(إعادة مصححة لخبر بث يوم الثلاثاء لتصحيح منصب سامي أبو زهري في الفقرة 36 إلى رئيس الدائرة السياسية وليس المكتب السياسي لحماس)
من عرفات بربخ ونضال المغربي وإميلي روز
غزة/القدس (رويترز) - قال الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء إن 24 جنديا إسرائيليا قتلوا في غزة، وهو أكبر عدد من القتلى في يوم واحد بالقطاع منذ بدء الحرب في أكتوبر تشرين الأول، فيما طوقت قواته مدينة خان يونس الرئيسية بجنوب غزة في هجوم بري كبير يمنع سكانها من الفرار.
وقالت إسرائيل إن أهداف حربها على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تدير قطاع غزة لم تتغير، لكن جهودا تبذل من أجل إطلاق سراح أكثر من 100 رهينة إسرائيلية.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الأميرال دانيال هاجاري للصحفيين إن 21 جنديا قتلوا في انفجار مبنيين لغمتهما القوات الإسرائيلية لهدمهما بعدما أطلق مسلحون النار على دبابة قريبة. وأفادت تقارير في وقت سابق بمقتل ثلاثة جنود في هجوم منفصل.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "شهدنا أمس أحد أصعب أيامنا منذ اندلاع الحرب... باسم أبطالنا، ومن أجل حياتنا، لن نتوقف عن القتال حتى تحقيق النصر التام".
وردا على سؤال بشأن تقارير إعلامية تفيد بأن اتفاقا لوقف إطلاق النار قيد المناقشة، بعدما قالت قطر إن جهود الوساطة مستمرة، قال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي إن أهداف الحرب لم تتغير.
وأضاف أنها "تدمير قدرات حماس الإدارية والعسكرية في قطاع غزة وإعادة جميع الرهائن... لن نتوصل إلى اتفاق لإطلاق النار يبقي الرهائن في غزة وحماس في السلطة".
وأحجم ليفي عن الخوض في تفاصيل بشأن الجهود المبذولة لتحرير الرهائن الذين نقلوا إلى غزة في أعقاب الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول والذي تقول إسرائيل إن الحركة ومسلحين آخرين قتلوا فيه نحو 1200 إسرائيلي. وقال ليفي إن أرواحا على المحك.
* الطرق مغلقة في وجه المدنيين
سقط الجنود القتلى مع شن القوات الإسرائيلية أكبر عملية خلال شهر للسيطرة على المناطق المتبقية من مدينة خان يونس والتي تؤوي مئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين.
وقال الجيش إن قواته "نفذت أمس عملية واسعة النطاق طوقت خلالها خان يونس".
وأضاف "شاركت القوات البرية في قتال عن قرب ووجهت ضربات واستخدمت معلومات مخابراتية لتنسيق إطلاق النار مما أدى إلى تصفية عشرات الإرهابيين".
وأغلقت الدبابات الإسرائيلية، التي تتقدم غربا باتجاه البحر المتوسط، آخر طريق باتجاه الساحل يوم الثلاثاء مما حجب طريق الهرب أمام المدنيين الذين يحاولون الوصول إلى رفح، وهي آخر مدينة بالطرف الجنوبي من قطاع غزة والتي يتكدس فيها الآن أكثر من نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
وقال شعبان (45 عاما)، وهو مهندس كهربائي وأب لأربعة أطفال، عبر الهاتف "أحاول المغادرة إلى رفح لكن الدبابات أصبحت الآن قريبة جدا من الساحل وتطلق النار باتجاه الغرب".
ووفقا لمسؤولي الصحة الفلسطينيين، قُتل 195 فلسطينيا على الأقل خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية ليترفع العدد الإجمالي الموثق إلى 25490 مع مخاوف من وجود آلاف القتلى تحت الأنقاض.
* مستشفى محاصر
قال مسؤولون فلسطينيون إن القوات الإسرائيلية المتقدمة حاصرت المستشفيات مما جعل من المستحيل الوصول إلى القتلى والجرحى.
وفي المستشفى الأوروبي في خان يونس، أحضر رجل يدعى عاهد مسمح خمس جثث على مرتبة فوق عربته التي يجرها حمار.
وقال "وجدتهم قتلى في الشارع... فعلت خيرا وأحضرتهم".
وجرى دفن جثث في أرض مستشفى ناصر في خان يونس لأن الذهاب إلى المقابر غير آمن.
وأظهرت لقطات صورها الصحفي الفلسطيني حمدان الدحدوح إطلاق نار مستمر يصيب سطح المبنى الرئيسي بالمستشفى.
وكتب الدكتور محمود أبو شمالة عبر صفحته على فيسبوك (NASDAQ:META) "أنا الآن محاصر في مستشفى ناصر وحياتي معرضة للخطر بشكل كبير، ورائحة الموت التي لا أعرف رائحة غيرها تفوح وتذوي في كل مكان... عشت كالبطل في هذه المعركة وإن مت سأموت كالأبطال".
وقال مسؤولون فلسطينيون إن القوات الإسرائيلية اقتحمت مستشفى آخر في خان يونس، وهو مستشفى الخير، واعتقلت العاملين فيه.
وتعذر الوصول إلى مستشفى الأمل، الذي يديره الهلال الأحمر الفلسطيني. وقال الهلال الأحمر إن قذيفة دبابة أصابت مقره في الطابق الرابع، وقُتل مدني عند المدخل، وكانت القوات الإسرائيلية تطلق النار من طائرات مسيرة على أي شخص يتحرك بالقرب من المكان، مما يجعل إرسال سيارات إسعاف لمنطقة خان يونس بأكملها مستحيلا.
وتقول إسرائيل إن مقاتلي حماس يعملون في المستشفيات وحولها، مما يجعلها أهدافا مشروعة لها. وينفي العاملون في المستشفيات وحماس ذلك.
وقال فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في بيان "الموظفون والمرضى والنازحون المذعورون محاصرون الآن داخل المستشفيات القليلة المتبقية في خان يونس مع استمرار القتال العنيف".
وأضاف أن ستة نازحين قتلوا وأصيب كثيرون في أحد أكبر الملاجئ التي تديرها الأمم المتحدة في خان يونس.
وقال لازاريني "أدعو جميع الأطراف إلى اتخاذ كل الاحتياطات اللازمة لتقليل الضرر وحماية المدنيين والمرافق الطبية والعاملين ومباني الأمم المتحدة وفقا للقانون الدولي".
ولم يرد الجيش الإسرائيلي حتى الآن على طلب للتعليق.
* جنازات الجنود
احتفل الفلسطينيون بالخسائر الإسرائيلية واعتبروها انتصارا.
وقال أبو خالد الذي لجأ إلى مدرسة في دير البلح، إحدى المناطق القليلة التي لم تقتحمها القوات الإسرائيلية بعد "المقاومة قالت إنها راح تخلي غزة مقبرة للمحتل وهياته بيصير هيك".
وأضاف "كل ما طولوا هنا كل ما إحنا عانينا بس برضه كل ما هم عانوا أكتر كمان".
في هذه الأثناء شيعت أسر وأصدقاء الجنود القتلى جثامينهم في جنازات بأنحاء إسرائيل. وكانت النعوش ملفوفة بعلم إسرائيل والحزن باديا على المشيعين.
وأدلى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي بتصريح أذاعه التلفزيون بعد زيارته لموقوع الانفجار.
وقال "اليوم نشعر بالثمن الباهظ والمؤلم للحرب لكن الحرب التي نخوضها الآن بالغة الأهمية وعادلة".
وذكر سامي أبو زهري رئيس الدائرة السياسية لحركة حماس في الخارج أن الخسائر الإسرائيلية دليل على أن الجناح المسلح لحماس يزداد قوة، وأن "الهدف الأمريكي والإسرائيلي للقضاء على حماس أو إضعافها غير ممكن".
وقال في اتصال هاتفي من مكان لم يكشف عنه "لذلك ندعو الإدارة الأمريكية للتوقف عن سياسة العبث والتوقف عن الرهان على إضعاف حماس أو القضاء عليها".
وأضاف "بدلا من ذلك على الإدارة الأمريكية أن تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني في الحرية وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة".
ورغم أن الحرب لا تزال تحظى بتأييد شعبي ساحق في إسرائيل، بدأ السخط ينشأ من استراتيجية نتنياهو الملتزمة بالقضاء على حماس تماما لكن لا يوجد مناقشات واضحة عما سيحدث بعد ذلك.
ويتعهد نتنياهو علنا منذ الأسبوع الماضي بعدم السماح بإقامة دولة فلسطينية مستقلة أبدا ليتنصل بذلك عن السياسة التي تنتهجها الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، في الشرق الأوسط منذ عقود.
(شارك في التغطية بسام مسعود من غزة وآري رابينوفيتش وكيت هولتون في القدس - إعداد نهى زكريا ومحمد علي فرج للنشرة العربية - تحرير دعاء محمد)