من هنرييت شقر ومحمد تركمان
رام الله (الضفة الغربية) (رويترز) - رحب فلسطينيون في الضفة الغربية المحتلة بالقضية التي تقدمت بها جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية والتي تتهم فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية، قائلين إن الإجراءات فرصة لمحاسبة إسرائيل على هجومها العسكري في غزة.
وردت إسرائيل بغضب على الاتهامات الموجهة إليها ووصفت الاتهام بأنه "شديد التحريف" وقالت إن محاولة جنوب أفريقيا حملها على وقف هجومها ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة ستتركها بلا دفاع.
لكن بالنسبة لعدد كبير من الفلسطينيين، تمثل هذه الاتهامات فرصة لجذب انتباه العالم إلى ما يعتبرونه قمعا تاريخيا مارسته إسرائيل لتعصف بحقوقهم الأساسية. وارتفعت أعلام جنوب أفريقيا في مدن كثيرة بالضفة الغربية.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية أمام حشد في ميدان نيلسون مانديلا برام الله "إسرائيل قامت على الإجرام بحق شعبنا". وردد المحتشدون الذين تحدوا أمطار الشتاء هتافات الشكر لجنوب أفريقيا.
وقالت إسرائيل إنها شنت هجوما جويا وبريا للقضاء على حماس التي تحكم القطاع المحاصر بعد هجوم مقاتلي الحركة في السابع من أكتوبر تشرين الأول الذي تقول إسرائيل إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 240 رهينة في اليوم الأكثر دموية في تاريخها الممتد 75 عاما.
وتقول السلطات الصحية الفلسطينية إن أكثر من 23400 فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، قتلوا في القصف الإسرائيلي في الأشهر الثلاثة التالية للسابع من أكتوبر تشرين الأول، ويعتقد أن نحو 7000 ما زالوا مفقودين تحت الأنقاض.
وتقول إسرائيل إن القضية التي تقدمت بها جنوب أفريقيا تحاول استخدام مصطلح الإبادة الجماعية سلاحا لنزع مشروعية وجود دولة إسرائيل وتجاهل مسؤولية حماس.
وقالت جنوب أفريقيا للمحكمة يوم الخميس إن الهجوم الإسرائيلي يستهدف "تدمير السكان" في غزة. وأضافت أن الزعماء السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، ومن بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، من "المحرضين على الإبادة الجماعية".
واضطر معظم سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى الخروج من منازلهم في القطاع الذي أصبح خرائب إلى حد كبير، ويكاد النظام الصحي فيه أن ينهار تماما. وتقول الأمم المتحدة إن القيود المفروضة على توصيل المساعدات الغذائية والطبية تركت الآلاف السكان جوعى وبلا مأوى وعرضة للإصابة بالأمراض.
وقال بسام زكارنة عضو المجلس الثوري لحركة فتح التي تهيمن على السلطة الفلسطينية والتي تمارس حكما ذاتيا محدودا في الضفة الغربية إن المحاكمة "اختبار للإنسانية".
وتأتي قضية محكمة العدل الدولية بعد عامين من تصاعد العنف في الضفة الغربية حيث أدت مداهمات لقوات الجيش إلى مقتل مئات الفلسطينيين من بينهم مسلحون ومدنيون. وقتل المسلحون الفلسطينيون أيضا عشرات الإسرائيليين.
وفي الوقت نفسه، استمرت المستوطنات اليهودية بالضفة الغربية في التمدد، وتصاعدت بشدة هجمات تشنها مجموعات من المستوطنين اليهود المسلحين على الفلسطينيين مما أثار إدانة دولية حتى من أقرب حلفاء إسرائيل.
وقال عطية جوابرة (68 عاما)، أستاذ العلوم السياسية السابق في جامعة القدس في أبو ديس، إنه لطالما انتظر مثول إسرائيل أمام محكمة دولية بسبب جرائمها التي قال إنها تعود إلى الطرد الجماعي للفلسطينيين في حرب عام 1948.
وأضاف أن "الولايات المتحدة والغرب وضعوا إسرائيل فوق القانون على مدار تاريخها".
لكن البعض، مثل راعي الأغنام عيسى التعمري، قالوا إن القضية لن تغير حياتهم على الأرجح.
وأضاف أن توسيع إسرائيل للمستوطنات حول مدينة بيت لحم بالضفة الغربية حيث يعيش أدى إلى تقلص كبير في المساحة التي كان بوسع أغنامه أن ترعى فيها.
وأضاف أن العالم ظل يقدم وعوده منذ 75 عاما بلا طائل.
(شارك في التغطية علي صوافطة - إعداد محمد حرفوش للنشرة العربية - تحرير محمود سلامة)