من آصف شاه زاد وجبران نيار بيشيمام
إسلام اباد (رويترز) - أبدت باكستان استعدادها للعمل مع إيران في "جميع القضايا" في اتصال هاتفي بين وزيري خارجية البلدين يوم الجمعة بعد تبادل الضربات بطائرات مسيرة وصواريخ على قواعد لمسلحين على أراضي الدولتين.
والهجمات المتبادلة بين البلدين هي الأكبر عبر الحدود في السنوات القليلة الماضية وأثارت قلقا من زعزعة الاستقرار على نطاق أوسع في المنطقة بعد اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في السابع من أكتوبر تشرين الأول.
وعلى الرغم من توتر العلاقات تاريخيا بين إيران وباكستان، أشار الجانبان بالفعل إلى رغبتهما في التهدئة.
وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية الباكستانية إن وزير الخارجية جليل عباس جيلاني تحدث مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان يوم الجمعة بعد يوم من تنفيذ باكستان ضربات في إيران.
وقالت إيران إن ضربات يوم الخميس قتلت تسعة أشخاص في قرية حدودية على أراضيها، بينهم أربعة أطفال. وقالت باكستان إن الهجوم الإيراني يوم الثلاثاء أدى إلى مقتل طفلين.
وجاء في البيان "أعرب وزير الخارجية جيلاني عن استعداد باكستان للعمل مع إيران في كل القضايا على أساس روح الثقة المتبادلة والتعاون... وشدد على الحاجة إلى تعاون أوثق في القضايا الأمنية".
ويأتي هذا الاتصال بعد اتصال هاتفي بين جيلاني ونظيره التركي قالت فيه إسلام آباد إن "باكستان ليس لديها مصلحة أو رغبة في التصعيد".
وقال أمير عبد اللهيان في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية "سيادة باكستان وسلامة أراضيها لهما أهمية كبيرة بالنسبة لنا والتعاون الثنائي ضروري لتحييد وتدمير المعسكرات الإرهابية على الأراضي الباكستانية".
* "مسببات توتر بسيطة"
جاءت هذه الاتصالات في الوقت الذي عقد فيه أنور الحق كاكار رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال الباكستانية اجتماعا للجنة الأمن القومي بحضور جميع رؤساء الأجهزة العسكرية. وقطع كاكار زيارته للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس وعاد إلى بلاده يوم الخميس.
وقال بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء إن الاجتماع خلص إلى أن "البلدين سيتمكنان بشكل متبادل من التغلب على مسببات التوتر البسيطة من خلال الحوار والدبلوماسية وتمهيد الطريق لتعميق علاقاتهما التاريخية".
وتوصل الاجتماع أيضا إلى أن أي محاولات لاختراق الأراضي الباكستانية "سيتم الرد عليها بكل قوة من الدولة".
وحث البيان إيران على استخدام قنوات الاتصال الحالية لمعالجة المخاوف الأمنية.
وذكر بيان آخر أن كاكار أبلغ اجتماعا لمجلس الوزراء عقب الاجتماع الأمني أنه من "مصلحة البلدين" عودة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل الضربات الإيرانية.
وكانت باكستان قد استدعت سفيرها من طهران ولم تسمح للسفير الإيراني بالعودة إلى إسلام آباد.
ونقلت قناة جيو تي.في الباكستانية عن مصادر قولهم إن مجلس الوزراء قرر إنهاء الأزمة وأيد أيضا خطوة لاستئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع إيران.
* جوتيريش يحث البلدين على ضبط النفس
حث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش البلدين على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس. كما دعت الولايات المتحدة لضبط النفس رغم أن الرئيس جو بايدن قال إن الاشتباكات أظهرت أن إيران لا تحظى بقبول في المنطقة.
وقالت إسلام اباد إنها ضربت قواعد لانفصاليين من جبهة تحرير بلوشستان وجيش تحرير بلوشستان، في حين قالت طهران إن طائراتها المسيرة وصواريخها استهدفت مسلحين من جماعة جيش العدل.
وتنشط الجماعات المسلحة المستهدفة في منطقة تشمل إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان وإقليم سستان-بلوشستان جنوب شرق إيران. والإقليمان يشهدان اضطرابات وغنيان بالمعادن ويفتقران للتطور إلى حد كبير.
وقالت وسائل إعلام إيرانية رسمية يوم الجمعة إنه خلال اجتماعات يوم الخميس برئاسة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تم إبلاغ أعلى هيئة أمنية إيرانية أن المسلحين كانوا يعدون "عملية كبيرة" وأن الضربات الإيرانية يوم الثلاثاء كانت استباقية.
وعلى صعيد آخر، جاء في تقارير إعلامية إيرانية أن قوات الأمن اشتبكت مع مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في جنوب شرق البلاد فقتلت اثنين واعتقلت عددا آخر وصادرت متفجرات وأسلحة.
* تمرد
تخوض الجماعات التي استهدفتهما إسلام اباد داخل إيران تمردا مسلحا منذ عقود ضد الدولة الباكستانية، بما في ذلك عن طريق شن هجمات ضد مواطنين صينيين واستثمارات صينية في بلوشستان.
أما جيش العدل الذي استهدفته إيران، هو أيضا جماعة عرقية مسلحة، ذات ميول إسلامية سنية تعتبرها إيران ذات الأغلبية الشيعية تهديدا لها. ونفذت الجماعة، التي لها صلات بتنظيم الدولة الإسلامية، هجمات في إيران ضد قوات الحرس الثوري الإيراني.
وتعمل إيران وحلفاؤها على استعراض قوتهم في المنطقة على خلفية الحرب في غزة. وشنت إيران ضربات في سوريا ضد ما قالت إنها مواقع لتنظيم الدولة الإسلامية، وفي العراق حيث قالت إنها ضربت مركز تجسس إسرائيليا.
وفي داخل باكستان، تجتمع القيادات المدنية لإبداء الدعم للجيش رغم الانقسامات العميقة على الساحة السياسية مع اقتراب الانتخابات الوطنية المقررة الشهر المقبل.
وقال وزير الخارجية السابق بيلاوال بوتو زرداري، المرشح عن حزبه لمنصب رئيس الوزراء، وكذلك نواز شريف الذي شغل المنصب ثلاث مرات وتظهر استطلاعات الرأي أنه المرشح الأوفر حظا في الانتخابات، إن من حق باكستان الدفاع عن نفسها لكنهما أبقيا على الدعوة للحوار مع إيران.
كما أدان حزب حركة الإنصاف بزعامة رئيس الوزراء السابق المسجون عمران خان إيران، لكنه وصف الهجمات على باكستان بأنها إخفاق من جانب حكومة تصريف الأعمال التي جرى تشكيلها للإشراف على الانتخابات.
(تغطية صحفية آصف شاه زاد - إعداد شيرين عبد العزيز ومروة غريب وعبد الحميد مكاوي ومحمد حرفوش للنشرة العربية - تحرير أيمن سعد مسلم)