من بسام مسعود ونضال المغربي ودان وليامز
غزة/الدوحة/القدس (رويترز) - قال مسؤولون فلسطينيون إن القوات الإسرائيلية التي توغلت في عمق غرب خان يونس، في أعنف قتال تشهده غزة هذا العام حتى الآن، اقتحمت مستشفى وفرضت حصارا على آخر اليوم الاثنين، مما أدى إلى حرمان الجرحى من الرعاية الطبية.
وتقدمت القوات للمرة الأولى في منطقة المواصي القريبة من ساحل البحر المتوسط، غربي مدينة خان يونس في جنوب قطاع غزة. وقال أشرف القدرة المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة لرويترز إن القوات اقتحمت مستشفى الخير واعتقلت أفرادا من الطاقم الطبي.
ولم ترد أنباء حتى الآن من إسرائيل عن الوضع في المستشفى، ولم يدل مكتب المتحدث باسم الجيش بأي تعليق. وقال الجيش في وقت لاحق إن ثلاثة جنود قتلوا يوم الاثنين في جنوب غزة.
وقال القدرة إن 50 شخصا على الأقل قتلوا خلال الليل في خان يونس، في حين أن حصار المنشآت الطبية يعني أن عشرات القتلى والجرحى أصبحوا بعيدين عن متناول رجال الإنقاذ.
وأضاف "الاحتلال الإسرائيلي يمنع تحرك سيارات الإسعاف لانتشال الشهداء والجرحى غرب خان يونس".
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إنه فقد الاتصال بموظفيه في مستشفى الأمل التابع له في خان يونس، القاعدة الرئيسية لوكالة الإنقاذ، حيث تتوقف الدبابات الإسرائيلية بالخارج.
وقال توماسو ديلا لونجا، المتحدث باسم الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر "نشعر بقلق بالغ إزاء ما يحدث حول مستشفانا".
وتقول إسرائيل إن مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ينفذون عمليات من داخل المستشفيات وما حولها وهو ما تنفيه الحركة الفلسطينية والطواقم الطبية.
وقال إيلاد جورين، من وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي وكالة تابعة لوزارة الدفاع تنسق المسائل الإدارية مع الفلسطينيين، "تولى فريق متخصص قيادة جهد خاص للتأكد من حصول المدنيين على الرعاية الطبية".
وقال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض يوم الاثنين إن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها لكن "نتوقع منهم القيام بذلك وفقا للقانون الدولي وأن يحموا الأبرياء في المستشفيات والأطقم الطبية والمرضى أيضا قدر الإمكان".
وقال سكان إن القصف الجوي والبري والبحري كان الأكثر ضراوة في جنوب غزة منذ بدء الحرب في أكتوبر تشرين الأول.
وأظهر مقطع مصور التُقط من بعيد مدنيين متفرقين يتجولون في منطقة مهجورة لكنها مزدحمة بخيام وملابس معلقة على حبال بينما تدوي أصوات إطلاق النار وتتصاعد أعمدة دخان في السماء.
وشنت إسرائيل هجوما الأسبوع الماضي للسيطرة على مدينة خان يونس التي تقول إنها المقر الرئيسي لمقاتلي حماس الذين شنوا هجمات في السابع من أكتوبر تشرين الأول على جنوب إسرائيل مما أسفر عن مقتل 1200 شخص وفقا للإحصائيات الإسرائيلية.
وقال الجيش الإسرائيلي يوم الاثنين إنه عثر على أسلحة ومتفجرات وصواريخ ومستودع أسلحة بالإضافة إلى تدمير أنفاق وبنية تحتية تحت الأرض خلال الأيام القليلة الماضية في خان يونس.
* تركز السكان في خان يونس
وصل القتال، خلال أحدث مرحلة من الحرب، إلى أعماق آخر أركان الجيب المكتظ الآن بالفارين من القصف. وقالت السلطات الصحية الفلسطينية في إفادة يوم الاثنين إن ما لا يقل عن 25295 شخصا من سكان غزة قتلوا منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول.
ويوجد غالبية سكان غزة وعددهم 2.3 مليون نسمة الآن في دير البلح شمالي خان يونس ورفح جنوبي خان يونس. ويتكدس غالبية الفارين في مبان عامة ومخيمات واسعة مبنية من الخيام المصنوعة من أغطية بلاستيكية فوق دعامات من الخشب.
وشوهدت طوابير من السيارات والعربات التي تجرها حمير محملة بالأمتعة تتوجه جنوبا مع سعي سكان غزة للفرار من القصف.
وقالت مريم أبو حليب من غزة وهي تبكي في سيارة تحيط بها أمتعتها "أنا هذه سابع ترحيلة إلي أو يمكن أكتر. عذاب، عذاب، عذاب".
ووصف الصبي أحمد أبو شاويش كيف لجأ إلى جامعة الأقصى ليجدها تتعرض للقصف.
وقال "بالعافية طلعنا من الجامعة والقصف كل شي فوق روسنا. ما تخيلناش الدبابات على باب الجامعة".
وانقطعت خدمات الاتصالات والإنترنت في غزة منذ عشرة أيام، وهو ما حال دون إرسال سيارات الإسعاف إلى المناطق التي تستهدفها إسرائيل ومنع الناس من الاطمئنان على بعضهم البعض ومعرفة أماكن وجود القوات الإسرائيلية.
وفي مستشفى ناصر، المستشفى الرئيسي الوحيد الذي ما زال من الممكن الوصول إليه في خان يونس وهو الأكبر الذي لا يزال يعمل في غزة، أظهر مقطع مصور قسم الحالات المستعجلة مكتظا بالجرحى الذين يعالجون على أرض مغطاة بالدماء.
وحفر رجال قبورا داخل أراضي المستشفى لأنه لم يعد من الآمن الخروج إلى المقبرة. وقالت السلطات إن 40 شخصا دفنوا في أرض المستشفى.
وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي للصحفيين إن الوضع في غزة خرج عن السيطرة وطلب من الاتحاد الأوروبي الدعوة إلى وقف إطلاق النار.
وأضاف "لقد انهار النظام الصحي. لا توجد وسيلة لعلاج الجرحى الفلسطينيين في قطاع غزة، كما أنهم غير قادرين على مغادرة غزة لتلقي العلاج في الخارج".
وتقول إسرائيل إنها تسعى للقضاء على حركة حماس. لكن الفلسطينيين وبعض الخبراء العسكريين الغربيين يقولون إن هذا الهدف قد يكون غير قابل للتحقيق بسبب هيكل حماس المنتشر والمتجذر في غزة، التي تديرها الحركة منذ عام 2007.
ويؤيد الإسرائيليون الحرب بأغلبية ساحقة لكن عددا متزايدا يقولون إن على الحكومة أن تفعل المزيد للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، حتى لو كان ذلك يعني كبح جماح عملياتها العسكرية.
واقتحم نحو 20 من أقارب الرهائن جلسة للجنة بالكنيست في القدس يوم الاثنين مطالبين المشرعين ببذل جهد أكبر لمحاولة تحرير ذويهم.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمجموعة من أقارب الرهائن إنه لا صحة للتقارير التي تحدثت عن التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراحهم ضمن وقف لإطلاق النار.
وقال سامي أبو زهري رئيس الدائرة السياسية لحماس في الخارج لرويترز إن الحركة منفتحة على "كل المبادرات والمقترحات لكن أي اتفاق يجب أن يرتكز على إنهاء العدوان والانسحاب الكامل للاحتلال" من غزة.
وفي مؤتمر صحفي في بيروت، كرر أسامة حمدان القيادي في حماس الدعوة إلى وقف كامل لإطلاق النار، قائلا "عنوان الهدوء والاستقرار في المنطقة هو وقف العدوان على شعبنا في غزة وإنهاء الاحتلال النازي وإقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس".
وتأتي هذه التصريحات بعد أن رفض نتنياهو في مطلع هذا الأسبوع إقامة دولة فلسطينية مستقلة في المستقبل، مما أدى إلى نشوب خلاف مع الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل، التي قالت يوم الاثنين إنها تعتقد أن حل الدولتين لا يزال ممكنا.
(إعداد محمد حرفوش وشيرين عبد العزيز ومحمد عطية للنشرة العربية - تحرير أيمن سعد مسلم)