التناقض الحاد بين تدهور الاقتصاد السوري وإستقرار العملة النسبي أثار تكهنات في أوساط المراقبين على رجوع ذلك إلى فرضيتين استراتيجيتين اما أن تكون إيران، حليف سوريا الغنى بالنفط، قد ضخت كميات ضخمة من الاموال في الاقتصاد السوري أو إستنزاف دمشق بسرعة لاحتياطياتها من العملات الأجنبية.
ويرى الإقتصاديون والمحللون أن الاقتصاد السوري عموما وسوق الأوراق المالية وقطاع السياحة الصحية والاستثمار الأجنبي قد إنهارت بأكملها. ويبدو أن الإستنزاف النقدي مع التدفق النقدي إلى لبنان قد خدم طويلا كقناة للشؤون المالية السورية.
لكن الليرة السورى ظلت قوية وصامدة كما كانت قبل الإنتفاضة ضد الرئيس السوري بشار الأسد قبل خمسة أشهر.
وقد حيّر ذلك التناقض بين ترنح الإقتصاد وإستقرار العملة، والذي لا يزال حيويا لإبقاء الطبقة العاملة التجارية في البلاد ركيزة لدعم النظام الحاكم، بعض المراقبين مما أدى الى تكهنات حول احتمال تدفق نقدي.
وقال دبلوماسى غربي فى بيروت، يتابع عن كثب الإقتصاد السوري متحدثا شرط عد الكشف عن هويته، "لديك إنهيار الصادرات وإنهيار الإستثمارات الأجنبية المباشرة. ومع حقيقة أن العملة لم تنهار فالمؤشرات تدل على تدفق الأموال إليها لكن لا أحد يعرف من أين أو كم تقدر".
والعديد من الاقتصاديين والمسؤولين يتفقون على أن آفاق سورية حتى اندلاع الانتفاضة كانت جيدة نسبيا مع توقعات شتى حول ريادة البلاد إقتصاديا بفضل الزيادة في مجال السياحة والاستثمار من ايران وشبه الجزيرة العربية والنمو التجاري مع تركيا.
ولكن بسبب الأزمة السياسية التي تجتاح البلاد فمن المتوقع أن ينكمش ناتجها المحلي الإجمالي بنحو 5% أو أكثر والذى كان متوقعا له فى وقت سابق تجاوز الأزمة الإقتصادية العالمية ان ينمو بحوالي 3%. كما انهارت السياحة والتي كانت تضخ 4 مليارات دولار سنويا ، وهو ما يعادل 12% من حجم الناتج المحلي.
وقد بدأت سوريا أيضا فى السحب الواسع من الاحتياطيات حيث يدّعي المسؤولين بلوغه 17 مليار دولار ، تراكمت عبر عقود للحفاظ على العملة الصعبة وطبقة التجار الداعمة أو على الأقل حتى يتم قمع حركة الاحتجاجات.
ورغم أن صادارت سوريا تبلغ نحو 4 مليارات دولار من النفط الخام إلا أنها تستورد النفط المكرر بما يعادل القيمة نفسها.
يذكر أنه مع اندلاع الأزمة السورية، طُلب من كل سوري دعم ليرته الوطنية، بهدف إعادة الودائع التي سُحبت من المصارف مع بداية الأزمة. واتخذت السلطات النقدية السورية إجراءات ساعدت من خلالها الحملات التي أُطلقت لدعم الليرة السورية. ويرى مصرفيون سوريون أن هذه الحملة نجحت في إنقاذ الليرة وثبتت دعائمها، لكن معارضين يرون أن الخطر لا يزال قائماً.
بدوره ، نفى مصرف سورية المركزي انه تبلغ أي أمر رسمي من النمسا حول كل ما قيل وما نشر عن العقد الموقع مع بنك نمساوي في العام 2008 لطباعة العملة السورية. ونقلت صحيفة الوطن السورية امس الاربعاء عن مصادر في المصرف المركزي' وجود أي مشكلة قانونية في العقد الموقع مع البنك النمساوي 'او بي أس' لإصدار الأوراق المالية'. وقال المصرف ان 'لديه بدائل كثيرة وعديدة والأهم أن المصرف المركزي مرتاح اليوم لوجود أوراق نقدية لديه تعادل ما هو مطروح في السوق للتداول'.
وكان المصرف المركزي بين أن 'مخزونه من الأوراق النقدية السورية يعادل الكتلة النقدية الموضوعة في التداول والتي تقارب 600 مليار ليرة سورية وعليه فإن ما أشيع عن النقص الراهن أمر بعيد تماماً عن الواقع والمصرف المركزي قادر على تلبية جميع احتياجات القطر من الأوراق النقدية'. وكان ذكر أن البنك النمساوي (او بي أس) اوقف تنفيذ عقد مع البنك المركزي السوري لطباعة أوراق مالية بسبب ما وصف بالقمع الذي تمارسه السلطات السورية ضد المحتجين. www.nuqudy.com/نقودي.كوم