منظمة الصحة العالمية وشركائنا الوصول إلى المحتاجين".
وقتلت إسرائيل أكثر من 23 ألف فلسطيني في غزة منذ أن شنت حملة للقضاء على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) التي أسفر هجومها على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول عن مقتل 1200 إسرائيلي واقتياد 240 رهينة إلى غزة.
وتشير تقديرات السلطات الصحية في غزة إلى أن زهاء 40 بالمئة من القتلى لم تتجاوز أعمارهم 18 عاما.
وتعيش الآن ليلى السلطان ذات السبعة أعوام وشقيقها خالد (أربعة أعوام) في مخيم بجنوب قطاع غزة بعد دمار منزل أسرتهما جراء غارة جوية أسفرت عن مقتل والدهما.
وقال خالد وهو يقفز في أثناء جلوسه على ساق ليلى "البيت وقع علينا وبابا طلع على الجنة وكيف كثير".
* تحذير الحوثيين
توجه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى رام الله يوم الأربعاء خلال جولته الرابعة بالمنطقة منذ بدء الحرب والتقى قادة فلسطينيين من بينهم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في الضفة الغربية المحتلة.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن بلينكن عبر عن دعمه لإقامة دولة فلسطينية، وبحث جهود حماية ومساعدة المدنيين في غزة، وحث على إجراء "إصلاحات إدارية" في السلطة الفلسطينية. وقالت السلطة الفلسطينية إن عباس أبلغ بلينكن أنه لا ينبغي تهجير أي فلسطيني من غزة أو الضفة الغربية.
والتقى بلينكن أيضا قادة إسرائيليين وزار دولا عربية مجاورة بحثا عن تسوية مستقبلية لقطاع غزة وسكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
وحذر الأردن ومصر من إعادة احتلال إسرائيل قطاع غزة، وناشد البلدان السماح للسكان المهجرين بالعودة لديارهم وذلك خلال اجتماع العاهل الأردني الملك عبد الله والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في العقبة يوم الأربعاء.
وتخشى واشنطن من احتمال اتساع رقعة الحرب في أنحاء المنطقة، في ظل شن جماعات مسلحة مدعومة من إيران، العدو اللدود لإسرائيل، هجمات في لبنان وسوريا والعراق واليمن دعما لغزة.
وتشن جماعة الحوثي اليمنية، التي تسيطر على معظم اليمن، هجمات على أكثر ممرات الشحن العالمية ازدحاما عند مدخل البحر الأحمر، ما دفع واشنطن إلى إرسال سفن حربية لحماية الملاحة.
وقال متحدث عسكري باسم الحوثيين إن الجماعة أطلقت عددا كبيرا من الصواريخ والطائرات المسيرة على سفينة أمريكية تقدم الدعم لإسرائيل، واصفا الهجوم بأنه "رد أولي" على حادث عشية العام الجديد حينما أغرقت طائرات هليكوبتر أمريكية ثلاثة زوارق على متنها مقاتلون حوثيون حاولوا اعتلاء سفينة تجارية.
وقال بلينكن خلال كلمة بالبحرين في المحطة الثانية من جولته إن استمرار الهجمات على السفن التجارية سيكون له عواقب.
وأضاف للصحفيين "حاولنا أيضا مرارا أن نوضح لإيران، كما فعلت بلدان أخرى، أن الدعم الذي تقدمه للحوثيين، وخاصة في هذه الأعمال، يجب أن يتوقف".
* لا تراجع
على الرغم من تأكيد إسرائيل العلني منذ مطلع العام الجديد أنها ستقلص الحرب، يقول سكان غزة إنهم لم يروا منها أي تراجع. واضطر كل السكان تقريبا إلى النزوح عن ديارهم مرة واحدة على الأقل، ونزح العديد منهم عدة مرات أمام تقدم القوات الإسرائيلية.
وفي رفح، على الطرف الجنوبي من القطاع، بكى أقارب أمام جثث 15 فردا من عائلة نوفل كانت ترقد في مشرحة مستشفى صباح يوم الأربعاء بعد أن دمرت ضربة جوية إسرائيلية منزلهم الليلة الماضية.
وكانت معظم الأكفان البيضاء صغيرة الحجم، وفي داخلها أطفال.
وقالت أم أحمد، وهي أم لخمسة أطفال من مدينة غزة وتعيش الآن في خيمة برفح، إن سكان غزة كانوا يأملون أن تسفر زيارة بلينكن عن السماح لهم بالعودة إلى ديارهم.
وأضافت "زي الكلام المكتوب بالزبدة، على طول بيختفي أول ما تطلع الشمس، هدا كلام بلينكن، مزيف".
(شارك في التغطية دان وليامز من القدس - إعداد نهى زكريا ومحمد أيسم للنشرة العربية - تحرير معاذ عبد العزيز)