من دعاء روقة
غزة (رويترز) - بعد أن انسحبت القوات الإسرائيلية من خان يونس بقطاع غزة، استقر عزم أفراد عائلة النجار على مواجهة مصاعب ربما تكون أكثر مشقة مما شهدوه من قبل. وحين عادوا إلى مدينة غزة، وجدوا أن منزلهم قد دكه القصف الإسرائيلي في الحرب ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وبعد أن شاهدوا ما نال منزلهم من دمار، علموا أنهم سيواجهون مزيدا من المجهول الناجم عن الصراع الدائر منذ أكثر من ستة أشهر من دون بادرة في الأفق على وقف لإطلاق النار في الوقت الذي تضغط فيه الأزمة الإنسانية على السكان الذين قد يجدون أنفسهم بين براثن مجاعة.
وقالت أم إياد النجار إن الأسرة ستنصب خيمة بعدما كانت تعيش في منزل مريح مع زوجها وابنتها وأحفادها.
وقالت "أنا بأعمل لي خيم وأقعد فيها. وين نقعد إهنه (هنا)... انت عارف (الخيم) على بعضنا وكلها حر، في النهار نار وفي الليل تلج... ايش يعني شعورنا هناك لا أكل ولا ميه زي الناس ولا صحة زي الناس."
وأضافت "وضعنا هناك يعني في الخيم والناس يعني إشي غريب.. كلهم غريبين اللي حوالينا يعني مبتلاقيش قرايب نقعد مع بعضنا ونتحدث... يعني كل حاجة اتدمرت، الحمد لله. هنضل قاعدين زي هيك نقعد قدام بيتنا ونضل قاعدين.. وقرايبنا كتيرهم ماتوا... ما في عيد يا خالة... فيش بيت إلا فيه جريح، فيش بيت إلا فيه شهيد".
وبدأ الصراع بعد أن اقتحمت حماس التي تدير قطاع غزة جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول وقتلت 1200 شخص واقتادت أكثر من 200 رهينة إلى غزة، وفقا للإحصائيات الإسرائيلية.
وردت إسرائيل التي تعهدت بالقضاء على حماس بقصف متواصل للقطاع أدى إلى مقتل أكثر من 33 ألف شخص، وفقا للسلطات الصحية في غزة.
وتعرضت خان يونس لقصف إسرائيلي في الأشهر القليلة الماضية.
وقالت إسرائيل يوم الأحد إنها سحبت مزيدا من جنودها من جنوب قطاع غزة ولم يتبق منهم سوى لواء واحد.
وقلصت إسرائيل عدد قواتها في غزة منذ بداية العام لتخفيف الضغط على جنود الاحتياط في وقت تتعرض فيه لضغوط متزايدة من حليفتها الكبرى واشنطن لتحسين الوضع الإنساني خاصة بعد مقتل سبعة من عمال الإغاثة في منظمة ورلد سنترال كيتشن الأسبوع الماضي.
وقالت سلطات غزة إنها عثرت على أكثر من 60 جثة في خان يونس منذ مغادرة القوات الإسرائيلية بعد أن ظلت هناك بضعة أشهر.
وتحول جزء كبير من قطاع غزة، وهو أحد أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في العالم، إلى أنقاض. وتحولت الأحياء إلى أرض قاحلة ليتساءل كثير من الفلسطينيين عما إذا كانوا سيقدرون على إعادة بناء منازلهم.
وقال إبراهيم النجار، زوج أم إياد، إنه كان يعدد النعم طوال حياته في غزة التي كانت، في ظل فقرها، مفعمة بالحياة بما فيها من مطاعم ومستشفيات ومدارس.
وسحق الصراع كثيرا من معالم الحياة في القطاع مما دفع الأسر إلى اللجوء إلى مدارس أو خيام. وأصبح العثور على الطعام صراعا يوميا.
وقال "طول عمري وأنا قاعد مبسوط والخير كتير والحمد لله، ما خلوا لنا لا وراءنا ولا قدامنا".
وأضاف "كان عندنا غنم، كان عندنا بقر كله راح... 250 خروف غير البقر والعجول وكنا ندبح ونبيع لحم وناكل لحم...والله أنا عندي داري أحسن من كل الدنيا... عشت هنا وهاموت هنا".
(إعداد محمد حرفوش للنشرة العربية - تحرير معاذ عبدالعزيز)