من نضال المغربي وميشيل كامباس
لارنكا (قبرص)/القاهرة (رويترز) - أقلعت سفينة تحمل نحو 200 طن من الأغذية من ميناء في قبرص يوم الثلاثاء في تجربة أولى لتدشين طريق بحري جديد لنقل مساعدات إلى سكان قطاع غزة الذين تقول وكالات إغاثة إنهم على شفا مجاعة، بعد خمسة أشهر من الحرب.
وعلى الرغم من الترحيب بالمشروع، قال مسؤولون بارزون في الأمم المتحدة إنه لا يعوض نقل المساعدات الإنسانية برا من مصر والأردن. وقال برنامج الأغذية العالمي يوم الثلاثاء إنه تمكن من إدخال أول قافلة مساعدات إلى مدينة غزة في شمال القطاع منذ 20 فبراير شباط.
وشوهدت سفينة الإنقاذ أوبن آرمز تبحر من ميناء لارنكا في قبرص وتسحب بارجة تحمل الطحين (الدقيق) والأرز والبروتينات. ويأتي معظم تمويل هذه المهمة من الإمارات، وتنظمها مؤسسة وورلد سنترال كيتشن ومقرها الولايات المتحدة.
وتستغرق الرحلة إلى غزة نحو 15 ساعة، لكن ربما تستغرق رحلة سفينة القطر الثقيل وقتا أطول بكثير قد يصل إلى يومين. وتبعد قبرص ما يزيد قليلا على 320 كيلومترا إلى الشمال الغربي من غزة.
وقال الجيش الأمريكي إن السفينة (جنرال فرانك إس. بيسون) التابعة له في طريقها أيضا لإيصال مساعدات إنسانية إلى غزة عن طريق البحر. وقال أيضا إنه أنزل مساعدات جوا على شمال غزة يوم الثلاثاء بالتعاون مع القوات الجوية الأردنية.
وتحول الاهتمام نحو طرق بديلة منها البحر والإسقاط الجوي للمساعدات في ظل حديث وكالات الإغاثة عن أن تسليم الإمدادات إلى غزة يواجه عراقيل بيروقراطية وانعدام الأمن منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر تشرين الأول.
وقال ماجد الأنصاري المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية يوم الثلاثاء إن المفاوضين يسعون إلى التوصل لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) التي تدير قطاع غزة، لكنهم لم يقتربوا بعد من إبرام اتفاق.
* مرسى الوصول
ومع الافتقار إلى البنية التحتية للموانئ، قالت مؤسسة وورلد سنترال كيتشن إنها تقوم ببناء رصيف ميناء في غزة بمواد من المباني المدمرة والأنقاض. وهذه مبادرة منفصلة عن خطة أعلنها الرئيس الأمريكي جو بايدن الأسبوع الماضي لبناء رصيف مؤقت في غزة لتسهيل توصيل المساعدات عن طريق البحر.
وقال خوسيه أندريس مؤسس وورلد سنترال كيتشن في منشور على إكس إن بناء الرصيف "يجري على قدم وساق".
وقال خوان كاميلو خمينيث مدير التشغيل في ورلد سنترال كيتشن لرويترز إن سفينة ثانية ستغادر في الأيام القليلة المقبلة.
وتقول وكالات إغاثة إن مثل هذه الجهود لا توفر إلا إغاثة محدودة ما دامت إسرائيل تغلق تماما معظم المعابر البرية إلى القطاع الفلسطيني الساحلي.
وعبر بعض من سكان غزة عن شكوكهم في وصول مساعدات بحرا وعن قلقهم من أن تصبح بديلا للشحنات البرية.
وقال جهاد أسعد وهو فلسطيني نازح من خان يونس وسط قطاع غزة "برأيي الشخصي أن هذا الميناء سيُنشأ لهدف ما لا نعرفه نحن كمواطنين فلسطينيين. اعتقد أن المعابر البرية الموجودة في قطاع غزة تكفي لإدخال المساعدات لقطاع غزة وإطعام الجائعين في شمال قطاع غزة وجنوبه. لكن اعتقد أن الميناء، أنا ليس محلل سياسي، له أهداف سياسية ليست معروفة لنا كمواطنين فلسطينيين ولدي استفهام كمواطن فلسطيني: من الذي سيتسلم المساعدات من الميناء ويوزعها على العامة؟"
وتقول إسرائيل إنها ليست مسؤولة عن المجاعة في غزة لأنها تسمح بمرور المساعدات عبر معبرين عند الحد الجنوبي للقطاع. وتقول وكالات الإغاثة إن هذا لا يكفي للحصول على إمدادات كافية، خاصة إلى الجزء الشمالي من القطاع المعزول فعليا.
وتعليقا على تسليم المساعدات يوم الثلاثاء إلى شمال قطاع غزة، قالت شذى المغربي المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي إن البرنامج تمكن أخيرا من توصيل مساعدات غذائية تكفي 25 ألف شخص إلى مدينة غزة في الساعات الأولى من هذا الصباح، مضيفة أن هذا يثبت أن نقل الغذاء عن طريق البر لا يزال ممكنا.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن عدد الفلسطينيين الذين توفوا بسبب الجفاف وسوء التغذية في الأسبوعين الماضيين وصل إلى 27 شخصا بعد وفاة اثنين يوم الثلاثاء.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو ربع سكان قطاع غزة يواجهون خطر المجاعة خاصة.
وقال يامن، وهو أب لأربعة أبناء لجأت أسرته إلى دير البلح في وسط قطاع غزة "الأوضاع على الارض وبين النازحين كثير صعبة، لي من الصبح بلف في السوق والأسعار أكتر من قدرة الناس أنهم يدفعوا".
وأضاف "احنا بنواجه نوعين من التجويع، الأكل قليل ونادر والموجود بينباع بأسعار لا تصدق، شي خيالي".
* إطلاق نار
أدى الصراع إلى نزوح معظم سكان غزة وحدثت وقائع فوضوية أثناء توزيع مساعدات حين تدافع جموع من الجياع للحصول على الغذاء.
أعلن مسؤولو صحة فلسطينيون يوم الثلاثاء أن تسعة فلسطينيين قتلوا وأصيب العشرات بنيران إسرائيلية عندما تجمهر السكان انتظارا لشاحنات المساعدات في دوار الكويت بمدينة غزة. ولم تصدر إسرائيل أي تعليق عن الواقعة حتى الآن.
وتقول إسرائيل إن الهجوم الذي شنه مقاتلو حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) التي تدير قطاع غزة في السابع من أكتوبر تشرين الأول على إسرائيل أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة.
وتقول السلطات في غزة إن الحملة العسكرية الانتقامية الإسرائيلية أسفرت حتى الآن عن مقتل 31184 فلسطينيا على الأقل وإصابة 72889 آخرين.
وتقول إسرائيل إن أي وقف لإطلاق النار يجب أن يكون مؤقتا وإن هدفها يظل تدمير حماس. وتقول حماس إنها لن تطلق سراح الرهائن إلا في إطار اتفاق ينهي الحرب.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مجددا يوم الثلاثاء إن إسرائيل ستمضي قدما في حملتها العسكرية على رفح في الطرف الجنوبي من غزة حيث يلجأ قرابة 1.5 مليون شخص.
وأضاف نتنياهو في كلمة عبر الفيديو أمام مؤتمر للجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك) في واشنطن "سننهي المهمة في رفح بينما سنمكن السكان المدنيين من الابتعاد عن طريق الأذى". ولم يذكر أين يمكن أن يذهب المدنيون.
وحذر مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إسرائيل من الإقدام على خطوة مثل هذه. وقال إن الرئيس جو بايدن يرى أن الطريق إلى السلام والاستقرار في المنطقة "لا يكمن في اجتياح رفح التي يوجد بها 1.3 مليون نسمة دون وجود خطة يمكن الوثوق بها للتعامل مع السكان هناك".
(شارك في التغطية ميشيل كامباس وستاموس بروساليس ويانيس كورتوجلو - إعداد أميرة زهران ومروة سلام ومحمد علي فرج ومحمد حرفوش للنشرة العربية - تحرير محمود سلامة)